"يا رشيد كيف صبرك اذا ارسل إليك دعي بني امية فقطع يديك ورجليك ولسانك"، فقلت: "يا امير المؤمنين و آخر ذلك الى الجنة؟"، فقال: "يا رشيد انت معي في الدنيا والاخرة" قلت: "فو الله ما ذهبت الايام حتى ارسل اليه الدعي عبيد الله بن زياد فدعاه الى البراءة من امير المؤمنين (عليه السلام)، فأبى رشيد ان يتبرأ منه، فقال له الدعي: "فبأي ميتة قال صاحبك تموت؟"...
ينقل لنا التاريخ صور مشرفة للصحابة والتابعيين في مواقفهم أمام طواغيت عصورهم، ومن بينهم رُشَيد الهجري – (بضم الراء وفتح الشين وسكون الخاتمة على وزن فعيل مصغر رُشد)، الذي لم تذكر الروايات لنا تاريخ استشهاده بالتحديد، بل جرت العادة عند العراقيين بإقامة العزاء له (رضوان الله عليه) في السابع من صفر من كل عام مع ذكرى استشهاد الامام الحسن المجتبى (عليه السلام) ذلك كرامة لمنزلة هذا الصحابي المظلوم، فمنذ عشرات السنين بات السابع من صفر من كل عام يوما لزيارته المخصوصة، وما اكثر الزائرين في هذا اليوم العظيم!! الذين يتوافدون لإحياء هذه المناسبة الاليمة في منطقة (الشهابية) بناحية الكفل التي تبعد 30 كيلومترا عن مركز الحلة الفيحاء، حيث يرقد الصحابي الجليل والتابعي الهجري فيها.
وقد حضرت (وكالة نون الخبرية) مراسيم العزاء في السابع من صفر الخير، والتقت بالسيد احمد الحسني الامين الخاص للمزار الشريف الذي قال: تنقل اكثر الروايات انه كان صحابياً جليلاً، فقد شهِدَ معركة (اُحد) مع النبي (صلى الله عليه واله) وكان يضربُ الفارس ويقول: "خُذها وأنا الغلام الفارسي"، فنهاه النبي (صلى الله عليه واله وسلم) عن هذه المقولة، وقال له (صلى الله عليه وآله): "يا رشيد انّما قُل: خذها وانا الغلام الانصاري"، فضرب وقال: "خذها وانا الغلام الانصاري فتبسم النبي وقال: "احسنت ابا عبد الله"، و (ابا عبد الله) هي كُنيته (رضوان الله عليه).
واضاف "كان (رضوان الله عليه) احد تلامذة امير المؤمنين (عليه السلام) المخلصين، وقد اختصه امير المؤمنين (عليه السلام) بعلم المنايا والبلايا، كما كان الصحابي ميثم التمار وحبيب بن مظاهر الاسدي (رضوان الله عليهم)".
وعن عمارة المزار تحدث الحسني قائلا: "كان مرقد الصحابي الهجري عبارة عن غرفة صغيرة، الى ان جاء الحاج صالح الجوهرجي (من سكنة المنطقة) وهذا تقريباً في العقد السادس من القرن المنصرم حاملا ً الاموال لبناء قبة صغيرة وغرفة، فأصبحت غرفة وقبة، وفي عام 1992م قام المواطن (مقداد السعد) احد المتنفذين حينها ببناء المزار الذي استمرت عمارته الى ان سقط النظام المقبور عام 2003م"، اما سبب البناء فقال: "في عام 1992 صدر حكم الاعدام بحق (مقداد السعد)، وفي ليلة الاعدام زاره رُشيد الهجري (في عالم الرؤيا) وقال: "له انا مُخلّصك يا مقداد من هذه البلية والمصيبة ولكن قبري مظلوم ومهدوم عاهدني على بناءه"، فقال الرجل و انا اعاهدك، وفي اليوم التالي اطلقوا سراحه، وعند عودته للديار اخبر الاهالي بالرؤيا وتوجه ومن معه نحو المزار الشريف للإيفاء بالعهد"، منوها "استمر المرقد بعمارته هذه وقام الوقف الشيعي بضمِّه اليه ثم جعلوا فيه امانة خاصة".
وتابع الحسني: "تم الشروع بالعديد من المشاريع التحتية للمزار ومنها استملاك الارض التي يقع عليها المزار وهي قرابة تسعة دونم، اما المرقد نفسه مع الصحن فتبلغ مساحته دونما واحد فقط، اما اقسام وشُعب المزار فتضمُّ كوادر هندسية واعلامية ودينية وخدمية متكونة 90 منتسبا ومنتسبة، كذلك فتح باب التعاون مع مديرة الكهرباء بالتعاون مع مجلس محافظة بابل لتزويد المرقد بالطاقة الكهربائية على مدار اليوم".
ونوه الحسني عن "توقيع عقد مع احد شركات من اجل اعادة بناء المرقد بهيكلية تضاف للشكل القديم كـبناء قبة كبيرة تجاورها منارة او اثنين وتوسيع الصحن الشريف".
اما ما ذكره التاريخ في تعيين مرقده وتاريخ عمارته يشير الى عمارات اخرى ذكرها الشيخ محمد حرز الدين في (مراقد المعارف) بقوله: "مرقده بباب النخيلة ضمن حدود الكوفة قديماً، ويقع شرقي مرقد نبي الله ذي الكفل (عليه السلام) على بعد كيلو ونصف منه تقريباً وهو على يمين الذاهب الى مسجد الكوفة بالطريق العام عبر فرع نهر الفرات على جسر العباسيات الى الحلة السيفية وبالتحديد في مقاطعة الشهابية التابعة إدارياً الى ناحية الكفل في محافظة بابل في الوقت الحاضر".
كما ذكر محددا سنة زيارته لمرقد الهجري قائلا: "وقفنا على مرقده سنة (1308) هجرية وكان حجرة صغيرة عليها قبة بيضاء عتيقة مبنية بالجص والحجارة".
أما اليوم فينتصب قبره المبارك والذي يبعد قرابة كيلو مترين عن الشارع الواصل بين النجف والحلة وتحديدا في منطقة الشهابية التابعة لناحية الكفل ضمن محافظة بابل، حينما يصل الزائر الى باب الصحن يطلع ان باب الحرم تعلوها كتيبة لمرقد الصحابي الشهيد الهجري والحرم ينتهي به الى قاعة يقع الى يمينها القبر وهو عبارة عن صندوق خشبي تتخلله شبابيك حديدية بارتفاع مترين ونصف تبلغ مساحة الصندوق (2.25×3) م ويحتوي الحرم على رواقين احدهما للرجال والاخر للنساء ويعلو السطح قبة خضراء مكسوة بالكاشي الكربلائي ومن حيث كراماته فهي كثيرة وبراهينه واضحة للمؤمنين.
تقرير: حسنين الزكروطي
تصوير: صلاح السباح
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "