كشف أحد قادة قوات الصحوة في محافظة صلاح الدين، الاثنين، أن قادة القاعدة يديرون عمليات مسلحة من داخل السجن وعبر الهاتف النقال، إضافة إلى نشاطاتهم التجارية بالاتفاق مع عناصر شرطة السجن، فيما طالب أحد ضباط التحقيق بإجراء عملية تشويش على محيط السجن، لمنع الاتصال الهاتفي.
ويقول القيادي في الصحوة لـ\"السومرية نيوز\"، إنه \"قضى عدة أشهر في السجن المركزي بمدينة تكريت، مركز المحافظة، والذي يحتوي على عشر قاعات كبيرة، يتواجد فيها 800 معتقل، غالبيتهم من قيادات تنظيم القاعدة، الذين صدرت بحقهم أحكام مختلفة، منها الإعدام أو السجن المؤبد ومن ضمنهم شخص يعتبر الأمير الديني والسياسي للجماعات المسلحة داخل السجن، يدعى أبو الحارث.
ويضيف القيادي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن \"معتقلي تنظيم القاعدة يسعون إلى استثمار فترة السجن باتجاهين، الأول تنظيمي والثاني مادي من خلال العمل التجاري\".
وبخصوص الشق التنظيمي يوضح القيادي أن \"عناصر القاعدة يعينون في كل قاعة مسؤولاً يرتبط بالأمير وهو حلقة الوصل لنقل التعليمات والفتاوى\"، مؤكداً أن \"مسلحي التنظيم قاموا بإدارة عمليات مسلحة من داخل السجن بواسطة الهاتف النقال، عبر خلاياهم النائمة في بعض المناطق\"، مبيناً أنه عرف منهم بأن \"الانفجار الذي استهدف مدير الشؤون في شرطة مدينة بيجي المقدم حسين علوان بسيارة مفخخة قبل نحو شهرين، جرى التخطيط له وإدارته من داخل السجن\".
ويضيف القيادي أن \"أبو الحارث أكد له أن الخلل الكبير الذي وقع في تنظيم القاعدة بالعراق، بعد تولي قيادات عربية للعمليات العسكرية، يتمثل في أن هؤلاء ينفذون أجندات خارجية، ولا يكترثون للخسائر الناجمة عن أوامرهم وأفعالهم\"، مؤكداً أن \"عناصر القاعدة في السجن عادة ما يراجعون العمليات المسلحة التي قاموا بها ويقيمون الربح والخسارة فيها، وأحيانا يلومون أنفسهم على بعضها\".
أما استثمار السجن من ناحية تجارية، فيقول القيادي بشأنه إن \"العمل التجاري بين السجناء يجري تقريباً باتفاق عناصر القاعدة مع الشرطة، في مجال بيع السجائر وبطاقات شحن الهواتف النقالة\".
ويوضح القيادي أن \"الشرطة تمنع دخول السجائر مثلاً، بينما يحصل عليها السجين من مسلحي تنظيم القاعدة السجناء، ويبيعونها بالسوق السوداء، حتى وصل سعر علبة السجائر من نوع أسبين إلى 65 ألف دينار\".
وفي إحدى المرات، كما يقول القيادي، وصل سعر رزمة السجائر، التي تحوي عدة علب إلى 300 ألف دينار، فضلا عن الأسعار الخيالية للاتصال بالهاتف الخلوي، حيث يصل سعر الدقيقة الواحدة إلى 2000 دينار، وتجارة كهذه جعلت أحد السجناء يعطي زوجته مبلغ مليون دينار كأرباح من العمل التجاري داخل السجن.
ويضيف القيادي أن \"حياة المسلحين داخل السجن تبدو طبيعية نوعا ما، وأحيانا جيدة، حيث أنهم يحاولون بناء علاقة طيبة مع سجانيهم، ويتبادلون معهم المنافع، خصوصا في مجال العمل التجاري داخل السجن\".
وفي شأن آخر، يبدي القيادي في الصحوة دهشته واستغرابه من \"المعاملة الحسنة التي تلقاها من الأمير أبو الحارث وأتباعه، متهما الأجهزة الأمنية بأنها كانت تحاول \"التخلص منه لاعتقادهم أن القاعدة ستعزرني (تعذبني) أو تقتلني مع أخوتي الثلاثة المعتقلين معي، لكنهم (القاعدة) تصرفوا بالعكس وأكرموني، وكأنهم يقولون للشرطة لن تفلحوا في جرنا إلى الانتقام\"، بحسب قوله.
ويبين القيادي، أثناء وجوده بمنزله جنوب تكريت أن \"أبو الحارث كان يصدر توجيهاته لأتباعه في باقي القاعات لتقديم العون لي، وكأنهم يريدون بناء علاقة جيدة مع أعدائهم، على عكس أفراد القوات الأمنية، الذين يخلقون الأعداء بتصرفاتهم وتعسفهم واعتمادهم على معلومات المخبر السري غير الدقيقة\".
