بعد مرور ما يزيد على خمس سنوات من التغيير الفلكي في العراق في العام 2003 مايزال المواطن العراقي يئن تحت طائلة مشاكل عويصة لعل في مقدمتها سوء الخدمات العامة بل انعدامها في بعض الأحيان.
اليوم مايزال المواطن العراقي الفقير وسط جحيم الحر اللاهب لأن الكهرباء (الوطنية) لا تكاد تصله سوى سويعات معدودات طيلة اليوم، وهو غير قادر على دفع التكاليف الباهظة المترتبة على شراء الكهرباء من المولدات الأهلية دون أن توضح الدولة للمواطنين أسباب كل ذلك. وفي الكثير من الأحياء الشعبية في البلاد ماتزال مياه الصرف الصحي تتدفق بحرية الى داخل الأحياء وحواليها وفي أماكن أخرى تتجمع تلك المياه لتشكل بركا آسنة تلقي بظلالها على المساكين القريبين منها فتصيبهم الأمراض الفتاكة التي لا يجدون لها علاجا لأن المستشفيات الحكومية، على وجه العموم، في حال مزر فالأوساخ غدت منظرا مألوفا في أنحائها والأدوية شحت منها وأسرّتها وأفرشتها لاتليق بمستوصف صحي مشيد وسط مجاهل أفريقيا!! أما المسؤولون المعنيون فقد صموا الآذان وأغلقوا العيون وانصرفوا الى شؤونهم الخاصة.
مئات الآلاف من أولئك الفقراء المظلومين حتى هذه اللحظة يشاهدون يوميا (نشاطات) مجلس النواب، الذي يعيش أعضاؤه عوالمهم الخاصة بعيدا عن معاناة الناس ولسان حالهم يقول: (أهؤلاء ممثلونا المخلصون؟!) وآخرون يضيفون (هل حقا هذه الأزمات الخانقة المتواصلة للبنزين والنفط والأسعار العالية جدا لغاز الطبخ؟ كيف يحصل كل ذلك في مدن تطفو على بحار من النفط مثل البصرة المهدمة أو محافظة ميسان البدائية في وقت تعيش فيه بلدان أخرى مثل الأردن وتونس أوضاعا أفضل منا بكثير رغم عدم أمتلاكها النفط أو الغاز أو الثروات الأخرى؟)
ونقول للحكومة العراقية والأحزاب المتنفذة في البلاد: لقد بدأ الشعب العراقي يفقد الثقة بالكثير من الوعود الفارغة (الكهرباء على رأسها) وبدأ يضيق ذرعا بالأوضاع المأساوية المتفاقمة والظلم الصارخ المتأتي من استئثار المسؤولين الكبار (وزراء وأعضاء مجلس نواب ووكلاء وزارات ومدراء عامين) بالمال الحرام والخدمات النخبوية الخاصة على حساب الملايين المظلومين. هل تدري الحكومة أن تواصل الحال على هذا المنوال ربما يؤدي الى انفجار كبير لاتحمد عقباه كما ورد معنى ذلك على لسان الشيخ عبدالمهدي الكربلائي ممثل السيد السيستاني في خطبة يوم الجمعة أمس؟
لابد أذن من وضع اليد على الجرح الخطير ومحاربة المفسدين بشفافية ودون مجاملة أو مراعاة للتوافقات السياسية فهؤلاء المفسدون معروفون اليوم للناس كافة بعد تعمق الوعي وتعاظم الشعور بالمظلومية. كما نهيب بهيئة النزاهة العامة أن تتحرك بكل قوة ومسؤولية للتصدي للظلم الذي يلتهم الفقراء ويعذب المحتاجين. ونقول للعراقيين المظلومين: الانتخابات قادمة فلا تفوتوا الفرصة التاريخية هذه فلقد انكشف المستور وعرف الناس المجرم والقاتل والسفاح والدجال. لاتسيروا دون وعي مثل المرة السابقة وراء (المتدينين المزيفين) انما اختاروا حصرا من يتصف بالنزاهة والولاء للعراق وحب العراقيين.
انها المعركة الفاصلة التي لابد من الاستعداد لها جيدا وخوضها بكل قوة وشراسة واندفاع ومسؤولية لتحقيق بعض الآمال المشروعة.
أقرأ ايضاً
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- متاهة العراقيين
- موت العراقيين .. حكاية لا تنتهي