- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المرجعية العليا ..وخارطة الطريق لـ"عادل عبد المهدي"!.
بقلم: نجاح بيعي.
مع تزايد أصوات الفرقاء السياسيين المُطالبة بالتعرف على البرنامج الحكومي للمُكلف لرئاسة مجلس الوزراء "عادل عبد المهدي" , تكون قد خفّت حدّة موجة إعلام السياسي التي تكهنت بأسماء الكابينة الوزارية للحكومة المُقبلة , التي وصل الأمربالبعض منهم الى تكذيب البعض الآخر ببيانات رسمية وبلا خجل. كما كانت قد علت هذه الموجة على سابقتها التي ادّعى أبطالها كذبا ً وزورا ً بأن "عبد المهدي" هو مرشح المرجعية العليا.
كما أن المنطق يسوقنا الى الإعتقاد الجازم بأن لرئيس مجلس الوزراء القادم (برنامج حكومي) شأنه شأن أي حكومة تتشكل بعد انتخابات ديمقراطية (أو هكذا يُفترض أن تكون) , وهذا البرنامج كفيل لأن يرسم السياسة العامة للدولة ولجميع مؤسساتها من خلال النهوض بعمل الحكومة لأربع سنوات قادمة. المنطق أيضا ً يسوقنا الى الإعتقاد الجازم بأن رئيس مجلس الوزارء المُكلف , لا يمكن أن يغفل ما طرحته المرجعية الدينية العليا بشأن مهام وأولويات عمل الحكومة المقبلة. وهذه المهام والأولويات هي في الحقيقة (خارطة طريق) لأنتشال العراق وشعبه من مجمل الكوارث (السياسية والإقتصادية والإجتماعية والعسكرية والأمنية.. والقائمة دائما ً تزداد باضطراد منذ عام 2003م) نتيجة سوء استخدام السلطة من قبل الحكومات المُتعاقبة والفساد المُستشري بجميع مرافق الدولة. ولا أظنه يغفل ذلك , لأن الحنكة السياسية تفرض عليه إغتنام (الفرصة الأخيرة) ليس فقط إن أراد لحكومته الدوام والنجاح والتغلب على الصعاب والمعوقات , وإنما الديمومة والسيادة على المشهد السياسي العراقي.
ـ هل طرحت المرجعية العليا فعلا ً خارطة الطريق وقلدتها رقبة رئيس الوزارء المُكلف ؟.
ـ هل هناك جهات أخرى شملتها الخارطة , كأن تكون السلطتين (التشريعية والقضائية) مثلا ً ؟.
ـ ماذا لو لم يتم العمل بتلك (الخارطة) فماذا يحصل؟.
ـ قبل الإجابة على هذه الأسئلة علينا أن نعرف عدة أمور كمقدمة ـ منها:
1ـ أن المرجعية العليا أخذت على عاتقها رعاية العملية السياسية منذ السنة الأولى للتغيير عام 2003م.وأوجبت كتابة الدستور بأيدي عراقية كما ودعت لإجراء إنتخابات عامة ضمن نظام ديمقراطيّ (يعتمد التعدّدية السياسيّة والتداول السلميّ للسلطة عبر الرجوع الى صناديق الإقتراع) لأنها الطريقة (المُثلى) لتمكين العراقيين من تشكيل حكومة وطينة ترعى مصالحه.
2ـ لا تزال المرجعية العليا عند رأيها هذا رغم مرور خمسة عشر عاما ً من الإخفاقات والأزمات المريرة والتي كادت أن تذهب بالبلد نحو شفير الهاوية. وأن التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الإقتراع يعد اليوم خيارا ً صحيحا ً لا مناص منه. بل مناسبا ً لـ(حاضر البلد ومستقبله) لأنه المُنجي من الوقوع (في مهالك الحكم الفردي والنظام الاستبدادي تحت أيّ ذريعة أو عنوان).
