بقلم | هشام الهاشمي
بتاريخ 17/09/2017 التقت قوات الحشد التي تقاتل في الجانب العراقي مع تلك التي تقاتل في الجانب السوري بمدينة البوكمال.
وفي30/10/2017 كان اللقاء عند منفذ القائم الحدودي مع سورية، حيث استطاعت قوات الحشد الشعبي المسلحة خلال أيام وجيزة من تحرير عقد ومدن ومناطق حدودية تصنف أنها صعبة، وتحرير منطقتين حيويتين ضمن معركة تحرير عكاشات والقائم في غرب الأنبار.
وتعتبر منطقة البوكمال التي طالما عانى منها سكان “مدن وقرى الحدود” منطقة إستراتيجية هامة لكونها منطقة حدودية على نهر الفرات وتسيطر على أهم المنافذ الحدودية بين العراق وسورية، ومن يسيطر عليها يتمكن من السيطرة على مدن أعالي الفرات وريفها، إضافة إلى توسطها عددا من المواقع العسكرية والنفطية الهامة.
وبسبب صعوبة الوصول إليها لأنها محمية بالبادية الشامية من جهة سوريا وجزيرة غرب العراق من جهة العراق، لم تكن هناك محاولات كثيرة لتحريرها من قبل القوات السورية والقوات العراقية، لكن لا يخلو الأمر في بعض الأحيان من قصف جوي.
“احتاج تحرير منطقة البوكمال لأيام طويلة من الحصار” من القوات السورية وحلفائها.
فتشت أمريكا وحلفائها عن الثغرات الجوهرية في استراتيجية الهلال الشيعي او طريق محور المقاومة من طهران الى بيروت، وكانت أهم تلك الثغرات في استراتيجية محور المقاومة الإسلامية هو؛ في طابعها المتفاؤل في حسن الظن بروسيا احدى اكبر القوى اللاعبة والأساسية بالجبهة السورية، واعتقادهم سيكون لتحديها وعدم انصياعها للإرادة الأمريكية جدار رادع لأمريكا وإسرائيل، والثغرة الثانية أن مشروع المقاومة الإسلامية العراقية مشروعا له خصوصية، ويكمن ذلك في حقيقة أن اغلب فصائل المقاومة العراقية بدأت بالركون الى الحل السياسي لأزمة سوريا، لتصنع ثغرة كبيرة في الإستراتيجية.
وايضاً عملت الولايات المتحدة مع حلفائها في الجانب السوري ان تسيطر على 514 كم من الشريط الحدودي الشرقي السوري مع العراق من أصل 605 كم، بينما تسيطر داعش على 40 كم منه، والباقي بيد القوات السورية وحلفائها، وفي الجانب الغربي من الحدود العراقية الحشد الشعبي يرابط على طوال الشريط الحدودي وبمسافة 275 كم من أصل 605 كم، والباقي بيد القوات المشتركة العراقية حلفاء التحالف الدولي، نجحت امريكا والتحالف في هذه المعادلة الحدودية المعقدة، من تهديد وجود مرابطة الحشد وبشكل يومي من خلال غض البصر عن هجمات داعش القادمة من مناطق شمال نهر الفرات من جهة سورية نحو مرابطات الحشد الحدودية، وايضاً حصرت التقاء الحشد في الجانب العراقي مع الجانب السوري عند منطقة البوكمال وبطول حدودي لا يتجاوز 30 كم عرضا، ومنذ أسبوع طالبت الخارجية السورية من الخارجية العراقية فتح منفذ البوكمال، فسارعت القوات الامريكية وحلفائها على انشاء نقاط ومعسكرات مشتركة في الجانب العراقي القريب من المنفذ في منطقتي عكاشات والفوسفات، وبالتالي يغلق هذا المنفذ وهو الأخير على طريق المقاومة من طهران لبيروت.
هذه الحقيقة لم تكن اسرائيل بعيدة عنها فقد صرح نتنياهو على حسابه بتوتير إنهم سوف يستهدفون الوجود الإيراني وحلفائه في سورية، المجاور لهم والبعيد عنهم داخل الحدود السورية، وقد حدث ذلك مرات كثيرة بعلم الفاعل الدولي الروسي والأمريكي، اذ يسمح للطائرات الإسرائيلية باستهداف المصالح العسكرية الإيرانية في الساحة السورية لتصبح ورقة يرتبط مصيرها بحلّ كافّة القضايا المتشابكة في المنطقة والتي فشل حتّى الآن ترمب وبوتين والاتحاد الاوربي، كما أوضحت الجولة الأخيرة لممثل الأمين العام للأمم المتحدة، في بناء اتفاق له قدرٌ كافٍ من التوازن الدولي داخل الساحة السورية بما يسمح بتطوير سياساتٍ مبنية على الثقة المتبادلة بين مختلف الأطراف.
واذ تبدي ايران امتعاضها لتردّد روسيا في دعم تصوّرها للحل في سوريا، وللأزمة اليمنية والبحرينية والموقف من pkk في جبال قنديل شمال العراق، تُدرك قيادة فصائل المقاومة العراقية مخاطر اتباع ايران على حساب مصالح العراق القومية، وخاصة انها كانت تتعامل بطريقة ثورية كحركة دينية تريد ان تجعل من سلاح المقاومة هو الحل في ردع الاحتلال الإسرائيلي، بخطاب فيه التبسيط المفرط في فهم وعمق استراتيجية إيران كدولة قومية وليست كدولة دينية لشؤون المنطقة، الأمر الذي يضع الداخل العراقي على فوهة بركان قد ينفجر، وبسبب المخاطر الكبيرة التي يتضمنها المسار الراهن للمفاوضات الروسية الأمريكية من جهة، والتركية الأمريكية من جهة أخرى، واستمرار الحصار والتهديد الكثيف للولايات المتحدة على إيران وحلفائها، من اجل تحجيم دور إيران في الشرق الأوسط الى أدنى مستويات التدخل في سوريا والعراق واليمن والخليج.
كما أنّ تركيا وروسيا أصبحتا تنظران للدولة السورية كأقليم إيراني، الأمر الذي يدفعهما للتعاون مع التحالف الدولي وإسرائيل للتصعيد بالضد من إيران وحلفائها في سوريا عوضاً عن المساهمة في الحل.
كلّ هذه المعطيات تشير إلى أنّ طريق طهران-بيروت أزمة دولية جديدة، وله اولوية في السياسة الأمريكية المهيمنة على الشريط الحدودي العراقي- السوري، وفِي ايّام ترمب صاحب خيار “بالتهديد والقوة نفعِّل ونحمي مصالحنا ومصالح حلفائنا ” هو ليس مجرّد خطر على بقاء “الاستقرار النسبي الذي يعيشه العراق منذ سبعة شهور”، بل على مجمل توازن المنطقة والحرب على الإرهاب وتمكين الاستقرار والسّلام بشكل مباشر.
إضافة إلى ذلك، لا يمكن أن نغفل ارتفاع مستوى الشعور بالخطر لدى المراقبون للشأن الأمني العراقي جرّاء هجمات داعش المكثفة على أطراف المدن والقرى المحررة ومخاطر عودة سيناريو مثلث الموت، بما سيدفع بالطرق الرابطة بين المدن المحررة لتصبح طرقا للموت، تجذب إليها كلّ فلول داعش لصناعة الفوضى.
أقرأ ايضاً
- خارطة طريق السيد السيستاني
- خارطة طريق السيد السيستاني
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة