حجم النص
تحقيق / بهاء عبد الصاحب كريم في ظل الظروف التي مر و يمر بها بلدنا العزيز إلى جانب غياب أو ضياع العمل او ايجاد الوظائف في المؤسسات الحكومية اضطر العديد من الشباب أن يتخذوا من الإشارات الضوئية ومفارق الطرق ونقاط التفتيش أماكن للعمل يلوذون بها من اجل كسب لقمة العيش حيث تحولت تلك الأماكن إلى سوق للباعة المتجولين مستغلين حالة الازدحام لكي يقوموا بعرض بضاعتهم وبيعها إلى أصحاب السيارات المتوقفة هناك غير أبهين بالمرة بما قد يلحق بهم من مخاطر التواجد قرب تلك المناطق جراء التعرض لحوادث السير او الانفجارات التي تحدث نتيجة العمليات الارهابية وكذلك برد الشتاء القارص و حرارة الشمس الحارقة حدثنا الموظف (محمد خالد) : بالتأكيد كل تصرف في الحياة له ما يبرره أما في خصوص هذا الموضوع فمتطلبات المعيشة هي عنوان يدفع الكثير من الباعة المتوجولين إلى التواجد في تلك الأماكن وذلك لتحقيق مكاسب مادية من خلال بيع تلك البضائع على المواطنين الذين يرومون العبور من تلك الأماكن. هناك منافسة كبيرة بين الباعة المتجولين مما يضطرنا للتجول كثيرا لتصريف بضاعتنا أما (عمار سالم) بائع مناديل ورقية: أقوم ببيع المناديل الورقية في التقاطعات وعند مفارق الطرق وفي الكراجات مستغلا توقف لسيارات حتى يتسنى لي الحصول على رزقي ورزق عائلتي وفي بعض الأحيان اضطر لتغير مكان عملي للتجول عند نقاط التفتيش عندما أحس بان عدد الباعة المتجولين في تلك الأماكن قد ازداد عن الحد المطلوب مما يجعل مهمة الحصول على الرزق صعبة. العمل شرف و لكننا نتعرض للمضايقات من قبل سواق الدرجات و بعض الصبية كما حدثنا (مرتضى رشيد) بائع صحف حيث قال: العمل شرف ولكن ثمة تداعيات تدعوك إلى التذمر والسخط لما نلقاه من ألوان الكلمات والنظرات المحتقنة بالازدراء. فعلى سبيل المثال اقوم ببيع الجرائد وانا أجوب المنطقة طولا وعرضا من اجل أن أبيع الصحف وفي اغلب الأحيان لايتسنى لي بيع العدد المطلوب لتوفير قوت عيالي بالمقابل هناك ثمة الكثير من المخاطر التي نتعرض إليها من بعض الصبية والشباب الذين ارتقوا الدراجات والسيارات. وهما حدث يبقى هاجس الاستمرار في العمل عنوان يقض مضجع الحرمان والذي لا يرحمنا وهو بالتأكيد العلامة الأبرز التي تمنحنا الصبر على تحمل تلك المخاطر علما باني احرص على العمل في المؤسسات الحكومية ولكن لم تأتي الفرصة لحد ألان. أما (ابو سعد) بائع سكائر قال: أن الظروف هي التي تدفع بنا إلى هذا الاتجاه وهي التي تحتم علينا أن نسلك الطرق الصعبة من اجل كسب لقمة العيش ولكن هناك إرادة تدفعنا بالتشبث بالحياة من خلال ديمومة التواصل بالعمل كي لانعطي لأعدائنا فرصة التشفي في إيقاف عجلة التطور والبناء والعمل لذلك نحن مصرون على مواصلة خلق الحياة بأساليب مختلفة مهما كانت تلك السبل. حياة العراقيين في صراع حقيقي بين الاستمرارية و الحياة او الياس و الاستسلام إما محطتنا التالية كانت مع الأستاذ (رضا علي) ماجستير علم اجتماع قال: أن حياتنا تشهد حالة من الصراع الحقيقي بين الاستمرارية في الحياة أو النزوع إلى حالة اليأس والاستسلام وبين كلا الموقفين هناك ثمة دلالة أكيده وإشارة واضحة والساحة العراقية هي خير دليل وشاهد بان الموت والقتل هو العنوان الأبرز