3ـ إن المرجعية العليا حينما تُبدي رأيا ً ما في الشأن السياسي أو في غيره , إنما ينطلق ذلك من مقامها وموقعها الديني الإرشادي الرفيع , ورصيدها الإجتماعي الكبير لدى عموم الشعب العراقي. فوصاياها وإرشاداتها وآرائها لا على نحو الإملاء أوالجبر أوسلب الإرادة.
4ـ أن المرجعية العليا تُبدي رأيها وتتدخل (في المنعطفات المهمة في حياة الشعب) العراقي. واليوم يعيش العراق إرهاصات تشكيل الحكومة الجديدة , لذا جاء تحذيرها الغير مسبوق والذي سبق الجميع بأن سيكون للمشهد السياسي وجه آخر مختلف تماما ً في حال أخفق الجميع في ذلك.
5ـ أن خارطة الطريق المرجعية العليا تلك تأتي ضمن المسار الإصلاحي الضروري الذي دعت إليه وحذرت المسؤولين والسياسيين من التنصل منه (أنّ الإصلاح ضرورة لا محيص منها)!
ـ إذن.. ما هي ملامح (خارطة الطريق) المرجعية العليا لرئيس مجلس الوزراء المُكلف ؟.
ورد في خطبة جمعة كربلاء الثانية في 27 تموز 2018م دعوة المرجعية العليا الى الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة وأن يكون ذلك في أقرب وقت ممكن. بعد أن أثبتت علم الجميع بما آلت إليه أوضاع العراق من مشاكل وأزمات متنوعة (ما يُمكن أن تؤول اليه الأمور) كما أثبتت ضرورة (إتخاذ خطوات حقيقية وجادّة في سبيل الإصلاح ومكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعيّة). وهذه الخطوات مسؤولية السلطات الثلاث جميعا ً (التنفيذية والتشريعية والقضائية) بلا استثناء. لذا دعت المرجعية العليا الى تطبيق (شروط) إختصت بالكابينة الحكومية. وشروط أخرى برئيس مجلس الوزراء المُكلف. وأخرى بمجلس النواب. وأخرى اختصت بالقضاء.
1ـ الكابينة الحكومية: حيث دعت الى تشكيل الحكومة على (أسسٍ صحيحة من كفاءات فاعلة ونزيهة). ويُفهم من هذا الإطلاق التحرر من نفوذ وسيطرة الأحزاب السياسية وإملاءاتها في اختيار الوزراء. وأن الضرورة تحتم اختيارالكفوء والنزيه الذي يحفل بهم الشعب العراقي.
2ـ رئيس مجلس الوزراء:
أ ـ نبهت الى أن واجبه الأول ومهمته الأساسية تنحصر في (مكافحة الفساد المالي والإداري الذي هو الأساس في معظم ما يُعاني منه البلد من سوء الأوضاع ويعتبر ذلك واجبه الأوّل ومهمّته الأساسيّة). وما الى ذلك من سبيل إلا أن يكون (حازما ً وقويا ًويتّسم بالشجاعة الكافية).
ب ـ أن (يتحمّل رئيسُ مجلس الوزراء فيها كامل المسؤوليّة عن أداء حكومته). وهي دعوة لإسترجاع حق مهام وصلاحيات منصب رئيس مجلس الوزراء (في اتخاذ القرار ورسم السياسة العامة للبلد) المُستلب من قبل الطبقة السياسية ونفوذها , التي نجحت بفضل (سياسة المحاصصة الطائفية) في نقل تلك الصلاحيات والمهام إليها , فصارت تُدار مؤسسات الدولة ومنها (الحكومة) بالخفاء من أقنان الأحزاب السياسية زعاماتها.
ج ـ أن (يشنّ حربا ً لا هوادة فيها على الفاسدين وحماتهم). وهنا تظهر قوّة أو خواء رئيس مجلس الوزراء المُكلف.
