- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
في مَفهُومِ المُواطَنَةِ![القِسمُ الأَوَّل]
نــــــــــــــــــــزار حيدر
إِذا أَردتَ أَن تعرفَ كم هي المسافةُ بين الدَّولة، أَيَّة دولة، ومفهوم المُواطنة، فما عليكَ إِلَّا أَن تبحثَ في حقيقةِ المعايير التَّالية، وما إِذا كانت موجودة على أَرض الواقع أَم أَنَّها مسحوقةٌ بشَكلٍ مُنظَّمٍ؛
أَوَّلاً؛ القانون؛
١/ هل يوجدُ قانونٌ أصلاً؟! أَم أَنَّهُ حِبرٌ على وَرقٍ؟! أَم أَنَّ الفوضى تضرِب بأَطنابِها في كلِّ مفاصلِ الدَّولةِ والمُجتمع؟! أَم أَنَّ قانون العشيرة والحزب والمُعمَّم فَوْقَ قانون الدَّولة؟!.
٢/ وما إِذا كانَ القانونُ فَوْقَ الجميع من دونِ استثناءٍ؟! أَم أَنَّهُ فَرَجٌ ورحمةٌ للكبارِ والمُتنفِّذين والأَقوياء والمحمييِّن والمدعُومين وشِراكٌ وشِباكٌ لاصطيادِ الضُّعفاء والمساكين؟!.
يَقُولُ رَسُولُ الله (ص) {إِنَّما أُهلِكَ مَن كان قَبلكُم أَنَّهم كانُوا إِذا سَرَق فيهِمُ الشَّريف [المَدعُوم] تركُوهُ، وإِذا سرَقَ فيهِمُ الضَّعيف [غَير المدعُوم] أَقامُوا عليهِ الحدَّ}.
أَمَّا أَميرُ المُؤمنينَ (ع) الذي سعى لإِعادةِ معيارِ المُواطنةِ النَّبوي الى أَرضِ الواقعِ، فيقولُ {وَأَنْ تُكُونُوا عِندِي فِي الْحَقِّ سَوَاءً} فلا أَحدَ فَوْقَ القانون مهما كانَ قُربهُ مِن الحاكمِ {وَ وَاللهِ لَوْ أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فعَلاَ مِثْلَ الَّذِي فَعَلْتَ، مَا كَانَتْ لَهُمَا عِنْدِي هَوَادَةٌ، وَلاَ ظَفِرَا مِنِّي بَإِرَادَة، حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُمَا، وَأُزِيحَ الْبَاطِلَ عَنْ مَظْلَمَتِهِمَا}.
ثانياً؛ تكافُؤ الفُرص؛
١/ هل تخلقُ الدَّولةُ فُرصاً للنَّاسِ أصلاً؟! في التَّعليمِ والعمَل والمُشاركة بالشَّأن العام وتسنُّم المناصبِ والمواقعِ في إِطار التَّنافُس الحقيقي لتحقيقِ مبدأ [الرَّجُل المُناسبِ في المكانِ المُناسبِ]؟!.
٢/ واذا كانت تفعلُ ذَلِكَ فهل هي متاحةٌ لكلِّ المُواطنين؟! أَم أَنَّها محجوزةٌ لفِئةٍ دُونَ أُخرى؟!.
أَم أَنَّها تفتحُ النَّوافذ الإِليكترونيَّة للتَّقديمِ العامِّ للتَّنافُسِ على موقعٍ ما فينتهي الأّمرُ إِلى أَن يتمَّ التَّعيينِ بالغُرفِ المُظلمةِ وتحتَ الطَّاولةِ وبتوصياتٍ خاصَّةٍ! كما حصلَ ذَلِكَ مؤَخَّراً في إِحدى المُلحقيَّات العسكريَّة العراقيَّة في [عاصمةٍ عربيَّةٍ] عندما نشرت إِعلاناً على صفحتِها الرسميَّة عن حاجتِها لموظَّفٍ محلِّيٍّ! ليتمَّ تعيينِ واحدٍ [مدعومٍ] من بغداد بتوصِيةٍ خاصَّةٍ! وهو لم يُقدِّم أَساساً على الوظيفةِ!.
٣/ وأَنَّ من أَوَّلِ علاماتِ تكافُؤ الفُرص هي عدم وجودِ المُحاصصةِ! لأَنَّهما على طَرفَي نقيضٍ لا تُجمَعُ!.
إِنَّ المُحاصصةَ حجزٌ مُسبقٌ للفُرص المُتاحة! أَمَّا التَّكافُؤُ فحجزٌ للفُرصِ نتيجةَ تنافُسٍ حقيقيٍّ في إِطارِ معاييرَ وضوابط مُحدَّدة مُتاحةٌ للجميعِ بِلا استثناءٍ!.
المُحاصصةُ إِستئثارٌ للفُرصِ لا تستقيمُ مَعَ التكافُؤ! يَقُولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) مُحذِّراً ومتوعِّداً {وَإيَّاكَ وَالاْسْتِئْثَارَ بِمَا النَّاسُ فِيهِ أُسْوَةٌ}.
والمُحاصصةُ ضدَّ الإِنصاف التي وردَ فيها عن رَسُولِ الله (ص) {مَن لا إِنصافَ لَهُ لا دينَ لَهُ} والتي يوصي بها أَميرُ المُؤمنينَ (ع) الحاكم بقولهِ في عهدهِ للأَشترِ لمَّا ولَّاهُ مِصْرَ {أَنْصِفِ اللهَ وَأَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ، وَمِنْ خَاصَّةِ أَهْلِكَ، وَمَنْ لَكَ فِيهِ هَوىً مِنْ رَعِيَّتِكَ، فَإِنَّكَ إِلاَّ تَفْعَلْ تَظْلِمْ، وَمَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللهِ كَانَ اللهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ، وَمَنْ خَاصَمَهُ اللهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ، وَكَانَ لله حَرْباً حَتَّى يَنْزعَ وَيَتُوبَ}.
والإِنصافُ يجب أَن يشمِلَ النَّاسَ وليس فئةً دُونَ أُخرى، وهذا هو مفهوم المُواطنةِ، على اعتبارِ أَنَّ الفُرصَ واقتناصها واغتنامها حقٌّ للنَّاسِ كلَّ النَّاسِ وليسَ لحفنةٍ دُونَ غيرِها!.
وصدقَ الله تعالى الذي قَالَ {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}.
٢٠ تشرِينُ الثَّاني ٢٠١٨
لِلتَّواصُل؛
E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com