دعا مؤتمر علمي عقدته كلية التربية ـ ابن رشد التابعة لجامعة بغداد الى اهمية حماية التربة من كل اشكال التعرية والانجراف ومحاربة تملح التربة ومكافحة تلوثها وتثبيت الكثبان الرملية.
واوصى المؤتمر الدولي الاول للتصحر ومشكلة المياه الذي انعقد في بغداد لدراسة هاتين المشكلتين وانعكاساتهما البيئية وسبل معالجتها بضرورة استثمار الموارد المائية الجوفية واستغلال المخزون الضخم من المياه لمواجهة خطر التصحر الى جانب محاربة القطع والرعي الجائرين وتشجير المناطق المتدهورة من الغابات واستصلاح المراعي عن طريق التشجير وغرس اصناف نباتية ملائمة.
المشاركون في المؤتمر الذي انعقد تحت شعار (نكافح التصحر نبني العراق) اكدوا على حماية الموارد المائية من التلوث وبناء السدود ووضع التشريعات لتقنين عملية حفر الابار والتركيزعلى البحوث الهادفة الى السيطرة على ادارة المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي واستخدامها في الزراعة واتباع الاساليب العلمية لاعادة اوضاع العراق في الميادين الزراعية والمائية والبيئية المطلوبة.
المؤتمر الذي ناقش اكثر من ثلاثين بحثا علميا لباحثين عراقيين وعرب على مدى يومين حضره السادة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ووزير التعليم العالي والبحث العلمي د. عبد ذياب العجيلي ومساعد رئيس جامعة بغداد أ.د معن الخالصي وعميد كلية التربية ـ ابن رشد الدكتور كريم حيدر رئيسا للمؤتمر وعدد من المسؤولين وممثلون عن الجامعات العراقية وشخصيات اكاديمية ومتخصصون في الري والزراعة والبيئة.
واستعرض الهاشمي في مستهل كلمة القاها في بداية حفل افتتاح المؤتمر اسباب الازمة المائية التي يواجهها العراق حاليا من حالة جفاف وانخفاض لمناسيب المياه في نهري دجلة والفرات والمسطحات المائية بسبب تناقص الموارد المائية ما يضع البلد في موقف لايحسد عليه.
الحل في الاتفاقيات الدولية
وقال: ان كل المؤشرات حاليا تنذر بان السنوات المقبلة ستكون شحيحة المياه اذ ان حجم الخزين المائي المتوفر متدن والتصاريف الحالية اقل من المعدل وان دول الجوار مستمرة قدما في تنفيذ مشاريعها التخزينية فضلا عن التغيرات المناخية التي تعم الكرة الارضية اذ يتوقع ان تشهد منطقتنا بما فيها احواض التغذية المزيد من الجفاف بالاضافة الى وجود حقائق طبيعية تصنف العراق من المناطق بين الجافة وشبه الجافة فمعدل الامطار السنوي لايزيد عن 200 ملم في السنة بينما نصف مساحة العراق تعد منطقة صحراوية تقريبا لا يزيد تساقط المطر فيها عن 50 ملم فيما تستفيد غالبية المساحة المتبقية من تساقط الامطار يتراوح بين 140ـ150 ملم في السنة عدا المناطق الجبلية المحدودة في الشمال الشرقي من العراق اذ يصل فيها التساقط حتى نحو 100 ملم في السنة.
اضاف السيد نائب رئيس الجمهورية في حديثه: ان الاحتياجات المائية للعراق ولغاية العام 2030 وبافتراض استخدام طرق واساليب الري الحديثة ستكون بحدود 58 مليار متر مكعب بتقدير الاحتياجات الزراعية بحدود 42 مليار متر مكعب والاحتياجات الاخرى من مدنية وصناعية وكهربائية وسدود وادامة للاهوار بحدود 16 مليار متر مكعب وباحتساب واردات النهرين التي تقدر في العام 2030 ما مقداره 44 مليار متر مكعب فهذا يعني وجود عجز بالمياه يقدر بـ 30 بالمئة من احتياجات العراق الفعلية، من هنا فان مشكلة الشحة واضحة وفي تفاقم مستمر والحل يكمن في دخول العراق باتفاقيات ملزمة مع دول الجوار تقرر له حصة عادلة ومستدامة من المياه.
ووجد الهاشمي ضرورة ان تترافق الاتفاقيات الدولية مع حزمة من السياسات والاجراءات الداخلية لترشيد استخدام طاقة المياه مقترحا اهمية تحسين ورفع كفاءة استخدام مياه الري ودعم برامج استخدام تقنيات الري الحديثة كالرش والتنقيط ورفع مستوى الوعي المائي والاستخدام العقلاني للمياه.
استنباط محاصيل تتحمل الملوحة
كما راى اهمية الاستفادة من مياه الامطار عن طريق بناء خزانات لجمعها الى جانب الاستعانة بالخبرات العالمية المتخصصة في مجال استصلاح الاراضي وغسلها لتخليصها من الاملاح المتراكمة فضلا عن وضع الخطط المناسبة لاستثمار الخزين المائي الجوفي الذي يعد ثروة وطنية ومصدرا ثانيا لمياه الري في العراق داعيا الى العمل على استنباط اصناف محاصيل تتحمل الملوحة وتقاوم الجفاف وصولا الى الحد من ظاهرة التصحر دعا نائب رئيس الجمهورية الى تفعيل توصيات اللجنة المشكلة لدراسة ظاهرة التصحر في العراق وكيفية معالجتها وهي التي تم اقرارها من قبل مجلس الوزراء بالقرار رقم 8 لسنة 2009 كما اكد اهمية احياء عيد الشجرة والى استحداث يوم لتكريم النخلة (ام الاشجار).
وفي كلمة تطرق وزير التعليم العالي د. عبد ذياب العجيلي الى المعاناة التي يعيشها العالم العربي من ارتفاع نسبة الاراضي المتصحرة التي تصل الى 68.4 بالمئة من المساحة الاجمالية للعالم العربي معرجا على العوامل المسؤولة عن ظاهرة التصحر مشيرا الى ان حالات الجفاف والملوحة في العراق اصبحت خلال العقود الاخيرة تشكل مشكلة خطيرة وقال: ان تربة العراق تحتوي على مكونات ملحية عالية اذ ان 61 بالمئة من الاراضي الزراعية مهددة بالتملح حيث يبلغ معدله 8 بالمئة وهذا يعني ان كل الترب ستتملح بعد 12 سنة اذا لم تستخدم الاساليب العلمية الحديثة مثل نظام التصريف الملائم، وفي استعراض قدمه لعوامل التصحر اكد الوزير ان تراجع الغابات واعداد النخيل كان عاملا مهما في تدهور البيئة وتوجهها نحو الجفاف.
وناشد الوزير في كلمته الجهات المعنية الى ضرورة اقامة المجمعات الطبيعية وتسييجها ووضع تشريعات قادرة على حماية ثروة الغابات وايقاف هجرة السكان من الريف الى المدينة وتهيئة الاقتصاد لمرحلة ما بعد النفط وزيادة الثروة الحيوانية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الغذائية باستثمار الموارد المائية الجوفية.
واحد بالمئة نسبة المياه العذبة
واوضح السيد عميد كلية التربية ابن رشد الدكتور كريم حيدر رئيس المؤتمر ان اكثر من 99 بالمئة من مياه الارض لايستطيع الانسان استعمالها في اغراضه اليومية ويبقى اقل من 1 بالمئة من مياه الارض هي المياه العذبة المتاحة للبشر الذين بلغوا الان اكثر من 6 بليون نسمة ومن هنا صارت للمياه اهمية كبيرة في حياة الانسان وهذا ينطبق على كل دول العالم ومن ضمنها العراق.
واضاف ان التصحر يعد من الكوارث الطبيعية والاجتماعية فهو التدهور الكلي او الجزئي الذي يحدث في عنصر او اكثر من عناصر الانظمة البيئية الارضية مؤديا الى تراجع خصائصها النوعية وتدني قدرتها الانتاجية الى الدرجة التي تصبح فيها هذه النظم البيئية عاجزة عن اعالة ما يعيش فيها من كائنات حية.
فيما أعلن رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاستاذ المساعد الدكتور سعد عجيل الدراجي: ان العلماء والاساتذة العراقيين المشاركين في المؤتمر ينتمون الى تسع جامعات ومركزين بحثيين اما الجامعات العربية فقد وصلت بحوث من خمس جامعات...
التصحر في العالم العربي
في بحثهما العلمي بشان التصحر في العالم العربي اشار الباحثان أ.م.د. حسين مجاهد مسعود و م.د. خالد محمد غومة من جامعة الفاتح ـ ليبيا الى ان مناطق تقع على اطراف الصحراء الكبرى هي كل من مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والبلدان المجاورة شهدت تحول 650 الف كيلو متر مربع من اراضيها الى اراض متصحرة خلال50 سنة فقط. وفي السودان يتقدم خط التصحر بمعدل 90 ـ 100 كم في السنة وان مساحة واحد بالمئة من الاراضي المروية في العراق يتملح سنويا وفي سوريا تقارب نسبة الاراضي المتملحة 50 بالمئة من الاراضي الزراعية.
بينما عزا الباحث أ.د. فلاح جمال معروف من كلية تربية بغداد ابن رشد تداعي انتاجية الاراضي وتملحها وتغدقها وشطبها من قائمة الاراضي الصالحة للزراعة الى عوامل بشرية مباشرة تتمثل في سوء استخدام الموارد المائية وضعف او غياب شبكات الصرف والبزل.
وتحدث بحث أ.د.علي عبدالزهرة كاظم الوائلي - كلية ابن رشد عن تعرية الريح وانجرافية التربة في محافظة واسط مشيرا الى ان وراء تعرية الرياح في المحافظة عدة عوامل منها جفاف التربة ونعومتها وقلة الغطاء النباتي وعناصر المناخ المتطرفة نسبيا كارتفاع معدلات درجات الحرارة او انخفاضها او ازدياد كمية الامطار الساقطة او قلتها فضلا عن سرعة الرياح واتجاهها.
واظهرت نتائج بحث اجراه أ.م.د.سعد عجيل مبارك الدراجي - كلية التربية ابن رشد وجود مؤشرات في عناصر مناخ مدينة بغداد منها ارتفاع معدلات درجات الحرارة وانخفاض كميات التساقط ما ينذر باستفحال ظاهرة التصحر في اقليم المدينة، وقد خرجت الدراسة بعدة توصيات لاحداث تنمية مستدامة لمواجهة الكارثة في المستقبل.
اثر التصحر على زراعة القطن
ومن البحوث التي ناقشها المؤتمر بحث أ.م.د. عمران بندر مراد - تربية ابن رشد الموسوم (اثر التصحر في انخفاض زراعة محصول القطن في العراق) لاسيما ان هناك اربع مؤسسات صناعية كبيرة تشغل آلافا من الايادي العاملة تعتمد على مادة القطن، مؤكدا ان حالة التصحر التي امتدت الى مناطق زراعة هذا المحصول الزراعي الصناعي ادت الى تقلص انتاجية القطن ما اثر بالتالي على انتاجية المؤسسات الصناعية للمنسوجات القطنية واعتمادها على المواد الاولية المستوردة.
وعالجت دراسة للباحثين أ.م.دسهير عبدالرحيم وم.م.سلام فاضل علي من تربية ابن رشد التأثيرات البيئية لتغير استعمالات الارض ضمن التصميم الاساس لمدينة بغداد للفترة (2001- 2009) اذ ان التجاوز او تغيير استعمال على حساب اخر قد يسبب خللا في توازن توزيع الاستعمالات الذي يؤثر على البيئة ما يتطلب التفكير بشكل جدي في وضع تصميم جديد لمدينة بغداد يستوعب حجم السكان الحالي وزياداتهم المستقبلية ومتطلباتهم في الاستعمالات السكنية والمناطق الخضر والنقل وما الى ذلك من اجل بغداد اجمل وافضل.
الباحثتان الليبيتان التدريسيتان في جامعة سبها فضيلة محمد هاشم علي وسكينة علي محمد العناني ارسلتا الى المؤتمر بحثا عن انتشار الاملاح في منطقة وادي الشاطئ الليبية اذ اشارت نتائج البحث الى وجود تملح شديد في المنطقة لاسيما في الطبقات السطحية والقريبة من السطح وكذلك عند عمق انتشار الجذور بعد جفاف المستنقعات وتيبس الكثير من الاراضي الزراعية وانتشار الاراضي البور وهذا ما ادى الى هجرة مالكيها.
ومن الدراسات العربية التي وردت المؤتمر من باحثين اكاديميين ينتمون الى جامعات مصرية وليبية بحث عن الموارد المائية في ليبيا واخر عن استغلال الموارد المائية المتاحة لتحقيق الامن العربي وغيره بحث عن الامن الغذائي ومشكلة نقص المياه ودراسة بشأن مشكلة المياه في شمال ليبيا ومحاولات العلاج ودراسة عن حالة اوباري جنوب غرب ليبيا وكذلك بحث عن الاساليب المستخدمة لحصاد مياه الامطار في ليبيا باعتبارها نموذجا لمواجهة الجفاف.
اما المدرس المساعد سعاد عبدالكاظم من كلية التربية ابن رشد فقد تناولت في بحثها اثر نسبة التصحر على الاصابة بمرض الربو القصبي في العراق لاسيما ان العراق يقع في اقليم المناخ الجاف وشبه الجاف.
