- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
انترنت العراق.. تراجع الخدمة وانعدام البدائل

بقلم: صادق الازرقي
في قائمة الدول بمستوى سرعات شبكة الانترنت، وفقا لبيانات "سبيد تست" وهي خدمة لقياس أداء الاتصال بالإنترنت، حتى شهر مايس عام 2024، احتلت سنغافورة المراتب الأولى في النطاق الثابت بسرعة 289.98 ميغابت / ثانية، ومن الدول العربية جاءت الامارات بعدها بمرحلتين بسرعة 272.90.
وجاء العراق في المركز 123 بسرعة لم تتجاوز 33.99 ميغابت / ثانية.
وفي مجال سرعة التنزيل على الهاتف المحمول ورد العراق في موقع متأخر ايضا بالتسلسل 100 بسرعة 1.6 ميغابت / ثانية بعد ان احتلت كندا المركز الاول بسرعة 59.6.
وقبل الشروع في تناول أوضاع الانترنت في العراق يمكننا ان نلقي نظرة عامة على إخفاق الدول في تحقيق سرعات مريحة لخدمات الشبكة، بما يعود بالنفع على سكانها وعلى أوضاعها الإدارية والتنظيمية.
يمكن أن يكون ضعف الإنترنت في بعض البلدان والمناطق نتيجة لعدة عوامل مترابطة، وعادة ما يكون لبعض الحكومات دور في ذلك.
والاسباب الرئيسة تتمثل بالافتقار إلى البنية التحتية المتطورة التي تعاني منها بعض البلدان وبذلك لن تحقق شبكات الإنترنت سرعات عالية، ومن البدائل المتوفرة ارتباطا ببنية تحتية سليمة، كابلات الألياف البصرية، ومن دونها تكون الشبكة غير قادرة على تلبية الطلب المتزايد على الإنترنت، مما يؤدي إلى الازدحام وبطء السرعة.
ويأتي الاستثمار المحدود في تطوير البنية التحتية للإنترنت في بعض البلدان، عاملا محبطا اذ يؤدي إلى تأخر التحديثات والتوسعات، و وربما تكون تكلفة تطوير البنية التحتية مرتفعة، وقد لا تكون الحكومات أو الشركات الخاصة قادرة على تحملها.
كما تفرض بعض الحكومات رقابة صارمة على الإنترنت، مما يؤدي إلى تقييد الوصول إلى بعض المواقع والتطبيقات، كما يلجأ بعضها إلى قطع الإنترنت أو تقييد سرعته في أوقات الاضطرابات السياسية أو الاجتماعية.
وهناك أسباب أخرى ترتبط بالتضاريس والموقع الجغرافي، مثل صعوبة الوصول إلى بعض المناطق النائية او الريفية أو الجبلية، ما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة تطوير البنية التحتية للإنترنت فيها، وقد تكون بعض البلدان عرضة للكوارث الطبيعية، مما يؤدي إلى تدمير البنية التحتية للإنترنت وتعطيل الخدمة.
و في بعض البلدان ذات الدخل المنخفض تبرز مشكلة كلفة خدمات الإنترنت عالية السرعة، كما ينعدم التنافس بين الشركات المزودة للخدمة، ما يؤدي إلى ارتفاع الاسعار.
وهنا يأتي دور الحكومات اذ يمكن ها أن تؤدي دورا حيويا في تحسين البنية التحتية للإنترنت عن طريق الاستثمار في تطويرها وتشجيع المنافسة بين الشركات المزودة للخدمة، و يمكن للحكومات أيضًا أن تضع سياسات وتنظيمات تضمن توفير خدمات إنترنت عالية الجودة وبأسعار معقولة، ويبرز هذا في العراق بخاصة، اذ تتوافر فيه الامكانات المادية والبشرية.
و في بعض الدول قد يكون لضعف الحكومات، وعدم الاستقرار السياسي، والفساد دور سلبي في تطوير البنية التحتية.
ويواجه العراق تحديات كبيرة في مجال خدمة الإنترنت، مما أدى إلى تصنيفه في مراكز متأخرة عالميا. وتتعدد الأسباب التي تسهم في ضعف خدمة الإنترنت في العراق، ومن أبرزها، البنية التحتية المتدهورة، اذ تعاني البنية التحتية لشبكات الإنترنت في البلد من تهالك وتقادم، و تفتقر إلى التحديث والتطوير المطلوبين لمواكبة التطورات التكنولوجية السريعة.
