القدر يسوق بهلول الى مواقف تحتم عليه التدخل وابداء رايه وكما هو معلوم من لا يعرف بهلول لا يقدر افعال واقوال بهلول والحكماء والحكام هم من يعرفون الى ماذا يروم بهلول .
ساقه القدر هذه المرة وسط مجموعة من العاملين وهم يهيئون ساحة للاحتفال بمناسبة افتتاح نصب تذكاري كتب تحته على مرمرة بيضاء نصب الجندي المجهول استغرب بهلول من الاسم سال احد العاملين الواقف بجنبه عن سبب تسمية الجندي بالمجهول فاجابه ان هنالك من الجنود من يدافع عن الوطن ويستشهد ولا احد يثمن جهوده بل حتى لا تعرف هويته وتخليدا وتثمينا لهذا الجندي تم نصب تمثال له ، فقال له بهلول وهل يعرف من قتله اجابه المواطن طبعا العدو الذي يقاتله ، بل حتى بعض الامم تطالب بتعويضات عن شهدائها بعد وقف القتال ، فقال له بهلول الا يمكن تغيير الاسم ؟ اجابه كلا لانه اسم متعارف عليه .
وقف بهلول متاملا الموقف ودار في خلده مشاهد شاهدها في العراق فاختبأ في احدى زوايا الساحة وبعد انصراف العمال واكمالهم العمل في النصب بغية افتتاحه غدا جاء على اللوحة وغير الاسم .
في الصباح الباكر تجمهر الناس مع مظاهر الزينة والفرح وانتشار العساكر والحمايات الخاصة لتدل على ان هنالك احتفال يحضره مسؤولين وقف ينظر وينتظر ما سيسفر عنه هذا الاحتفال بعد ازاحة الستار عن نصب عال وسط الميدان تحفه الزهور .
دقائق وعزف السلام الجمهوري وجاء كبير الحفل ومعه مرافقيه وامسك بالحبل الذي يزيح البرقع عن التمثال وبعد ازاحته واذا به قد كتب تحته المغدور المجهول ، اضطرب المكان وانشغل الناس وتعالت الاصوات واستغرب المسؤول عن كيف تم تغيير العبارة من الجندي المجهول الى المغدور المجهول .
هنا تذكر العامل الذي ساله بهلول عن سبب عدم تغيير الاسم فالتفت يمنة ويسرة فوجد بهلول من بين الواقفين فنادى عليه هذا الذي غير الاسم فالقي القبض عليه وهو وسط الساحة فقيل له هل انت غيرت الاسم؟ اجاب نعم ، فارادوا ان ينهالوا عليه بالضرب فقال لهم اسالوني عن السبب ومن ثم العتب ، فقال له المسؤول وماهو السبب ؟.
الجندي مجهول والقاتل معلوم وقد تحصلون على تعويض من العدو في حالة ثبوت اعتدائه ، قالوا نعم ، قال وفي محاضر الشرطة لديكم كثير من الجرائم تسجل ضد مجهول لعدم معرفة القاتل قالوا وما تقصد من هذا ؟ قال ولكني رايت في العراق كثير من الجثث مجهولة الهوية والقاتل معلوم حتى انكم في محضر التحقيق تكتبون المقتول مجهول الهوية بينما القاتل انتم تعرفونه فهذه عجيبة من عجائب العراق ولهذا احببت ان يكون لهم ذكر افضل من دفنهم بالجملة في مقبرة الكرخ والنجف وكربلاء من مراسم الدفن والعزاء ، فمثلما الجندي مجهول والعدو معلوم فالمغدور مجهول والقاتل معلوم .