و الذي يمتلك عوامل الصمود في الساحة العراقية اليوم ليخلف وراءه أمنيات تتلاشى بفعل الصوت المدوي للمفخخات وهذا الأمر لزاما يضع جملة من العراقيل أمام عملية النهوض والبناء والتطور فضلا عن كونه يرسم صورة مشوشة وضبابية أوعز إلى الإحساس بالتلاشي أو الاضمحلال ولكن تبقى إرادة الحياة من خلال التواصل في مسيرة العمل ورفض حالة التقاعس والانهزام. وما يشير إليه التقرير العالمي من أن نسبة البطالة في العراق لهو أمر طبيعي في ظل الظروف الصعبة التي مر بها العراق والتداعيات الخطرة التي تحيط بواقع بلدنا العزيز و يبقى هاجس العمل هو مسيرة العراقيين جميعا من اجل النهوض بالواقع العراقي من خلال سد جميع المنافذ أمام كل الحاقدين وخلق جيل يؤمن بان العمل رسالة إنسانية وخلقية يحرص العراقيين على تأديتها مهما كانت الصعاب. بسبب التهجير من قبل عصابات داعش و غلاء المعيشة قمت بالعمل في بيع الزهور وتقول (ام رافد) بائعة ورود: بدئت العمل في بيع الورود في الاشارات الضوئية منذ سنتين بسبب ما حصل لي ولعائلتي جراء نزوحنا من مناطقنا التي احتلها الدواعش حيث تركنا منازلنا و ممتلكاتنا و هربنا كنا نسكن بامان وبعد ان جئنا الى بغداد كانت الاجارات جدا غالية و سبل العيش لا تكفينا مما اضطرنا للعمل من اجل تلبية متطلبات اطفالي اتعرض للكثير من المضايقات و الكلام والتجريح من قبل الكثير من سواق العجلات ولكن الامل ما زال موجود ان نعود الى منازلنا و مناطقنا. الدولة و المسؤولين يتحملون الجزء الاكبر من المسؤولية ورغم ذلك انا اكملت دراستي و اطمح بالحصول على الشهادات العليا بينما يقول (عثمان خالد) خريج اعدادية صاحب جنبر لبيع الملابس النسائية والاطفال: انا احمل الدولة و جميع المسؤولين لما يحدث لنا انا تركت دراستي في الكلية لعدم استطاعتي لدفع تكاليف الدراسة و كذلك بسبب وفاة والدي الذي كان معيلنا بسبب احد الانفجارات التي حدثت في بغداد و لم يتبق لنا اي معيل وانا كبير اخوتي قمت بترك الدراسة واتجهت لبيع الملابس بعد ان عجزت عن ايجاد وظيفة مدنية او في الجيش او الشرطة بسبب الواسطات لذلك انا احمل الدولة و المجتمع و الظروف هي التي جعلتني بائع جوال ولم اكمل دراستي الجامعية ولكني رغم ذلك لم أيأس وقدمت للدراسة في الجامعة وانا الان مرحلة رابعة في كلية القانون و متفوق على اقراني في الكلية و طموحي كبير ان اكمل دراستي وكذلك الدراسات العليا. وفي الختام.. رغم المأسي و عدم شعور الدولة و المسؤولين بالمسؤولية تجاه شعبهم و عدم و جود دراسات اقتصادية حقيقية لايجاد فرص عمل للخريجين و حملة الشهادات و الشباب العاطل عن العمل و الذي ادى الى عمل الكثير من الشباب على ارصفة الطرقات و اشارات المرور و الجنابر من اجل الحصول على لقمة العيش بشرف و كرامة بدون ان يمدوا ايديهم او يتجهوا للحصول على الاموال بالطرق الغير مشروعة، على الدولة ان تكفل و تساهم وتساعد هؤلاء الشباب من خلال دعمهم ماديا و معنويا وكذلك تهيئة و اقامة اماكن بيع نموذجية لهم لكي لا نسمح لاي شخص تسول له نفسه او الطامعين في العراق و المتصيدين في الماء العكر ان يستغل هؤلاء الشباب و المحتاجين في امور اخرى تضر العراق و العراقيين.
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)