د ـ أن تتعهّد حكومة المُكلف بـ(العمل في ذلك وفق برنامجٍ مُعدّ على أسسٍ علميّة).
هـ ـ أن يتضمن العمل الحكومي إتخاذ (خطوات فاعلة ومدروسة) منها ما يأتي:
أوّلا ً: (تبنّي مقترحات لمشاريع قوانين ترفع الى مجلس النوّاب تتضمّن إلغاء أو تعديل القوانين النافذة التي تمنح حقوقاً ومزايا لفئات معيّنة يتنافى منحُها مع رعاية التساوي والعدالة بين أبناء الشعب).
ثانيا ً: (تقديم مشاريع قوانين الى مجلس النوّاب لغرض سدّ الثغرات القانونيّة التي تُستغلّ من قبل الفاسدين لتحقيق أغراضهم، ومنح هيئة النزاهة والسلطات الرقابيّة الأخرى اختيارات أوسع في مكافحة الفساد والوقوف في وجه الفاسدين).
ثالثا ً: (تطبيق ضوابط صارمة في اختيار الوزراء وسائر التعيينات الحكومية ولا سيّما للمناصب العُليا والدرجات الخاصّة، بحيث يُمنع عنها غيرُ ذوي الاختصاص والمتّهمون بالفساد ومن يمارسون التمييز بين المواطنين بحسب انتماءاتهم المذهبيّة أو السياسيّة ومن يستغلّون المواقع الحكوميّة لصالح أنفسهم أو لصالح أقربائهم أو أحزابهم ونحو ذلك).
رابعا ً: (الإيعاز الى ديوان الرقابة الماليّة الى ضرورة الإنهاء والتدقيق في الحسابات الختاميّة للميزانيّات العامّة في السنوات الماضية , وجميع العقود والتخصيصات الماليّة للأعوام السابقة على مستوى كلّ وزارةٍ ومحافظة، وضرورة الإعلان عن نتائج التدقيق بشفافيّة عالية لكشف المتلاعبين بالأموال العامّة والمستحوذين عليها تمهيداً لمحاسبة المقصّرين وتقديم الفاسدين للعدالة).
3 ـ مجلس النواب: (على مجلس النوّاب القادم أن يتعاطى بجدّية مع جميع الخطوات الإصلاحيّة ويقرّ القوانين اللازمة لذلك).
4 ـ القضاء: على السلطة القضائية أن تقوم بعملها وأن تنهض بمسؤولياتها وفق متطلبات الإصلاح في مكافحة الفاسدين واسترجاع الأموال المنهوبة وتحقيق العدالة وتثبيتها.
ـ وفي حال لم يتم العمل بتلك (الخارطة) المُنجّية التي طرحتها المرجعية العليا فـ(سيكون للمشهد وجه آخر مختلف عمّا هو اليوم عليه) وهذا الأمر حتمي ويجب أن يكون في حسبان ليس فقط رئيس مجلس الوزارء المُكلف , وإنما جميع الطبقة السياسية الحاكمة منذ خمسة عشر عاما ً. ويتم ذلك التغيير الثوري في حال (تنصّلت الحكومة عن العمل بما تتعهّد به أو تعطّل الأمر بمجلس النوّاب أو لدى السلطة القضائيّة). حيث يكون الأداة الفاعلة للتغييرهو الشعب العراقي المقهور ونصيره المرجعية الدينية العليا التي (ستبقى صوتا ً للمحرومين تدافع عن حقوقهم) حيث خاطبت المرجعية العليا الطبقة السياسية الحاكمة (فلا يبقى أمام الشعب إلّا تطوير أساليبه الاحتجاجيّة السلميّة لفرض إرادته على المسؤولين مدعوماً في ذلك من قبل كلّ القوى الخيّرة في البلد، وعندئذٍ سيكون للمشهد وجه آخر مختلف عمّا هو اليوم عليه)!.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- المرجعية وخط المواجهة مع المخدرات
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة