أبدى ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في 24 محرم الحرام 1432هـ الموافق 31-12-2010م تفاؤلا حذرا مما تشهده الساحة من حراك سياسي عقب تشكيل الحكومة وإفرازات السعي في تحديد معالم المنظومة السياسية والإدارية في البلد من قبل قادة الكتل والأحزاب السياسية. وتعرض سماحته إلى جملة من الأمور التي لابد من وضعها على طاولة البحث لأخذ حقها من الإصلاح والمعالجة لئلا نقع في الأخطاء السابقة والحال إننا في بداية الطريق وما زال عندنا الوقت الكافي لتجاوز العقبات التي ستوفر لنا المزيد من الوقت والمال والطاقات، وحددها بالنماذج التالية:
النموذج الأول: ضرورة وجود الرؤية الواضحة عند المسؤول لتجنب التخبط في اتخاذ القرار والوقوع في ضبابية الرؤية المستقبلية في معالجة المشاكل، والقرار الذي يتخذه المسؤول الضعيف سيكون قرارا قابلا للنقض بسهولة لأنه غير مبني على دراسة منهجية واقعية، ليس المطلوب من الذي يشغل الموقع أن يحيط بكل شيء لكن عليه أن ينجح، فلا يوجد خيار غير النجاح...
النموذج الثاني : بعض الذين يشغلون المواقع حقيقة ليس له القدرة أن يملأ مكانه بكفاءة بمعنى إن المكان اكبر منه بكثير، مستوى التطابق بين المكان والذي يشغله هذا مهم فالموقع الذي يأتيه رجل يجب أن تكون إمكانيته أعلى من هذا الموقع أو مساوية على اقل تقدير، أما إمكانية متواضعة جداً هذا بالنتيجة سيولد حالة من الإحباط ونحن إمامنا مجموعة كبيرة من المشاريع لبناء البلد...
النموذج الثالث: وجدنا في التجربة السابقة إن هناك مسؤول توجد فجوة كبيرة بينه وبين منتسبيه وهناك الحالة من البرج العاجي بينه وبين من ينتمون إليه فهو لا يعرف عنهم أي شيء وإنما قوقع نفسه بمجموعة صغيرة نفعية تحاول أن تزين له الأمور كيفما اتفق، ومن المعلوم إن المواقع التنفيذية غير المواقع البحثية فالبحث العلمي قد يحتاج إلى المختبر والعزلة بينما الموقع التنفيذي يحتاج إلى القرب والمواصلة، على الإنسان أن يتواضع وينزل إلى موقع العمل، وقد يكون الموظف في آخر حلقة من الدوائر يمكن أن يشخص مشاكل كثيرة لم يطلع عليها صاحب الحلقة الأولى.
ونوه سماحة السيد أحمد الصافي إلى بعض الوسائل التي تنجح العمل وهي مقدار الصلاحية التي تمنح، فالإنسان إذا كان مكبلا بقوانين عفا عليها الزمن لا شك ولا ريب انه لا يمكن أن ينجح، فهناك حالة من التقييم الخاطئ وهي أن المسؤول الذي لا يصرف المخصصات الممنوحة له معنى ذلك انه حريص على المال العام وهذه فكرة خاطئة جداً بل هي خطرة، فالمسؤول الذي يرجع من مخصصاته التي هو طلبها هذا مسؤول فاشل كما إن هدر المال العام ووضعه بيد المفسدين جريمة، فإن حرمان الناس من المال العام أيضا جريمة، لماذا نفكر دائماً بالجانب السلبي؟! يعني الان عندما يأتي ويقول المسؤول الفلاني أنا أرجعت إلى الميزانية هذا المقدار، عندما نأتي إلى هيئة النزاهة تثبت وتقول انه لم يثبت عليه حالة من الفساد مثلا ً، هذه المسألة بالعكس كم شخص حرم من هذا المال لو صرف في مكانه فهذا دلالة على إن المسؤول خائف ومهتز الشخصية وضعيف وعملية الرفض عنده من أسهل الأشياء، فكلما يقدم له مخصصات يقول لا حتى يرجع هذا المبلغ في النهاية ليثبت على أنه نزيه ولكن بالعكس يجب أن يحاسب مثل هكذا مسؤول ويقال له لماذا أرجعت المبلغ إلى الميزانية فهذا يدل على عدم قدرة وليس دليل على الحفاظ على المال العام، فالحفاظ على المال العام أن يصرف في موضعه وان إرجاع المال خطأ مثلما سرقة المال خطأ، هناك الكثير من المشاريع والأمور تحتاج إلى مال وإذا كان المال محبوس لمزاجية شخص قطعاً لا تتطور الأمور.
