لم يحظ العراقيون، بهواء نقي غير ملوّث، منذ أكثر من ثلاثة عقود لأسباب كثيرة، بدأت بالحروب والفوضى ولم تنتهي برائحة الكبريت وحرق النفايات التي أصبحت ظاهرة تهدّد حياة الناس ووضعهم الصحي، في ظل انعدام مواقع الطمر الصحي وغياب طرق إعادة تدويرها بشكل صحيح.
فبينما تتصدر بغداد الترتيب العالمي في مؤشر التلوث، أكد مرصد العراق الأخضر، اليوم الثلاثاء، أن 28 بالمئة فقط من مواقع الطمر الصحي حاصلة على الموافقة البيئية.
يشار إلى أن خمس حكومات متعاقبة قد تعهدت بمعالجة أزمة النفايات التي باتت مشكلة خطيرة تهدد حياة الكثير من العراقيين، إلا أنه لم يتم تحقيق أي شئ يذكر على أرض الواقع.
وقال عضو المرصد عمر عبد اللطيف، إن “الطمر في المواقع غير الحاصلة على الموافقات البيئية هو أكثر الأساليب المعتمدة في التخلص من النفايات البلدية”.
وأضاف أن “المواقع الحاصلة على الموافقة البيئية تشكل ما نسبته 28% من إجمالي عدد مواقع الطمر الصحي في عموم البلاد والتي لايوجد لها رقم دقيق ومحدد لغاية الآن”.
وبين أن “14 محطة تحويلية حاصلة على موافقة بيئية من أصل 87 محطة منتشرة في عموم المحافظات حاصل على موافقة بيئية”.
وأكد عبد اللطيف أنه “يوجد في العراق معملين لفرز وتدوير النفايات حيث تشير البيانات إلى تدوير 11 ألفاً و495 طناً من النفايات الاعتيادية خلال عام 2020، ما يشكل نسبة ضئيلة جداً عند مقارنته بما تم نقله لمواقع الطمر والذي بلغ (19.7) مليون طن”.
ويعيش أهالي العاصمة بغداد منذ أشهر، وسط أجواء مشبعة بالسموم وروائح الغازات الخانقة، إذ بلغ مؤشر التلوث بالعاصمة، في 5 كانون الثاني الجاري، ذروته مع سكون الرياح وعدم وجود حلول حقيقية للمصادر.
وعزا موقع “تلسكوب العراق” السبب الرئيسي وراء ارتفاع معدل التلوث الى مستوى قياسي في بغداد، إلى “وجود جسيمات قطرها 2.5 ميكرون في الجو”، مبينا أن “هذه الجسيمات صغيرة وتدخل المجرى التنفسي لذلك تعتبر خطيرة”.
وأشار إلى أن “هذه الجسيمات تكون من كاربون، او رصاص، او امونيا، او نتريت”.
وأكد عضو لجنة الخدمات النيابية حيدر شيخان في 14 تشرين الأول 2024، أن معدل كمية النفايات المتولدة لكل فرد بلغ ما يقرب من (1.5) كغم باليوم، بزيادة مقدارها (25 %) في عام (2020) عن سنة الأساس (2017)، وتشير الإحصاءات إلى أن كمية النفايات الاعتيادية التي تم رفعها ونقلها إلى مواقع الطمر الصحي كانت بحدود (20.37) و(19.7) مليون طن سنوياً خلال عامي (2017) و(2020) على التوالي.
ويرى خبراء في الشأن البيئي أن تسرب المواد الضارة من مواقع الطمر الصحي يلوث الهواء والمياه المحيطة مما يؤثر على البيئة وصحة السكان، كما أن تراكمها يؤثر على الجمالية البصرية للمحافظات العراقية، كما أن مجرد رفع النفايات من داخل المناطق السكنية والتجارية ونقلها إلى مكان آخر وتجميعها هناك ليس حلاً جذريًا، لأن الانبعاثات التي تصدر عنها بفعل الحرارة والدخان الناجم عن حرقها ينتقلان إلى باقي أجزاء المدن بواسطة الرياح، كما أن ملوثاتها تنزل مع مياه الأمطار لتختلط بالمياه الجوفية، إضافة إلى أنها أماكن لتجمع القوارض والكلاب السائبة والحشرات.
ويطرح العراق 23 مليون طن من النفايات يومياً، في ظل انعدام مواقع الطمر الصحي وغياب طرق إعادة تدويرها بشكل صحيح، حيث تدفع البلاد ثمنا باهظا لعدم قدرته على التعامل مع هذا الملف ما يضيف أزمة بيئية جديدة للبلاد، بعد التغير المناخي.
وتشهد البلاد تسجيل حالات جديدة من الإصابة بأمراض وبائية وتنفسية نتيجة تراكم النفايات واحتراقها بطرق بدائية مما يسبب مشاكل صحية كبيرة للسكان، فيما تقف الحكومة عاجزة أمام هذا الملف المهم دون أن تحرك جهودها في تحسين إدارة النفايات وإقامة مرافق تخزين ومعالجة.
وأقر مدير دائرة البيئة في محافظة واسط عباس كاظم في تموز 2024، بأن المواقع الحالية التي يتم فيها طمر النفايات لا تتوافق مع المواصفات التي يجب توافرها من ناحية آلية العمل، حيث يتم حرق النفايات مباشرة من دون إجراء عمليات الفصل لمكوناتها، ما يتسبب بانبعاث غازات سامة تؤثر على صحة المواطنين، فضلًا عن تواجد أعداد كبيرة من العاملين في هذه المواقع وهم النباشة، والذين يمثلون الفئة الأكثر تعرضًا للأمراض.
أقرأ ايضاً
- قادمة من العراق.. هبوط طائرة بمعدات عسكرية في سوريا
- القبض على 9 تجار مخدرات وتفكيك شبكة لتزوير الدولار في بغداد
- "لا وقود ولا كهرباء".. مزارعو كربلاء: نصارع الموت البطيء .. السلة الغذائية في خطر (فيديو)