يعد شعار حصر السلاح بيد الدولة، الركن الثابت في البرنامج الحكومية لرؤساء الوزراء المتعاقبين، إلا أن جميعها لم تجد نفعا، حيث سجلت منظمة ضحايا حرب العراق مقتل 46 عراقياً في أول أشهر هذا العام، وفي الشهر الذي تلاه، شباط الماضي تم تسجيل 44 قتيلًا، وهو أعلى مستوى مسجل منذ شهر ايار 2023 والذي بلغ فيه عدد القتلى 46 قتيلًا.
ورغم رفع الحكومة المبالغ المالية التي تقدمها للمواطنين لقاء تسليم الأسلحة التي بحوزتهم، خاصة المتوسطة والثقيلة التي باتت تدخل بشكل واضح في النزاعات القبلية والعشائرية، وذلك في إطار خطة واسعة لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تهدف إلى تضييق مساحة السلاح المنفلت في البلاد، إلا أن الإقبال عليها مازال ضعيفا مما دفعها لفرض عقوبات مشددة تصل للمؤبد.
وفي كانون الثاني الماضي، أعلنت وزارة الداخلية أنها أقدمت على شراء السلاح من العراقيين عبر بوابة “أور” الإلكترونية الحكومية (موقع إلكتروني)، بالإضافة إلى فتح 697 مركزاً لشراء الأسلحة من المواطنين. وبالرغم من كونها المرة الأولى التي تلجأ فيها السلطات في العراق إلى شراء الأسلحة من المواطنين، إلا أن الإقبال ضعيف، في حين أن بعض المراكز لم تشهد شراء قطعة سلاح واحدة.
إذ قال المتحدث باسم لجنة تنظيم وحصر السلاح بيد الدولة في وزارة الداخلية، العميد زياد القيسي، اليوم الأربعاء، إنَّ “هناك عقوبات قاسية لمن يحتفظ بالسلاح الثقيل ويرفض تسليمه للوزارة”.
وأضاف القيسي في تصريح للصحيفة الرسمية، ان “إلقاء القبض على من يمتلك هذا النوع من السلاح سيعرّض نفسه إلى الإحالة وفق المواد القانونية والتي قد تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد”.
وأشار الى ان “الوزارة لا تمنع من يرغب بتسليم هذا السلاح إلى الدولة وإبعاد نفسه عن أيّ مساءلة قانونية”.
وفي 14 آيار الماضي، رفعت الحكومة قيمة أسعار السلاح الثقيل والمتوسط مقابل تسليمه إلى أكثر من 6 ملايين دينار مقابل السلاح الواحد المتوسط والثقيل من مدافع الهاون.
وكان عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية ياسر إسكندر وتوت أكد في 16 آيار الماضي، أن”الحملة الحكومية لشراء السلاح لم تحقق حتى الآن نجاحات باهرة، لكنها وضعت الأسس لصناعة مجتمع غير مسلح، بالتالي فإن تقديم الأموال مقابل شراء الصواريخ ومدافع الهاون وغيرها، هي بداية لإنهاء المشاكل الأمنية والصراعات العشائرية والجرائم”.
ويُعدّ السلاح المنفلت في العراق من أكثر المشاكل التي تعيق الأمن والاستقرار في البلاد، لما له من تأثيرات على الأمن المجتمعي.
ولا يوجد إحصاء رسمي بعدد قطع السلاح الموجودة داخل المجتمع العراقي، لكن التقديرات تتحدّث عن أرقام متفاوتة بالعادة بين 13 و15 مليون قطعة سلاح متوسط وخفيف، أبرزها بنادق “كلاشنكوف” و”بي كي سي” و”آر بي كي” الروسية، إلى جانب مدافع “هاون” وقذائف “آر بي جي” التي باتت تُستخدم أخيراً بكثرة في النزاعات القبلية في جنوب ووسط البلاد.
وتملك معظم هذه الأسلحة الجماعات المسلّحة، إلى جانب العشائر، بينما يحرص العراقيون على امتلاك قطع سلاح داخل منازلهم كجزء من ثقافة ما بعد 2003، وانعدام الأمن، واضطرار العراقيين للتفكير بالدفاع عن أنفسهم من اللصوص والاعتداءات المتوقعة.
وسبق لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وأن أورد في منهاجه الوزاري، فقرة تخص السيطرة على السلاح المنفلت وحصره بيد الدولة، وهي ذات الفقرة التي وردت في كافة البرامج الحكومية لرؤساء الحكومات السابقة، لكن لم تنفذ، لا سابقا ولا حاليا.
وتزدهر تجارة السلاح بشكل عام في بعض مناطق المحافظات، وفي بغداد فأن مركزها يكاد يكون أطراف مدينة الصدر شرقي العاصمة.
وتصنف wisevoter العراق في المرتبة 25 عالميًا من بين أكثر من 200 دولة ينتشر فيها السلاح بيد المدنيين، حيث يبلغ معدل انتشار السلاح بيد المدنيين في العراق بواقع 19.6 قطعة لكل 100 نسمة، أي أن نسبة الانتشار تبلغ نحو 20%، أما معدل الموت بهذا السلاح يبلغ 6.57 قتلى لكل 100 ألف نسمة حتى عام 2020.
وفي حال عكس هذه الإحصائيات على عدد السكان في العراق، يتضح أن 19.6 قطعة لكل 100 شخص، يعني أن هناك قرابة 8.5 ملايين قطعة سلاح في العراق البالغ عدد سكانه 43 مليون نسمة، و بينما يبلغ معدل الموت 6.57 لكل 100 ألف نسمة سنويًا، فهذا يعني وجود أكثر من 2800 وفاة بأعمال عنف سنويا في العراق على يد هذا السلاح.
أقرأ ايضاً
- الأمن الوطني العراقي يُعلن إحباط مخطط "إرهابي خطير" في كركوك (فيديو)
- من ذوي داعش.. العراق يعيد 2640 أُسرة من مخيم الهول
- بلجيكا تدعو إلى تحرك دولي.. وهولندا: مستعدون لتنفيذ أمر المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو