بقلم: عباس الصباغ
كانت ثيمة الهبّة الديموغرافية من مخرّجات التعداد السكاني التاريخي الذي اجري مؤخرا في العراق وقد كشف عنها رئيس الوزراء السوداني كنتيجة موثوقة لهذا التعداد ، فلم يعد العراق مميزا بسماته التي ينفرد بها عن دول الجوار مثل الموقع الجغرافي الجيبولوتيكي الحيوي الرابط بين الشرق والغرب والواقع في قلب العالم، تضاف اليه خصائصه الجيوسياسية المحورية لأهميته بحكم موقعه ودوره في مجمل الرؤى السياسية للشرق الاوسط والفاعلة في تقريب وجهات النظر المتباينة كما حصل مع السعودية وايران اضافة الى عدم انزلاقه في سياسة المحاور، ناهيك عن خصائصه الاقتصادية والثرواتية وموارده الحياتية الاخرى فالنتائج الأولية للتعداد العام للسكان بتجاوز عدد سكان العراق حاجز الـ45 مليون نسمة جاءت لصالح التنمية المستدامة المنشودة في البلد والتي جوهرها الهبّة الديموغرافية التي تأتي لتضيف سمة جوهرية اخرى تضاف الى منظومة السمات الجوهرية التي حباها الله تعالى العراق بها، ولكنّ الهبّة الديموغرافية ترتكز في مقدمتها لانها اساس النهضة والنهوض المستدام لأي بلد يتمتع بها خاصة لبلد مثل العراق وقد خرج مثل العنقاء من محن وكوارث واحتلالات وظروف سياسية واجتماعية عسيرة.
قالت وزارة التخطيط إن عدد سكان العراق وفق التعداد بلغ اكثر من 43 مليون نسمة، ومن حسن حظ العراق أن يدخل سكان العراق المرحلة الرابعة من مراحل التحولات الديموغرافية وصولا لدخوله مرحلة (الهبّة الديموغرافية) التي تقلّ فيها معدلات الخصوبة الى مستوى الإحلال وتنخفض نسبة الفئات العمرية بعمر الإعالة مقابل زيادة نسب الفئات العمرية بسن العمل ، وهي المرحلة التي يبلغ فيها مجتمع ما الذروة في حجم السكان في سن العمل (١٥-٦٥ سنة) مقابل أدنى نسبة للسكان المعالين الاطفال والمسنين، وهذه النسبة هي القادرة على ان تضمن الزيادة في الانتاج وتحقيق وفرته، وضمان الوصول الى الدولة الحضارية المنشودة، ان هذه المرحلة تمنح الدولة فرصة فريدة لتحقيق نمو اقتصادي سريع إذا تم استغلالها بشكل صحيح ، وقد قيل ان نسبة الافراد في سن العمل في العراق بلغت اكثر بقليل من ٦٠٪. وهذه نسبة جيدة مؤداها ان العراق يملك رأسمالا بشريا قادرا على العمل بنسبة جيدة مايشي ان العراق هو بلد فتيّ.
ومن نافلة القول انه يعدّ التغير في التركيب العمري للسكان لصالح العراق هو نتيجة عمليات ديموغرافية خلال مدة زمنية طويلة نسبيا بسبب تراكم مؤشراتها في مراحل سابقة وشكلت أساسا لعمليات ديموغرافية مهمة ستحصل في السنوات المقبلة، إن مثل هذا التركيب يعكس عمليات ديموغرافية طويلة الأمد قد تكون امتدت إلى أكثر من جيل في المرحلة السابقة له، كما يمكن في الوقت نفسه، الاستشعار بالعمليات الديموغرافية اللاحقة التي تتحكم بتطور السكان في المرحلة القادمة وعلاقتها التكاملية بالتنمية، لاسيما أن التغيرات الديموغرافية ذات طبيعة يمكن التنبؤ بها لذا من الطبيعي ان يتم استثمار تلك الهبّة من اجل احداث التنمية والتنمية المستدامة.
أقرأ ايضاً
- أسطورة الشعب المختار والوطن الموعود
- موقف السيد السيستاني من سرقة أموال الشعب بعنوان مجهول المالك؟!
- اختلاف أسماء المدن والشوارع بين الرسمية والشعبية وطريقة معالجتها