بقلم: عمر نزار
نبهني العداد ان بنزين السيارة قد نفذ، فقررت شراء (عشرين لترا) من احد الباعة المتجولين، و كنا وقتها كعراقيين قد تعودنا على انهاء كل مشاغلنا قبل المغرب فالليل في بغداد ايام الطائفية كان ثقبا اسود بالنسبة لنا يختفي فيه البشر من الشوارع سواء كان رغبة او قسرا!
تذكرت ان هناك موقعا لتجمع الباعة المتجولين فهرعت له وجدت ثلاث سيارات سبقتني واصحابها قد نزلوا لنفس السبب فلحقتهم بعجالة ولم انتبه لتلك السيارة التي توقفت ونزل منها شبان مسلحين يطلبون منا هوياتنا بهدوء اخرجت هويتي وسلمتها لاحدهم وما ان قرأها حتى اخذ مني هاتفي و أمرني بالوقوف عند حائط احد البيوت والنظر باتجاهه.
فاستسلمت وانا افكر باولادي واتصور مصيري خلال الساعات القادمة، كنا ثلاثة فقط وبعد دقائق اعدت النظر جنبي فكان العدد سبعة بلحظتها سمعت اطلاقات نار كثيفة باتجاهنا فالتفت لاشاهد سيارة بعيدة تتبادل النار مع المجموعة التي اوقفتنا.
ركضت باتجاه احد الفروع القريبة ودقات قلبي تسابق قدمي حتى وصلت لنهاية الشارع فقفزت احدى الجدران وصرت في حديقة منزل اكملت الركض وقفزت حائطا اخر لادخل حديقة منزل اخر فشاهدت امرأة قد جاوزت الخمسين وهي تنشر الغسيل فصحت بوجهها:- انا دخيل وحكيت بسرعة ماحدث قبل ان تتكلم وطلبت هاتفها لاتصل باحد.
اشارت باصبعها نحو خزان ماء وقالت اذهب واخفي نفسك خلفه وساتيك بهاتف. وفعلا جائتني به. حاولت تذكر احد ارقام اهلي فلم استطع.. تذكرت رقم صديق لي رقمه كان سهل الحفظ.
- الو... فلان ؟.. انا في المنطقة الفلانية وهناك من يريد خطفي. ارجوك بلغ احد اهلي ليأتي.
- لاتخف انتظر في مكانك ولا تخرج ابدا.
بقيت في الخزان دقائق عدة.. جلبت لي المرأة ماءا لاشربه وبقيت تسالني عن عائلتي محاولة تهدئة خوفي.. ورن الهاتف وكان نفس الصديق مستفسرا عن مكاني بالضبط. وصفت المكان فوصلني.
شكرت المرأة واردت تقبيل يديها فرفضت ودعت لي بالسلامة صعدت السيارة لاجده حافيا لايرتدي سوى ملابسه الداخليه مع فانيله ولحيته نصف محلوقه.
يحمل مسدسا بيد وسيجارة بالاخرى.
وقال اين سيارتك؟ قلت على الشارع وابلغته عن خوفي بوجودهم هناك فطمأنني بانهم قد رحلوا بعد تبادل النار.
عدنا لها فوجدت السيارة متروكة في مكانها يظهر انها لم تعمل بسبب جهاز منع السرقة التي تحتويه.
اصر علي ان يوصلني لمنطقتي وفعلا كان ما اراد حتى وصلنا لمفترق الطريق فتوقف وقال بضحكة بريئة اخاف ان ادخل منطقتك ليحدث ما حدث لك.. انتبه لنفسك ومع السلامة.
وافترقنا..
لكل منا (ساعديّ) لاينبغي ان ننساه.
فنحن احياء بسببه.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً