- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
النتيجة المحتملة واحتمال النتيجة في قانون العقوبات
بقلم: سارة عدنان عبد الرحمن
استخدم المشرع الجنائي العديد من المصطلحات المنطقية في صياغته للنصوص الموضوعية او الإجرائية، مثال ذلك اليقين والظن والشك والاحتمال فإن موطن تلك المفاهيم هي العلوم المنطقية والفلسفية استعان بها القانون الجنائي لضرورة البناء التشريعي للنصوص.
ويلاحظ ان تلك المفاهيم تختلف من حيث درجة دلالتها على الواقع الخارجي فهي من المفاهيم التشكيكية المتفاوتة من حيث الدلالة حيث يعتبر اليقين اقرب الى إدراك الواقع المتحقق بينما الشك يعتبر في ادنى المراتب في الوصول للحقيقة الواقعية وسنقتصر في تلك المقالة على مصطلح الاحتمال الذي ورد في صياغة بعض النصوص العقابية حيث يعرف الاحتمال وفق المنظور المنطقي بانه: مرتبة بين الشك واليقين او مرتبة بين مراتب الحقيقة وان تفاوتت او هو مقياس لدرجة التوقع بناء على ترجيح، فالمهم في الاحتمال ليس الشك وانما نسبة الاقتراب من الحقيقة وكلما ابتعد الإحتمال عن مراتب الشك واقترب من العقلانية والقبول صار داخلا في الحقيقة.
من خلال التعريف يتضح ان الاحتمال هو من مراتب الوصول للحقيقة حيث قد يستمر التصعيد الذهني منطلقا من الاحتمال ليصل الى اليقين أو قد يقف في درجة الاحتمال لانعدام القرائن او الدلائل التي تنقل المحتمل الى اليقين. كذلك يجب ان نلاحظ ان الاحتمال بمفهومه العقلي يختلف عن الاحتمال اللفظي الذي يتركز على دلالة الالفاظ اذ قد يدل اللفظ على اكثر من معنى وبشكل متساوي دون وجود مرجح لاحدهما.
فضلا عن ذلك ان الاحتمال قد يكون وفق الاستدلال العقلي المحض المجرد من الواقع وهو مستبعد عن نطاق القانون الجنائي وهناك الاحتمال الفعلي المستمد من الواقع الخارجي ويمثل اهتمام المشرع الجنائي
وطبقا لذاتية القانون الجنائي فقد تلون الاحتمال بما يتوافق ومتبنيات المشرع الجنائي اذ يقصد بالاحتمال الجنائي: وهو الحالة التي يرجح فيها الجاني حدوث النتيجة على عدم حدوثها وتعد بحق المجال الحقيقي للقصد الاحتمالي وبذلك فان الاحتمال عكس مفهوم
الامكان الجنائي: والذي يعني الحالة التي تفترض ترجيح الجاني عدم حدوث النتيجة على حدوثها.
وبعد ان بينا الاحتمال من حيث المفهوم ومدى اقترابه من الواقع. يتوجب ان نوضح المعيار للتمييز بين مصطلح النتيجة المحتملة واحتمال النتيجة.
اذ ينبغي ان نلتفت ان دلالة اللفظ تختلف باختلاف موضعه في تراكيب اللغوي المتماثلة على الرغم من وحدة المفهوم أو يمكن القول ان المعنى يتباين بحسب المتعلق للفظ فالنتيجة المحتملة ذو دلالة واقعيه خارجية بينما احتمال النتيجة ذو دلالة نفسية وعليه نخلص هنا لفرق بين الاصطلاحين أن احتمال النتيجة: ذات دلالة نفسية اذ هي تعبير عن الجانب النفسي والادراكي، اي قدرة الشخص على توظيف ملكاتة الارادية المتعددة على نحو سليم يتيح لها استنباط نتائج ظاهرة.
اما النتيجة المحتملة: فهي وصف ظاهر يضفى على الكيان المادي لظاهرة معينه وهي ذات دلالة مادية محضة وتنضبط بمعيار السببية الطبيعية، فاذا اجتمعت عوامل مخصصة على نحو محدد توافرت نتيجة محددة. ويترتب على هذا تمايز الاختلاف من حيث النطاق والاثار والاحكام المنظمة لهما.
أقرأ ايضاً
- الجريمة الالكترونية والحاجة لتشريع قانون مكافحتها
- اجتماع النقيضين في القانون المدني العراقي
- صهاينة تحت القانون