بقلم:سالم مشكور
تعتصر قلوبنا ألماً لمشهد قتيل أو جريح من قوات البيشمركة، فهم اخوة لنا في الوطن، رغم زهد كثير منهم بهذه الاخوّة، فهؤلاء ضحايا أحلام سلطوية مريضة تستخدم هؤلاء الأبرياء أداة لتحقيقها فيكونون ضحية جهل وحماقة من يحرّكهم، وضحية اعلام سلطوي مكثف لا يتورع عن الكذب والتزوير وغسل أدمغة العامة لرميهم في أتون نار حرب خاسرة.
لكن أفواهاً كريهة، كالشوارب التي تغطيها، لمن يسمون أنفسهم اعلاميين، لا تتورع عن التشفي بغدر البيشمركة بعناصر من الجيش العراقي جاءت للتفاوض معهم على ترتيبات التعاون. لا أناقش وحشية هؤلاء في تعاملهم مع جثث الجنود الضحايا، فهؤلاء جهلة مغسولة أدمغتهم الى حد الاجرام، لكن ما يصعب تصديقه أن يخرج من يسمي نفسه مستشاراً إعلاميا في رئاسة الاقليم على احدى المحطات العربية مطلقاً كلاما غاية في الكراهية والوحشية، مستخدماً عبارات مثل “سحقنا جنود العدو وأبدناهم” لدرجة أثارت حفيظة حتى مذيعة المحطة الداعمة للاستفتاء والانفصال، ودفعتها الى الرد عليه باستغراب، ناهيك عما تضمنه حديثه من التزوير الممزوج بكلام طائفي كريه كان بعيداً جدا عن اللغة السياسية الكردية طوال
العقود السالفة.
لا تنحصر هذه اللغة بالإعلامي السنجاري، فمن يتابع اعلام حزب بارزاني هذه الايام، يصدمه مدى التردّي والضحالة في الخطاب الذي يقدمه، والتزييف الذي يعتمده لدرجة تثير سخرية أبسط الناس ثقافة. ليس الامر جديدا عليه، فمنذ سنوات وهذا الاعلام يحشد الشارع ويثير مخاوفه من بغداد، لدرجة أن الشارع الأربيلي بات يتحدث عن عدم وجود فارق بين صدام والحكام الذين خلفوه بل وصل الامر أحيانا انهم يقولون، إن صدام كان أرحم بنا، متناسين ببساطة كيف سلبهم النظام المباد انسانيتهم وكرامتهم وحياتهم، وكيف انهم نعموا في ظل النظام الجديد بما لم يحلموا به يوماً من جانب المركز فيما التجويع والتضييق على الحريات جاء هذه المرّة من بني جلدتهم الذين استولوا على كل شيء وراكموا أرصدة بالمليارات وتركوا الشعب للجوع والحرمان. ولا يقف اعلام بارزاني وتزييفه الحقائق عند حدود العراق ولغاته المتداولة الثلاث بل يتعداه الى عواصم أوروبية وأميركا، حيث تنشط مكاتب الاقليم التي باتت تتصرف كسفارات مستقلة، بحملة دعائية واسعة لكسب تعاطف الساسة في هذه البلدان، وفي واشنطن ينشط اللوبي الاميركي الذي استأجره بارزاني بملايين الدولارات والمؤلف من جنرالات سبق وخدموا في العراق، ودبلوماسيين سابقين أمثال زلماي خليل زاد وبيتر غالبريث وغيرهم، في اظهار كردستان العراق ضحية لـ”بطش” و”قتل” على يد “ميليشيات الحشد الشعبي الايرانية” كما يروجون، وهناك أعضاء في الكونغرس يتحركون لاستصدار قرار من الكونغرس يلزم الحكومة بتقديم الدعم لأربيل بوجه بغداد. كأن هؤلاء يقولون علنا إن على أميركا ان تدعم اللاشرعية، مقابل الشرعية التي تريد القوات العراقية الاتحادية فرضها، وان واشنطن مع تمدد بارزاني واستيلائه على آبار نفط،ينص الدستور على انها ملك لكل العراقيين.
يبقى أن اللغة العدائية لا تبدو مقتصرة على خطاب حزب مسعود السياسي والإعلامي، بل ان بافل طالباني، الذي يقال انه صاحب التمرد على بارزاني والتعاون مع بغداد، وصف قوات الشرعية الاتحادية بـ”العدو” وذلك في حديثه الى محطة “روسيا اليوم” الناطقة باللغة الانكليزية. قال أمرين خطيرين، الاول: انه وصف قوات الشرعية الاتحادية بـ “العدو”، أما الثاني فانه وصف انسحاب البيشمركة التابعين له بـ”التكتيكي” أي انه سيتحين الفرصة للرد على هذه القوات، رغم ان المذكور تحدث بلغة مغايرة تماما في محطات عراقية وعربية، الامر الذي قد يدعو للحذر في أي اتفاقات وإجراءات قد تعتبر الاتحاد الوطني الكردستاني بديلاً موثوقاً لحزب بارزاني.
أقرأ ايضاً
- دور الاعلام القضائي في تحقيق الأمن القانوني
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- تطبيع الاعلام حول مجازر غزة