مياه شط العرب
من تربية جامعة البصرة شارك الباحثان أ.د.كاظم عبدالوهاب الاسدي وأ.م.دبشرى رمضان ياسين في بحث قدم تحليلا جغرافيا للعوامل المؤثرة في نوعية مياه شط العرب للفترة من 2008- 2009 وتوصلت دراسة الباحثين في هذا المجال الى ان العوامل الجغرافية اثرت في تغيير الخصائص الكيمياوية لمياه شط العرب في محافظة البصرة وحدوث ارتفاع في تراكيز معظم العناصر الكيمياوية التي ارتفعت نسبتها بمعدلات عالية تجاوزت في معظم المواقع 16 الف جزء علما ان الحدود المسموح بها لاتتجاوز الف جزء، وكشفت الدراسة بان السنة المائية 2008 تعد اكثر السنوات جفافا في العراق منذ سبعين سنة.
ومن الدراسات التي بحثت في مجال المياه ايضا دراسة الباحثين من جامعة بغداد أ.د.باسل احسان القشطيني وأ.د.ندى شاكر الفرطوسي واهتمت بحساب اجزاء الموازنة المائية لحوض نهر دجلة في العراق اذ قارنت كميات المياه الجارية واستخداماتها في اعوام مختارة احدها عام افتراضي يمثل المعدل وعام رطب وعام جاف. ويتناول أ.م.د.لطيف هاشم كزار الطائي من تربية واسط في بحثه جوانب من ازمة المياه في العراق مشيرا الى ان هذه الازمة لايمكن ان تكون بعيدة عن الصراعات الدولية لاسيما ما يتعلق منها بالنزاع على المياه وهذا ما يضعنا امام حالة جديرة بالدراسة والاهتمام على ان يأخذ هذا الاهتمام الاطر القانونية والاتفاقيات الدولية بما يضمن العدالة للجميع.
ومن الدراسات المتعلقة بالمياه كانت هناك عدة بحوث ناقشها المؤتمر بينها بحث أ.م.د.عبدالزهرة شلش العتابي - كلية التربية الاساسية في الجامعة المستنصرية الموسوم (التحديات الهيدروجيوليتيكية التي تواجه نهري دجلة والفرات في العراق وسبل المعالجة..
وبحث د.دياري صالح مجيد من تربية جامعة كربلاء تحت عنوان مشكلة المياه في العراق وعلاقتها بالتصحر وهي دراسة في الجغرافيا السياسية اشارت الى ان السياسة المائية التي تمارسها دول الجوار الجغرافي للعراق تلعب دورا محوريا في زيادة التصحر فضلا عن بحث للباحث سامان روستم لهوني من مركز بحوث ومتحف التاريخ الطبيعي في جامعة بغداد بعنوان (مشكلة الماء.. اسبابها وادارة مصادرها ووضع حلول لتقليل وطأة الكارثة).
طاقة الرياح والشمس
يشير الباحث أ.د.محمد يوسف حاجم وهشام توفيق جميل من كلية تربية الاصمعي التابعة لجامعة ديالى في بحثهما عن الطاقة المتجددة وسبل تطويرها كوسيلة للحد من التصحر في العراق، الى ان هناك اهتماما عالميا بهذه المصادر لاسيما الطاقة المتولدة من الرياح والطاقة الشمسية بدافع بيئي للحد من الغازات المنبعثة لاسيما غاز ثاني اوكسيد الكربون وهو احد العوامل المهمة لظاهرة الاحتباس الحراري وبروز ظاهرة التصحر.
أ.د.محمد كاظم محمد - مركز بحوث ومتحف التاريخ الطبيعي - جامعة بغداد قدم بحثا عن التنوع الاحيائي في صحراء العراق الغربية واثره في الحد من ظاهرة التصحر موضحا فيه ان استمرارية النظام البيئي الصحراوي بمختلف مكوناته ومستوياته يعد امرا حيويا لمنع تدهور الارض وتفشي ظاهرة التصحر.
م.د.سعدية عاكول الصالحي من آداب بغداد شاركت في المؤتمر ببحث اسمته التربية البيئية (محو الامية البيئية) اشار الى ان الاخلال بالنظام البيئي يعني افقار هذا النظام في قلة الانتاجية البيولوجية وزيادة تدهور التربة وتدهور النظم المعيشية بسبب التغيرات المناخية وضغط استخدام الارض مـن قبل الانسان مـا يؤدي الـى ظهور ظاهرة مخيفة للبشر الا وهـي ظاهرة التصحر.
وعرض بحث للمدرس المساعد في تربية ابن رشد اسماء حسين علوان خطة لاستخدام مياه المطابخ وخزنها لاستعمالها في سقي الحدائق وغسل الدور وواجهاتها وكذلك السيارات وذلك ترشيدا للمياه وعدم هدرها في المجاري.
أقرأ ايضاً
- بغداد.. اجتماع عراقي روسي سعودي لبحث انتاج النفط والحفاظ على الأسعار
- حتى نهاية الشهر.. الإمارات تعلن إلغاء الرحلات إلى بغداد
- الإعمار : قرب إحالة 3 مدن سكنية في بغداد