بقلم:عبد الحميد الصائح
(ماهو البديل ؟) أشهر سؤال في العراق منذ اختراع الدولة الى اليوم، ليس سؤالا بقدر ماهو اقرار بانعدام البديل اساسا، او محاولة استباقية لما اسميه هنا (اعدام البديل) والغاء امكانية وجوده.
اشهر حوادث وقصص اعدام البديل، ماورد في رؤيا فرعون التي انذرته بزوال مُلْكِه، فأمر بقتل كل طفل يلد كي لايكون بديلا له،حتى اوقعه الله في شر رؤياه، فسلط عليه الطفلَ الذي قام بتربيته بنفسه!
واعجب تصريح سياسي حول اعدام البديل، قول لنائب اسمه فؤاد الدوركي عن ائتلاف دولة القانون في 3-5-2014 ايام المباحثات الدائرة لاختيار رئيس الوزراء انذاك: بديل المالكي هو المالكي، وقول لنائب موال اخر هو السيد عباس البياتي: حتى اذا توفي فسنقوم باستنساخه!
موضوع محو البديل او (ماكو بديل) دخل قاموس التخريف الشعبي، وتحوّل في العصرالحديث الى مؤامرات وتصفيات لاسيما في الدول التي شهدت عبادة الاشخاص، فالناس فيها لايتخيلون حاكما غيرالحاكم، ولا ملاّ غير الملاّ ولاشيخ العشيرة غير شيخها. في العراق حين وصل الأمر بصدام الى تجريب جميع مايمكن ان يطرأ في السياسة، من الحرشة الى الحرب، ومن حياة المليارديرية التي وعد بها العراقيين، الى بيع ابواب الغرف مقابل الغذاء، حتى تهددت الدولة تماما وحين تتحدث عن فرص تَغيُّرِه او تغييره في حينه، تتوقف حواسك من الشم والسمع والنطق والنظر واللمس حين يُلقمُك الصديق قبل العدو بـ (منو البديل ؟).. حتى احتلوا العراق وجلبوا قوافل البدلاء من كل فجّ عميق، ما ان ضبّطوا لهم الكراسي والمواقع والتعويضات ونالوا حصاد الجهاد، حتى استعاروا سؤالنا الوطني!: منو البديل ؟. وبعد ان كان هذا السؤال يقال عن رحيل الحاكم ابو العشرين والثلاثين سنه، صار السؤال مباحا حتى عن اللي يحكم ستة اشهر او يترأس حزبا صغيرا،او مؤسسة، فاخذنا نسمع، منو بديل علاوي ومنو بديل الجعفري ومنو بديل المالكي ومنو بديل البرزاني ومنو بديل النجيفي ومنو بديل العبادي ومنو بديل المحمود ومنو بديل الشبوط، وعلى الضفة الاخرى من السؤال ينزف الشعب العراقي دما وتتبدد الثروات وتثبت التقارير الدولية، ان الدولة العراقية فاشلة ومهددة بالارهاب والافلاس، وعلى المواطن فيها ان يقاتل ويُقتلْ، ويبايع ويزحف ويتقشف ويسمع الخطب والمواعظ والتصريحات والاستنكارات وضجيج الخلافات السياسية، وليس من حقه ابدا ان يجيب عن سؤال الامة العراقية الخالد... منو البديل ؟ لتسري في عروق الشعب دائما حمّى الحنين الى الماضي بكل سيئاته، وكأنّ هذا الشعب قطيع لاينتج البدلاء في السياسة والاقتصاد، ولايُحكم الا من خارجه، حاضرُه دائما افضلُ من مستقبله، ولافرصة له عبر تاريخه القصير الا احد الخيارين، ادارة سيئة لشؤونه، او ادارة اسوأ منها!.
أقرأ ايضاً
- لنضرب الصهيونية من جديد.. الشركات البديلة بدلاً من الداعمة للاحتلال
- أزمة البديل السياسي لإيران وأمريكا في العراق
- أوكرانيا وحرب الفصائل: سيناريو الصراع البديل