وفي سياق آخر عرج سماحته إلى آلية الإنتخابات التي تؤثر في صعود النواب في المقاعد التعويضية وقال: مثلما تعلمون الانتخابات الماضية جرت وفق القائمة المفتوحة والناخب اختار بحسب قناعته الشخصية وأنتجت ما أنتجت الانتخابات ومجموعة من الإخوة أعضاء البرلمان الآن صعدوا إلى الوزارات قطعاً بقيت مقاعدهم شاغرة، المأمول من المفوضية ومن المحكمة الاتحادية أن تراعي حق الناخب لمن اختار وإلا معنى القائمة المفتوحة سيجرد من محتواه.
وأستعرض سماحته انه عندما يكون هناك شخص حصل على 800 صوت مثلا ً يفترض إن النوبة تأتي إليه ويأخذ المقعد أما أن يقدم شخص بنسبة اقل هذا خلل وينافي الشفافية في مسألة الانتخابات، وعندما نحافظ على الاستحقاق الانتخابي إنما نحافظ على حقوق الناس التي خرجت، ولابد أن يبقى هذا القانون ساري المفعول في المقاعد التعويضية حتى يشعر الكل بأن المسألة بقيت على شفافيتها وعلى جوهرها العام الذي يشجع الناخب على الانتخابات.
وعن ضرورة دعم الجهات التي تعمل وتستثمر المال خدمة للصالح العام ودفعا لعجلة التنمية والتطور في البلد، أبدى سماحته استغرابه بخفض تخصيصات ديوان الوقف الشيعي بنسبة 69% ما سيؤثر سلباً على العتبات المقدسة، والحال إن دعم الاقتصاد وجزء منه ما يعبر عنه بالسياحة الدينية بحاجة إلى مرافق سياحية دينية علما إن الكم الكبير من الزائرين الذين يفدون للبلد فيها أكثر من جهة ايجابية، ما يستدعي دعم هذا الجانب المهم الذي يعد الدعامة الأساسية في تمتين والتحفيز الإقتصادي.
وأضاف سماحته إن الدعاية والماكنة الإعلامية في الخارج لا زالت تقول إن العراق مشحون بالانفجارات، والزائر الأجنبي عندما يأتي إلى العراق يتفاجئ ويقول إن الأوضاع جيدة وليست بحجم الأخبار التي تصلنا هناك .. عليه يجب أن تكون هناك عوامل جذب تساعد على قدوم الزائرين .. والأوضاع بفضل الله بدأت في التحسن شيئاً فشيئاً، ومن غير المعقول إن نسبة تنفيذ ميزانية الوقف الشيعي في سنة 2008 هي 102% وفي عام 2009 (111% ) وفي عام 2010 (100%) ، بينما نسبة الانجاز في بعض الوزارات قد لا تتعدى 22% والباقي يرجع، والتخفيض لابد أن يخضع للموضوعية أما أن تخفض بنسبة 69% فهذا شيء يثير الكثير من التساؤلات...
ونحن مقبلون على زيارة الأربعين الخالدة استذكر سماحته النقاط التالية:
1- الحفاظ على أرواح الزائرين من قبل الأجهزة الأمنية التي نأمل منها ان تستعد استعدادا كبيرا للقيام بدورها على أحسن وجه .
2- مسألة النقل وإنصافا ً الإخوة في الحكومة المحلية والجهات الخدمية تبذل ما بوسعها من اجل راحة الزائرين، والمشكلة هي تكدس أعداد الزائرين عند إنهائهم مراسيم الزيارة، ومن الآن يجب أن تعالج هذه المسألة ففي العام الماضي قوات الجيش والمحافظة استعملوا سياراتهم لنقل الزائرين ويمكن كل محافظة من المحافظات أيضا ترسل سيارات لنقل مواطنيها تفاعلا مع الزائر، ويمكن ترتيب هذا الأمر ما دام في الوقت متسع، وأيضا يجب تهيئة أماكن لتسهيل رجوع الزائر.
موقع نون خاص
أقرأ ايضاً
- مجلس النواب يُصوت على تمديد فصله التشريعي لمدة 30 يوماً
- مجلس النواب يؤجل انعقاد جلسته نصف ساعة لعدم اكتمال النصاب القانوني
- السوداني يوافق على دعم الحجاج بمبلغ 39 مليار دينار لتقليل تكلفة الحج