بقلم: عمـار سـاطع
لا اختبار حقيقي يعلو على إظهار معادن المدرّبين الحقيقيين، أكثر من اختبارهم في قيادة فرق دوري الكرة الممتاز.
في المنافسات الرسمية، تنكشف قابليّات المدرّبين، خاصّة الشباب منهم، وتتّضح الصورة أكثر، وتظهر إمكانات كل مدرّب من خلال المحكّ الفعلي، وهي المنافسات المحليّة التي تمنح كل ذي حقٍّ حقّه!
أكثر من مدرّب كروي شاب وطموح، برز على الساحة التدريبيّة، وأعطى بعضهم صورة مقاربة لأيام الزمن الكروي الجميل، في سبعينيّات وثمانينيّات وحتى تسعينيّات القرن الماضي، من خلال إشراف بعضهم على فرق الدوري وتولّيهم مسؤوليّات قد تكون أكبر من اسمائهم التدريبيّة حديثة العهد على الإطار الفنّي العام، مثلما أن بعضهم أصبحت ولادته كأسم تدريبي مؤثّرة ومهمّة، وربما أثبتت التجارب أن هناك إمكانيات مميّزة لعدد من الاسماء التي ستنال دورها واستحقاقها الفعليّ في قادم الأعوام!
من المهمّ جدّاً أن نقول.. ليس من المهمّ أن ينجح المدرّب في أولى تجاربه في عالم التدريب، بعد سنوات من اللعب، مثلما ليس شرطاً أن يفشل المدرّب مع أوّل اختباراته في دُنيا التدريب، لكن من المهم أن تكون له بصمة فعليّة ومؤثّرة، تُبنى فيه شخصيّته وتُعرف قابليّته وإمكاناته وتُستخرج قدراته ممّا نالها من خبرة طويلة كلاعب، يفترض به أن يمنحها للأجيال الكرويّة الجديدة ويعطيهم دروساً من خلاصة عمله لسنوات مضت!
التنقيب عن إيجاد مدرّبين بأفكار جديدة ومواكِبة للتطوّر التدريبي، أمرٌ ليس بالهيّن أبداً، لكن من السهولة أن نبحث عن اسماء تدريبيّة عملت وسجّلت لنفسها بدايات حقيقيّة ومؤثّرة في عالم تدريب كرة القدم، يفترض أن يمرّ بمراحل تطويريّة لقابليّتها شريطة أن يصقلها بالشكل الصحيح ويدرك أن النجاح بحاجة الى خطوات أهمّها المتابعة الفعليّة والثقة بالنفس والبحث عن الجديد واستيعاب الشخصيّة التي يفترض أن يكون عليها المدرّب ومدى تفهّمه واحترامه لعمله، هذا الى جانب نيل الفرصة الفعليّة للعمل، وكذلك إيمانه الكامل بأن الرياضة فوز وخسارة في النهاية!
في اعتقادي الشخصي، أن هناك جيلاً تدريبيّاً جديداً بدأ ينال استحقاقه الفعلي من خلال تواجدهم مع فرق الدوري الكروي منذ سنوات، بل أن هناك اسماء تدريبيّة سُحبت وأخذت دوراً مهمّاً من خلال الفرص التي خطفتها باستحقاق كبير، وحقّقت لنفسها موقعاً مهمّاً، بل أنها أجادت في المجازفة وتفوّقت عالية، بعد أن أثبتت أنها قادرة على التألّق تدريبيّاً وأكدت على أنها امتداد لتلك الأجيال التي أخرجت نجوماً لامعين في العقود التي مضت!
لقد بات من المهم جداً أن تتم اليوم عملية تصفية فعليّة لكل الاسماء التدريبيّة المتواجدة على الساحة، وإجراء مسح شامل، وتثبيت قاعدة للبيانات لكل مدرّب من قبل اللجنة الفنيّة في اتحاد كرة القدم بالتنسيق مع لجنة المنتخبات، شريطة أن تكون القاعدة مبنيّة على أسس وضوابط تعطي لكلّ مدرّب كُنيته في عالم التدريب ومسيرته منذ أول يوم عمل فيه بالجانب الفني، مع التأكيد على تثبيت النتائج التي سجّلها في كل موسم، ومدة عمله مع كل فريق، كلّ ذلك من أجل الكشف عن استحقاق كل مدرّب سواء عمل مع الفئات العمرية وتدرّج وصولاً الى فرق المتقدّمين، ومدّة تواجده في كلّ عمل تدريبي، مع التذكير بما يحملهُ المدرّب من شهادة دراسيّة، وشهادات التصنيف التدريبية واللغات التي يجيدها.
أقول.. إن من شأن ذلك التصنيف، إنهاء عملية الاختيارات العشوائيّة أو الخضوع للرغبات، وإيقاف التأثيرات على مواقع القرار، بهدف الوصول الى قناعات فعليّة في اختيار الأفضل من المدرّبين وإعطاء كل مدرّب حقّه الطبيعي في العمل مع المنتخبات الوطنية أياً كانت، هذا الى جانب تثبيت الاسماء التي يفترض أن تطرح بين حين وآخر لاختيار الانسب منهم للعمل مع الأجهزة الفنيّة في المنتخبات الوطنيّة، بدلاً من الدخول في دهاليز الطرق التي من شأنها تشتّت التركيز وتبعثِر الوصول الى الهدف الأهم وهو الاستقرار الفنّي.
أخيراً فإن المدرّبين الشباب بحاجة لِمَن يأخذ بأيديهم وهم أمام طريق طويل يصنعون فيه المجد لوطنهم على صعيد كرة القدم، وأمام مهام شاقّة قد يفلحون فيها وقد يخفقون، لكنّهم على العموم يريدون أن يتركوا لأنفسهِم تأريخاً جيّداً، شريطة أن لا يقع عليهم الغُبن أو الاجحاف وحتى الإهمال، مثلما أن هناك مدرّبون جُدد يتأمّلون لو يهتمّ اتحاد الكرة بجانب إنعاش مسيرتهم التدريبيّة عبر زجّهم في مُعايشات ودورات عالية المستوى أو منحهم فرصة الدخول في معسكرات وفقاً للاتفاقيّات الموقّعة مع اتحادات وطنية تملك باعاً طويلاً تُطوّر من امكانياتهم أو أكاديميّات ينالون من خلالها شهادات تُعنى بعلم كرة القدم الحديث.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!