ويؤكد القيادي أن \"أمير القاعدة (أبو الحارث) يدير شؤون المسلحين داخل السجن، بشكل مركزي، حتى أنه أفتى بجواز إفطاري بسبب مرضي، كما أنه كتب لهم ورقة تؤكد فتواه بإعفائي من الصيام خلال فترة السجن، التي تزامنت مع شهر رمضان\".
من جهته، يرى المحلل السياسي نصيف العبد أن \"مسلحي تنظيم القاعدة يعتقدون بأنهم عائدون، ولهذا فهم يحاولون مد جسور مع المجتمع الذي يتابعهم، سواء في الشرطة أو الصحوة\".
ويضيف العبد في حديث لـ\"السومرية نيوز\"، أن \"المسلحين يريدون طمأنة بعض الأطراف لكي ينقضوا عليها بعد تمكنهم من ذلك\"، مؤكداً أن \"أسلوب الاحتواء ربما يعطي نتائج أفضل من المواجهة بالنسبة لهم\".
من جهته، يعرب القيادي في قوات الصحوة بالمحافظة نجم أبو نمر عن اعتقاده أن مسلحي تنظيم القاعدة قد يعودون وتحت مسميات مختلفة، خصوصا وأنهم باتوا ينظرون إلى قضيتهم بأنها سياسية، بسبب الخلط بين الإرهاب والعمل القتالي الجهادي ضد القوات الأميركية\".
ويضيف أبو نمر في حديث لـ\"السومرية نيوز\"، أن \"الحكومة المقبلة ربما ستتعامل مع المسلحين كما تعاملت الحكومة الحالية مع ملف مليشيا جيش المهدي الموالي لرجل الدين مقتدى الصدر\"، متوقعاً \"عودة المسلحين لأن الأحكام القضائية لم تنفذ بحقهم، وأن ما يجري هو تكديسهم في السجون، فيما تدير الحكومة ظهرها لقوات الصحوة الذين يعاني بعضهم من قسوة الحياة وقلة العمل، وربما سيكونون صيدا ثمينا للجماعات المسلحة\"، كما توقع حدوث \"ثورة جياع\"، بحسب تعبيره، بسبب إهمال عناصر الصحوات.
وبشأن المعاملة الحسنة من قبل عناصر القاعدة لأحد معتقلي الصحوة لفت أبو نمر إلى أن \"بعض عناصر قوات الأمن يخلق الأعداء، لكن تنظيم القاعدة يخطط للاستفادة من أخطائه، ويحاول جذب الناس مجددا\"ً، معربا عن اعتقاده بأن \"القاعدة تنمو في السجن، ويعيش أفرادها بوضع مريح فبعضهم يرفض السباحة بدون وجود نوع خاص من الصابون والشامبو وكأنه في فندق مرموق\".
بدوره، يؤكد أحد ضباط الشرطة المشرفين على التحقيق بمحافظة صلاح الدين \"عدم ارتياحه لتوفر الهواتف النقالة بين المعتقلين\".
ويستدرك الضابط في حديث لـ\"السومرية نيوز\"، أن \"احترام حقوق الإنسان أمر ضروري ولكن الأمر يحتاج إلى المراقبة خوفاً من سوء التصرف\"، مؤكداً \"وجود علاقات تبدو طيبة بين المعتقلين وبعض عناصر الشرطة، مما يفتح باباً للفساد الإداري\".
ويشير الضابط الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى أنه \"يحق لذوي المعتقلين زيارتهم مرة واحدة في الشهر، كما أن المسؤول عن السجن يقوم بعقد لقاءات مع المعتقلين، بهدف إلقاء محاضرات إصلاحية\"، مبينا أن \"إدارة السجن قامت مؤخرا بعملية بحث عن الهواتف النقالة وصادرت أكثر من 30 جهازا، كما توجد كاميرات مراقبة لرصد أي مخالفة تحدث داخل السجن\".
ويطالب الضابط بـ\"إجراء عملية تشويش في محيط السجن لمنع الاتصال الهاتفي\"، مضيفا أن \"إدارة السجن سمحت لبعض المعتقلين، من ذوي المهن بمزاولة أعمال بسيطة داخل السجن كعمل الحلويات، لكسب أموال تخدم أسرهم الفقيرة، وأن حجم الفائدة من تلك الأعمال قليلة\".
يذكر أن مدينة تكريت شهدت العام الماضي هروباً جماعياً من سجن مكافحة الإرهاب، حيث تمكن 16 من سجناء القاعدة الخطرين من الفرار، بطريقة غريبة ومثيرة، إلا أن القوات الأمنية تمكنت من قتل اثنين واعتقال ثلاثة عشر منهم.
أقرأ ايضاً
- وزارة الداخلية تحدد 6 جهات التي تؤدى لها التحية العسكرية
- وزارة الداخلية تحدد 6 جهات التي تؤدى لها التحية العسكرية
- السوداني يوجه بسرعة إنجاز محطة كهرباء الأنبار المركبة وفق المواصفات المطلوبة