مع بدية كل موسم حصاد لمحصول القمح تندلع عدة حرائق تكلف المزارعين مبالغ طائلة، وعادة ما تنسب إلى أسباب مختلفة كارتفاع درجات الحرارة أو التماس الكهربائي أو الانبعاثات الغازية وغيرها، وهناك من ينسبها إلى فعل فاعل، وعلى الرغم من التحقيقات الكثيرة التي أجريت إلا أنه لم يتم التأكد ما إذا كان هناك فاعل حقيقي خلفها، فيما بدأت مديريات الدفاع في المحافظات باتخاذ إجراءات استباقية مع بداية كل موسم.
وفي 28 نيسان الماضي، اندلع حريق في حقل لمحصول القمح مساحته 25 دونما في ناحية الحرية بمحافظة النجف، إلا أن فرق الدفاع المدني تمكنت من السيطرة على النيران وإخمادها وانحسرت الخسائر بثلاثة دوانم فقط.
ويقول مدير إعلام الدفاع المدني في محافظة النجف، العقيد رحمن حسين، إن “مديرية الدفاع المدني ومع بداية كل موسم تصدر حزمة من الوصايا والإرشادات الخاصة بفصل الصيف وحرائق المزروعات”.
ويضيف “في الموسم الحصاد هناك خطه بشقين، الشق الأول إعلامي، وهو عبارة عن محاضرات وإرشادات عن طريق الجمعيات الفلاحية والهيئات حيث يتم اللقاء بالفلاحين والمزارعين والعاملين في هذا المجال وبالأخص أصحاب الجرارات والحاصدات”.
ويؤكد حسين، أن “موسم هذا العام سيكون موسما وفيرا بالاعتماد على كمية هطول الأمطار الغزيرة وبالأخص المناطق التي يتوقع أن يكون فيها حصاد أكثر”.
ويشير إلى أن “المحافظات الجنوبية تبدأ بالحصاد قبل المحافظات الشمالية لطبيعة المنطقة والأجواء الحارة التي تتمتع بها المنطقو، ومديرية الدفاع المدني وضعت مرابطات بالقرب من حقول القمح في عموم المحافظات لسرعه الوصول إليها، وأيضاً هناك مفارز مرابطة داخل السايلوات وصوامع خزن الحبوب وستكون المديرية متواصلة مع الجمعيات والهيئات الفلاحية والمزارعين من قبل بداية موسم الحصاد وحتى خزن المواد سيكون موسما آمنا ويحقق اكتفاء ذاتيا”.
ويوضح أن “هناك عدة وصايا وإرشادات تقدمها مديرية الدفاع المدني، منها عدم إشعال النيران والتدخين داخل المزارع، وتوفير مستلزمات الإطفاء، والحذر عند تزويد الحاصدات والمولدات الكهربائية بالوقود خشية انسكابه على الأرض، وكذلك من خلال الصيانة الدورية للعجلات، وتنظيف الحقول من الزجاج لكونه عاكسا لأشعة الشمس مما يؤدي إلى اندلاع النار بالمزروعات المتيبسة، وكذلك عدم إجراء عمليات اللحام داخل المزارع، والانتباه إلى عبث الأطفال”.
يشار إلى أن ظاهرة حرائق حقول القمح بدأت بعد هزيمة تنظيم داعش الارهابي في العراق عام 2017، وأول ما ظهرت في محافظة نينوى التي تعد في مقدمة المحافظات المنتجة للقمح والشعير، وفي حينها اتهمت الجهات الأمنية وكذلك الخبراء الأمنيين التنظيم الارهابي بالوقوف وراء الحرائق.
من جهته، يبين الباحث الاقتصادي عبد السلام حسن، أن “هناك تضارب بشأن حرائق محصول القمح وحجم الخسائر، فالبعض يرى أنها بفعل فاعل، كما لم يتم التوصل لحد الآن إلى أن حرارة الطقس هي السبب”.
ويرى حسين، أن “هذه الحرائق وقد تكون ضمن حسابات بين الإقطاعيين حيث أنهم مستولين على هذه أراضٍ شاسعة بحجج قانونية وغير قانونية، ولذلك فإن 90 بالمئة من هذه الحرائق بفعل فاعل وهذا ما أكدته التحقيقات السابقة التي تقول إنها متعمدة لإلحاق خسائر مادية بالآخرين أو لتحقيق الربح من خلال بيع أكبر كمية ممكنة من المحصول، أو لوجود مشاكل عشائرية وخصومات فيما بينهم”.
ويعزو أسباب الخسائر الكبيرة إلى “الوصول المتأخر من قبل فرق الدفاع المدني إلى الحقول المحترقة ما يسبب خسائر كبيرة، كما أن الدولة لا تقوم بتعويض المزارعين المتضررين من الحرائق ما يضاعف من الخسارة”.
ويعدّ العام 2020 أحد أكثر الأعوام فتكا بمحاصيل القمح والشعير، فضربت فيها الحرائق 16 محافظة، وبلغت الحرائق 164 حادثا خلال الفترة من 21 نيسان أبريل وحتى 22 آيار مايو من العام المذكور، وذلك وفقاً لبيانات رسمية، وشملت احتراق نحو 102 ألف دونم من المحاصيل الزراعية.
بدوره يوضح رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في النجف، محسن الحجامي، أن “موضوع الحرائق ينقسم إلى قسمين: الأول، هي الحرائق الطبيعية، والثاني تكون بفعل فاعل، وبالنسبة للكوارث الطبيعية فإن الدستور والقانون كفل التعويض، أما التي تحدث بفعل فاعل فتكون ضئيلة جدا وقد تكون بسبب حرق مخلفات القمح ما يسمى (بالتبن) فتنتقل إلى الحقل، وبالفعل حصلت هذه الحالة في منطقة (الوهابي) التابعة لمحافظة النجف العام الماضي وأدت إلى احتراق ما يقارب 110 دوانم وبعد ذلك تم السيطرة عليها، إلا أن البعض قالوا إنها بفعل فاعل والبعض الآخر عزوا سببها إلى تماس كهربائي”.
ويؤكد “نحن كجمعيات فلاحية عقدنا عدة جلسات مع الفلاحين والمزارعين حول هذا الموضوع، وقمنا بتثقيفهم على عدم حرق مخلفات محاصيل القمح، كما حصل توجيه من مديرية الدفاع المدني النجف بهذا الموضوع، والفلاح اليوم أصبح لديه درجة من الثقافة بهذا الغرض”.
يشار إلى أن حرائق حقول القمح عادت مجددا في شهر آيار 2023، حيث اندلعت النيران في 20 دونما في بلدة سموم بقضاء سامراء في محافظة صلاح الدين، كما التهم حريق في محافظة النجف عشرات الدوانم، وكذلك شب حريق هائل في حقل للقمح بناحية العدل في محافظة ميسان، وتمكنت فرق الدفاع المدني من إخماد حريق كبير اندلع داخل حقل في منطقة الصياحية بمحافظة بابل.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)
- بعد معاناة (15) عاما مع المرض.. سكينة بنت النجف تلقتها أيادي الأطباء في مؤسسة وارث من خلال المبادرة المجانية
- مزرعة فدك الثانية: الفي دونم ستحي المناطق الصحراوية بين كربلاء والنجف من خلال 200 الف فسيلة (فيديو)