- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
وداعا هادي الربيعي، أيّها الطائر الأخضر الغريب
حجم النص
بقلم :علي ياسين
راكبا ( عربات الآلهة ) مهيض الجناح أيّها الطائر الأخضر الغريب، ممتطيـــــا سحاب ( ارتحالاتك ) اللا نهائيّة لتمضي بعيدا عن دنيا قاسية غادرة لم تنصفك ساعة، باحثا عن ( زمنك الأخضر ) ممسكا بيد (جمرتَك المقدسة ) وبيد أخرى (أزهارا من دلمون ) و (رسائل حبّ شرقيّة )
يا ذا السجايا السماويّة ها قد تصعّدت روحك الطاهرة إلى باريها مشوقة إلى مدى منداح طالما سمعت همسه في أذنيك، وإلى مطلق لا يستشرفه إلّا ذوو الرؤى من أمثالك، وإلى سماوات مفتوحة طالما اقتحمت خيالاتها عليك خلوتك فعزفت لها لحن الأنس والألفة وروضتها بمهجة شاعر وبقلب صوفي شريد .
أيّها الهادي كنسمة صيف والصاخب كزلزلة رعد، والوديع كطفل برئ والحكيم كشيخ جليل، أستعيد شريط ذكرياتي معك فلا أرى إلّا نورا يتلألأ في محيّاك حين تحضر، ولا أجد إلّا ذكرا حسنا على لسان محبّيك حين تغيب، لقد كنت كريما شهما محبّا للوطن الذي لم تلق منه ما تستحق، فشُرّدت ، وهجّرت، وعشت في وطن عرضه السماوات والأرض لا تملك فيه مترا واحدا !
ما رعاك الوطن الذي رعيته بسويداء قلبك، وما أنصفتك دنيا غادرة لعوب، وما أثلجت صدرك بوعد صادق مثل وعودها لآخرين نافقوا بالكلمة وباعوا القول بالثمن الزهيد..
وحين كلّت بك إبرة العيش وضاق بك الزمان المرّ أخرجت له لسانك ممازحا مشاكسا تعابث مكره وتعاند خيلاءه منتصفا منه بانتصارك في شعرك للمظلومين والبسطاء والعشاق والحيارى في دروب معتمة وموحشة في ذلك الزمان المرّ اللئيم .
هكذا أنت وهكذا هو شعرك واضح عذب، رغم عمقه، وهائج رغم هدوئك، وحرّ منطلق، رغم قيود الأوزان والقوافي التي أردت أن تأكلها فأكلت منك لسانك وبنانك وبدنك، وشربت منك زمانك ويراعك وشجنك .
رحلت نازفا شعرا وحبّا وفكاهة وإيقاعا وطيبة ونقاء، رحلت وتحتك (العاصفة ) تسوقها مكابرا رغم تواضعك الجم، معتدّا بنفسك حدّ الكبرياء، متألقا كومضة سيف في ليلنا الحالك، ورحت كريما وفيّا في زمننا الجاحد لا تملك العيون التي رأتك إلّا أن تدمع باكية، وليس للقلوب التي أحبتك إلّا أن تنكسر مقهورة.
رحلت مستشرفا ميتتك المفزعة في قصيدتك المفزعة ( العنكبوت ) ومضيت سائرا صوب المجهول الذي رسمه ذلك العنكبوت المقيت / الموت كما صورتَه لقرّائك في قصيدة رؤيوية فريدة، وكأنّ حياتك المختومة بكل تلك المررات إيذان لنا – نحن محبيك وعشاق شعرك – بأن حياتنا ماهي – في المحصلة – إلّا وهم كبير، وما هي – في نهاية المطاف - إلّا نسج من أحلام فارغة واهية كبيت عنكبوت !
أقرأ ايضاً
- حرب الطائرات المسيرَّة
- الاقتصاد الأخضر في العراق النفطي
- الامام الكاظم (ع) من النعش الغريب المنادى عليه بأستخفاف الى مرقد يعانق السماء و تشيع ومسير الملايين من القلوب المحبة