الدكتور وليد سعيد البياتي
العراق، العِرقُ، العروقُ، ذلك الانتماء الموجعُ للحضارة، أيمكن ان يكون تاريخ العراق كومة من الاخطاء والافعال السلبية كنتاج لعقلية دكتاتورية مريضة مرة او بسبب السلوك الغوغائي للرعاع مرة أخرى؟ فحينما يختفي العراق النموذج الحضاري، ويظهر العراق مزارع من المقابر الجماعية وأدغال من الفساد السياسي والاخلاقي، وركام هائل من الفقر وانعدام الخدمات بابسط مفرداتها، وعندما يصير القتل عادة يومية حتى يموت الاندهاش مما يجري، فهل يبقى من ذلك الوجع بالعراق غير الانتظار؟ فالسياسي الذي لايدرك حجم المسؤولية التي يمثلها ولا يرى في المرآة إلا صورته هو فكيف يمكن ان يعدل؟ بعض السياسيين العراقيين يسارعون في الدفاع عن بقايا البعث تحت حجج المصالحة التي لف بها المالكي حبلا حول اعناق ضحايا البعث بدلا ان يلفه حول اعناق الارهابيين الذين يعيثون في الارض فسادا، آخرون يسارعون للدفاع عن المواقف الخليجية، بل هناك من ياخذ معه جماعات الارهاب ليعيدهم سالمين الى بلدانهم بعد اعترافاتهم بجرائم ضد الانسان العراقي، والاشد تفاهة ان يقوم البعض بتوزيع اموال العراق ونفطه على هذا وذاك بنفس طريقة الطاغية السابق لاجل كسب صداقات وهمية، أو لتثبيت كراسي الحكم.
ان اي دينار عراقي يدفع لاي دولة بحجة المساعادات او لتقريب وجهات النظر فان الانسان العراقي أولى به من النواحي القانونية والتشريعية والاخلاقية، لا حجة لاي سياسي عراقي ولا لاي منظمة او مؤسسة في ذلك، لا حجة للبرلمان، او رئيس الوزراء او رئيس الدولة او اي صفة ان تعبث باموال العراق وتهدر طاقاته تحت اي مبرر.
أية قيمة في تقديم مساعدات مالية بملايين الدولارات للثوار او المنكوبين في بقاع الارض والعراقي لايزال يعاني من نقص مهول في خدمات الكهرباء والمياه والمحروقات؟؟!! ان القانون يمنع من صرف اموال العراق لغير العراقيين في الوقت الذي نحتاج فيه الى هذه الاموال المهدرة بلا ضوابط الا لانها ستخدم السياسيين وتؤكد بقائهم على كراسي السلطة.
لماذا يموت اولادنا في المستشفيات القذرة بسبب نقص الادوية وعدم توفر المعدات الطبية المتقدمة؟ لماذا لاتوجد مدارس رصينة ولا توجد مكتبات ومختبرات للطلاب وكل مدارس العراق الحالية لاترقى لابسط مدرسة في دول اقل منا تقدماً؟ لماذا يقف العراقيين طوابيراً امام محطات البنزين والغاز وبقية المحروقات وندعي اننا بلد مؤسس في انتاج النفط؟ لماذا يعاني المراجع ويبقى يدفع رشاوى هنا وهناك لاكمال معاملاته القانونية، لماذا تضطر الامهات الى افتراش الارصفة والاسواق للبحث عن لقمة خبز تطعم افواه الايتام الجائعة؟ لماذا كل سياسي نكرة وإمعة يصبح بين ليلة وضحاها مليونيرا ومليارديرا وهو لم يكن يملك فلسا قبل صعوده لهذا الكرسي او ذاك. لماذا لايكون العراق بلدا زراعيا وفيه نهرين كما ندعي؟ لماذا لايكون العراق بلدا صناعيا ونحن نملك الخامات كما ندعي؟؟ هناك الف الف لماذا تخترق الحناجر كالسكاكين الصدئة.
نحن كنا وكنتم ونعرف كيف كنتم فمن اين هذه الاموال ان لم تكن من النهب والرشاوى والصفقات المشبوهة؟؟
من المعيب ان يقوم عراقي بتهريب الارهابيين من معتقلاتهم بدلا من تقديمهم للمحاكمة لينالوا عقاب ما جنت ايديهم، فاذا كانت مواد الدستور فضفاضة الى هذا الحد بحث تسمح بهذا الهدر فهنا يجب اعادة النظر في الصياغات القانونية والتشريعية للدستور العراقي.
نحن بحاجة الى عشرات الالاف من المدارس الابتدائية والمتوسطة والاعدادية بابنية تليق ببلد نقول ان حضارته تعود لستة الاف عام، الم يزر وزير التربية الاف المدارس الطينية او العتيقة والمتآكلة حتى بتنا نخشى على اولادنا من الذهاب اليها، الا ترانا نستحق مستشفيات على المستوى العالمي ليست واحدة واثنان او عشر او مائة بل يجب ان تكون كل مستشفياتنا بمستوى يليق بانسانية الانسان، اين معاهدنا التقنية الراقية؟ اين مختبراتنا العلمية؟ اين البحوث العلمية التي كانت الجامعات العالمية تتلهف عليها؟ اين علمائنا لاتقولوا ان صدام اعدمهم وانهم غادروا الوطن فثمان سنوات كانت كافية لاعادة تشكيل الوضع العراقي غير الانشغال الدائم بكراسي السلطة ابعدكم عن حاجيات الامة.
ايها السادة العراق بات ارض بين الموت على يدي الطاغية والموت تحت قوائم كراسي السلطة الحالية فافيقوا فمازالت هناك روح للثورة كامنة تحت رماد الجمر.
الاستاذ الدكتور وليد سعيد البياتي
المملكة المتحدة- لندن
أقرأ ايضاً
- قل فتمنوا الموت إن كنتم صادقين... رعب اليهود مثالاً
- تصرفات المريض.. مرض الموت
- فلسفة الموت عند الإمام الحسين (عليه السلام)