و تعتمد عديد المناطق في العراق على شبكات الإنترنت اللاسلكية (واي فاي)، التي تعاني من ضعف الاستقرار والسرعة، بدلا من شبكات الألياف الضوئية الأكثر كفاءة، وكثيرا ما جرى تشخيص الفساد وسوء الإدارة عائقًا كبيرًا أمام تطوير قطاع الاتصالات في العراق، اذ يؤدي إلى تبديد الموارد وتعطيل المشاريع الحيوية.
و تتسبب المصالح السياسية والحزبية في عرقلة اتخاذ القرارات المناسبة لتطوير قطاع الإنترنت، ما ادى إلى تدهور الخدمة، كما اثر الوضع الأمني غير المستقر في بعض مناطق العراق على جودة خدمات الإنترنت، فكثيرا ما تعرضت البنية التحتية للشبكات للتخريب والتدمير.
وفي بعض المراحل تعمد الحكومة إلى قطع خدمة الإنترنت لأسباب أمنية، مما يؤثر سلبا على مستعمليها، كما تؤدي الاجراءات الحكومية في كثير من الاحيان إلى تقييد الوصول إلى بعض المواقع والتطبيقات.
كما ان قلة الاستثمار في هذا القطاع، وعدم تواجد دعم حقيقي من قبل الحكومة لتطوير هذا القطاع، وعدم تواجد شركات منافسة قوية في السوق العراقية، كثيرا ما منع الشركات الموجودة من تطوير خدماتها.
ان لبطء شبكة الانترنت وتدهورها يؤثر بصورة جذرية على حياة الافراد وعمل المؤسسات والدوائر والشركات، ويتطلب معالجة هذه المشكلة تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بوضع استراتيجيات فعالة لتطوير البنية التحتية، ومكافحة الفساد، وتحسين الوضع الأمني، وتشجيع الاستثمار في قطاع الاتصالات.
وتبرز في العراق اسماء شركات محدودة يعرفها السكان ومنها "إيرث لنك"، وفي مجال شبكات الهاتف، شركة زين للاتصالات وشركة آسياسيل و شركة كورك، فيما يعلن بين مدة واخرى عن فتح السوق لشركات جديدة غير ان المتحقق على ارض الواقع يظل مجهولا للسكان، ويفسر ذلك بغياب الشفافية، او عدم استكمال التعهدات.
واعلن منذ عام 2018 وحتى قبل ذلك بإعلان شركة ايرثلنك وفقا لعقد (ا/شراكات/2015) عن رغبتها للتعاقد مع مقاولين ثانويين لمشروع FTTH المتمثل بمد وإنشاء شبكات ضوئية للمشروع الوطني الجديد الذي اشير الى انه يتكفل بإنشاء منصة رقمية وطنية متطورة، معتمدة على شبكة بنى تحتية من ألياف ضوئية بسعات هائلة، بحسب اعلام المشروع الذي اضاف، ان العراق تمكن من ربط شبكة حكومية مؤمنة، التي تؤسس بدورها لحكومة إلكترونية فعالة، اذ يهدف المشروع أيضًا لجعل الإنترنت متاحاً لجميع العراقيين بسرعات عالية وأسعار زهيدة، فضلا عن ربط العالم رقميا عن طريق العراق عن طريق إمرار السعات الدولية (ترانزيت)، بحسب المشروع الوطني، الذي اردف، ان المشروع الوطني للإنترنت يهدف لأن يضع العراق في مصاف الدول المتقدمة، عبر توفير البيئة المناسبة لجعل البلد منتجا للبيانات والمعلومات، فيكون العراق منتجا للمعرفة وليس مستهلكا لها، مما سيشكل الركيزة الأساسية للتنمية الاقتصادية والمجتمعية، وكذلك النهوض بمنظومة الأمن والدفاع الوطنية بتوفير البنية التحتية المطلوبة لها.
ومنذ ذلك الحين، وبرغم مرور السنين لم يتحقق للعراقيين استعمال واسع كفء لسعات الانترنت المطلوبة، فظلوا يدفعون المبالغ ذاتها اذا لم تكن قد زادت، مقابل انترنت بطيء جدا.
أقرأ ايضاً
- في العراق.. السياسة بوصفها مهاترات وثرثرة
- العراق.. السيادة والكهرباء !
- دوري نجوم العراق.. ما له وما عليه