حجم النص
بقلم:عباس المرياني اود اليوم ان اقرع ناقوس الخطر بقوة، محذرا الاسلاميين من عواقب فشلهم ومواقفهم وتصريحاتهم، سواء أكان ذلك بتقصير منهم او قصور، وانا ناصح لهم في ذلك لا معادٍ ولا شامت. فاقول: كان الناس في عهد الدكتاتورية يعانوا الامرّين من ظلم وجهل وتخلف وفقر وخوف وفساد وقتل واضهاد وسجن وحروب وقهر وحصار وذل وهوان، وغيره الكثير الكثير، وكان الناس مسلمين امرهم لله الواحد القهار لا حول لهم ولا قوة الا به، ولم يعتبوا على ظالمهم؛ لانه ظالم وجائر لا يعاتب، امره واضح، وكان الناس يصبّروا انفسهم ويواسوها بمجيء يوم يحكمهم فيه مسلم عادل يحمل من الانسانية والعدل ما يذكرهم بعلي (عليه السلام). يوم تصان فيه حرمتهم ويعم فيه العدل والامان وينتهي الظلم والفساد. وكان البعض عنده فيكم حسن ظن ان تكونوا على قدر المسؤولية. لكن،،، واقول: لكن، قد خاب ظنه فيكم، وصدم صدمة جعلته يترحم على ظالمه وجلاده ممن سبقكم، ولا يقتصر الامر على ذلك بل اساءتكم تعدت الى الدين الذي تدّعوه، فكلكم احزاب اسلامية ترفع شعار الاسلام، وهنا انا انبه رجال الدين والحوزات العلمية ان فشل الاسلاميين سوف لن يقتصر عليهم، بل سينالكم انتم ايضا وإن لم تكونوا ضمن هذه الاحزاب الاسلامية، لانهم يدعون ويتحركون باسم الاسلام والناس ابناء لحظتهم ومصالحهم لا ينظروا للامور بتلك الدقة، بل يحكموا على ظاهرها، فسوف ينسبوا ذلك الفشل الى الدين وينفرا منه، او يسخطوا على رجال الدين لانهم سكتوا ولم يفضحوا هؤلاء السياسيين الفاسدين الذين يتحركوا باسم الدين، نعم نجد هذه الفكرة الآن عند بعض الشباب، اذ بدأت ثقتهم تتزعزع بدينهم او رجال الدين رغم انهم لا ذنب لهم بفشل هؤلاء السياسيين، لكن كما قلت ردة فعل اتجاه فشل الاسلام السياسي. فبدأ خط الالحاد ينتشر، وسوق العلمانيين يروج وسخط الناس من هذا الفشل يتزايد، ولعله يصل اذا استمر هذا الفشل وتدهور الامور الى درجة يحل بالدين ما حل بالمسيحية التي حجمت وسلب منها كل شيء وحصرت في بقعة، وبقت كشعار لا يسمح له ان يحكم او يتدخل في شؤون الناس، ومع خيبة الناس هذه وما عانوا تحت حكم الاسلاميين -وقلت سواء أكان ذلك بتقصير او قصور- هنا يأتي الخطر وهو فيما لو تسلق احد العلمانيين الى السلطة بطريقة شرعية -كما لو انتخبه الشعب كردة فعل لفشل الاسلاميين وهذا ما تريده جهات خارجية معروفة- او بحيلة من الحيل، اقول اذا تسلل ونجح في تحقيق الامن او الرفاه للناس، اذا حصل ذلك فاني اتنبأ بانتكاسة خطيرة قد يدفع ثمنها ليس السياسي وحده بل الدين الذي رفع شعارا! كما حصل في تركيا بعد مجيء اتاتورك ونجاحه في تحقيق الرفاه للناس. ويمكن ان نجمل اخطاء الاسلاميين السياسيين الذين في الحكم الآن بما يلي: ١. دخولهم الى البلاد ليس بثورة او جهاد او بمشروع نجحوا فيه، بل كان باحتلال من قبل جهات غربية وامريكية يعدها نفس هؤلاء السياسيين كفارا، واعداءا للاسلام. ٢. تقديمهم الوعود والعهود للناس ولم يفوا بها، بل احيانا حصل عكس ما تعهدوا به، رغم ما اخذوا من فرصة. ٣. رغم انهم يدعون الاسلام، الا ان الناس رأت منهم الكذب والسرقة والفساد والقتل والتهجير والخوف والظلم والمحسوبية والاهمال للفقراء وغير ذلك الكثير، وكل ذلك محرم في الاسلام، ونقيض ما يدعوه. ٤. لم يغيروا من الواقع شيء، بل بالعكس الناس تعاني في عهدهم اكثر مما تعانيه سابقا، الى درجة ان ما يموت الأن اكثر مما يموت في العهد السابق، حتى وصل الامر الى ما يزيد على ١٠٠٠ نفس تزهق بلا ذنب في اليوم الواحد. ٥. الفشل الذريع وفي كل الجوانب، الاقتصادية والامنية والسياسية وغيرها. ٦. عدم تقديم الخدمات، مع وجود ميزانيات انفجارية وثروات وطاقات بشرية كبيرة لا تترك لاحد عذر في الفشل. ٧. انتهاج نفس الاسلوب من اهمال وفساد اداري وروتين بل حتى نفس الاصطلاحات السابقة تتكرر على مسامع الناس. ٨. الثراء الفاحش والتخمة والامتيازات التي يتنعم بها السياسيون، وعلى الطرف الآخر شعب محروم يعاني الفقر والمرض. ٩. رغم ادعائهم الاسلام الا انهم لم يقدموا شيء للاسلام من بناء مراكز بحث او مدارس او مكتبات او اي شيء يخدم الاسلام، بل حتى الفواحش والمحرمات لعلها اكثر من العهد السابق. ١٠. الاهتمام بالمصالح الحزبية او الشخصية الضيقة على حساب مصالح البلد والشعب. ١١. انتشار التخلف والجهل والبطالة والجريمة وغياب التخطيط والبرامج. ١٢. عدم بناء مؤسسات تربوية او علمية او اجتماعية تعالج اوضاع الشعب والبلد. ١٣. اذكاء روح العداوة والطائفية بين الشعب ومكوناته لاغراض سياسية، وتجييش الشارع من اجل الحصول على المكاسب السياسية. ١٤. عدم بناء دولة المؤسسات، الدولة المدنية العادلة، التي تكون الكلمة فيها للقانون، بل كانوا هم اول من يخالف القانون. هذا غيض من فيض، لذا اقول للاسلاميين حذار! ولرجال الدين تحركوا قبل فوات الاوان.