حجم النص
بقلم:فضل الشريفي تحمل بيعة الغدير في طياتها، قيم ودروس عديدة، وأحدها مما يمكن الاستفادة منها، هي تضحيات الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وأداً للفتنة التي أطلت برأسها قبل ان تكبر وتشتد، والتي حاول اشعالها البعض، وعمل جاهداً على حقن دماء المسلمين، وحفاظاً على بيضة الإسلام من الانتهاك والضياع. فعندما نقلب صفحات تأريخ الأمة الإسلامية يتضح لنا، ان الإمام قد أعطى العلاج الناجع لداء الفتنة، ولبيان ذلك لنقرأ ما جرى في بيعة الغدير وبعدها. ان الإمام علي عليه السلام بلا شك كان خير من يخلف رسول الله ، كونه اختيار رباني: (يا أيها الرسول بلغ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن ربك وَإِن لم تفعل فَمَا بلّغت رسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)سورة المائدة (67). وقد باشر الرسول بالاختيار وفق النص الإلهي.. حيث جمع الناس وبلغهم برسالة السماء التي تقضي بان الامام علي عليه السلام هو خليفة رسول الله، وكان ذلك على مرأى ومسمع الصحابة وسائر المسلمين، وبهذا يكون الصادق الامين قد أدى ما عليه على أكمل صورة، والقرآن الكريم خير شاهد: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتمتت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) سورة المائدة (3). لكننا نجد أمير المؤمنين يزاح عن الخلافة قسراً، ويكتفي بالمؤازرة والمعاونة بعد ان التحق الرسول الأعظم بالرفيق الأعلى خدمة للإسلام، ولو نتتبع حياة الإمام عليه السلام في عهد من سبقه من الخلفاء؛ نجده يعمل بتكليفه الشرعي والأخلاقي.. بعيداً عن مسند الخلافة، فما ان يظهر خلاف او تبرز مشكلة او قضية إلا وكان مفتاح حلها لدى الإمام، فهو باب مدينة علم الرسول الكريم.. بل هو نفس الرسول الكريم، فنرى على سبيل المثال ان الخليفة الثاني يعترف بعجزه عن حل مشاكل المسلمين، ويستعين بالإمام عليه السلام بقوله: (لولا علي لهلك عمر) و(لا أبقاني الله في أرض لست فيها أبا الحسن)، وهذه الاعترافات الصريحة تدل على أمرين بالغين في الأهمية أولهما: أحقية الإمام بخلافة المسلمين، والآخر هو سمو النفس الإنسانية العظيمة التي كان عليها الإمام عليه السلام.. حيث يمد يد العون لمن أبعده عن موضعه الذي وضعه الله فيه. واليوم إذ يحتفل العالم الإسلامي بذكرى عيد الغدير الأغر، عليه ان يتعلم من هذا الرمز العظيم دروس وقيم تحقق له سبل السعادة في الدارين، وخصوصاً الزعماء والساسة، وأصحاب القرار الذين يقصي اليوم بعضهم الآخر، ويسقط بعضهم البعض في سبيل البقاء في مكان قد لا يليق بهم، وحتى وان كان مكانهم المناسب، عليهم ان يتعظوا من بيعة الغدير وما جرى بعدها، وكيف تعامل الإمام عليه السلام مع الأحداث؛ فسوف يجدوا فيها درساً بليغاً
أقرأ ايضاً
- البعد السياسي ليوم الغدير
- الغدير بين منهج توحيد الكلمة وبين المنهج الصهيوني لتفريق الكلمة
- عن الذي لا يحتاجُ “عيد الغدير” كي يُحب الأمير