
منذ أن التقط أول صورة في طفولته بكاميرا عمه القديمة، أدرك محمد الصواف (مواليد 1984) أن العدسة ستكون صوته لإخبار العالم بقصص قد لا تُروى. اليوم، بعد 20 عامًا من العمل مع وكالة الصحافة الفرنسية (AFP)، أصبح اسمه مرادفًا للتصوير الصحفي الجريء، خاصة في مناطق النزاعات، حيث يخاطر بحياته لنقل الحقيقة عبر صور تخلد في الذاكرة.
*من الكويت إلى العالم: مسيرة حافلة بالتأثير*
بدأ الصواف مسيرته في 2004، ومنذ ذلك الحين، شارك في عشرات المهرجانات الدولية، وأقام معارض فوتوغرافية في دول عربية وأجنبية، وحصل على دبلوم "المدرب العربي المعتمد" من أكاديمية أوسان. لكن جوهر إنجازاته يكمن في تدريب جيل من المصورين العراقيين، وتحكيمه مسابقات محلية ودولية، وفقًا لرؤيته أن "الصورة أداة للتغيير".
*عدسة في قلب العاصفة*
لا ينفصل فن الصواف عن إنسانيته. في حوار خاص، يقول: "أبحث عن القصة خلف الدمار... نظرة طفل، دموع أم، أو يد مرتجفة". هذا النهج جعله شاهدًا على تحرير الموصل من داعش (2014-2017)، حيث وثق الدمار والأمل معًا: "رأيت المدينة تنهار، ثم تُبنى من جديد بعيون أبنائها". كما غطى انفجار مرفأ بيروت (2020)، وصوّر لحظات فرار المدنيين في الفلوجة، معتبرًا أن هذه التجارب "غيرت نظرتي للحياة والموت".
*التحديات: عندما يحجب الغبار العدسة*
يواجه الصواف تحديات غير متوقعة، كتلك التي حدثت في الموصل حين غطت عاصفة ترابية السماء: "الرؤية انعدمت، لكنني ركزت على أصوات الناجين وحركاتهم". أما في المجتمعات التقليدية، فيؤكد على احترام الخصوصية: "أطلب الإذن قبل التصوير، خاصة مع الأطفال والنساء، وأشرح الهدف من كل لقطة".
*التقنية والإنسان: كيف يتعايشان؟*
رغم اعتماده على كاميرات رقمية متطورة وتقنيات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ باللحظات الحاسمة، يرى الصواف أن "العين المدربة تتفوق على الآلة". ويضيف: "التقنية سهلت النشر العالمي الفوري، لكن روح الصورة تأتي من إحساس المصور باللحظة".
*من روبرت كابا إلى مصوري العراق: مصادر الإلهام*
يتأثر الصواف بعمالقة التصوير مثل روبرت كابا الذي علمه الاقتراب من الحدث، وجيمس ناتشواي الذي جعل من المعاناة فنًا. محليًا، يثمن جهود المصورين العراقيين "الذين وثقوا التاريخ رغم المخاطر"، معتبرًا أن تجارب الميدان هي "أفضل معلم".
*رسالته: "لا تلتقط صورة... احكي قصة"*
للشباب الطامحين، ينصح الصواف بالتركيز على "نقل القصة لا التقاط الصورة"، ويؤكد: "الشغف هو الوقود". أما عن المستقبل، فيطمح إلى "توثيق المزيد من القصص الإنسانية، وإلهام جيل جديد لرفع سقف التصوير الصحفي".
*خارج العدسة: قراءة التاريخ وتدريب الشباب*
عندما لا يكون في الميدان، تجده منغمسًا في قراءة السير الذاتية أو تدريب المصورين الناشئين. يقول: "هواياتي كالرسم والموسيقى تُغذي مخيلتي البصرية"، معتبرًا أن التوازن بين الضغوط والهدوء سر استمراره.
بعد عقدين من المغامرة بالحياة لالتقاط الحياة، يختصر الصواف فلسفته: "كل صورة هي شهادة للتاريخ... وأنا حارس لهذه الشهادات"
منار قاسم/ كربلاء
أقرأ ايضاً
- مهندسون احترفوا التصوير... عدسات عربية توثق مسيرة الزيارة الاربعينية من البصرة الى كربلاء المقدسة (صور)
- المستبصرُ المغربيّ "ياسر أريحي" يفتح لنا قلبه لحديثٍ شيّق:حرية التعبد افضل في الغرب من البلاد العربية
- بالتفاصيل والصور:وكالة نون تتجول في امرلي وتوثق قصص الصمود فيها