- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العلاقة مع السعودية.. مرحلة جديدة من تخريب العراق
بقلم: سليم الحسني
ما يقوم به بن سلمان من تحجيم المؤسسة الوهابية داخل المملكة السعودية، قد يكون أمراً صحيحاً. كما ان ما تنشره وسائل الإعلام حول مشروعه في تحويل المجتمع السعودي الى الانفتاح يحمل قدراً من الصحة، لكن الذي يجب التوقف عنده، أن سياسة بن سلمان هذه خاصة بالوضع الداخلي. أما خارج السعودية فان الوهابية لابد ان تبقى قوية فاعلة على نهجها القديم في العنف والتأزيم وتصدير المشاكل وصناعة الموت.
لا يمكن للسعودية أن تتخلى عن هذا الدور الإقليمي وغير مسموح لها بتغيير أهدافها، وهي تعرف ذلك جيداً، فبدون هذه السياسة ستفقد أهميتها بالنسبة للولايات المتحدة، وستخسر موقعها الإقليمي حتى داخل المنظومة الخليجية.
إن ما يقوم به بن سلمان هو صناعة مرحلة ما بعد هزيمة داعش، من خلال تفجير الأزمات في المنطقة، فبعد ان لاحت معالم هزيمة التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق، بادر بن سلمان الى العدوان على اليمن، ثم اتبع ذلك بأزمة العلاقة مع قطر شريكة السعودية في محور الشر، واتجه صوب لبنان في محاولة لتفجير أزمة كبيرة فيها من خلال إجبار سعد الحريري على تقديم استقالته من الرياض. ورافق ذلك تصعيد المواجهة الإعلامية مع إيران، مقابل تقارب علني مكشوف مع إسرائيل.
وهكذا فان سياسة السعودية التأزيمية على مستوى المنطقة لم تتغير، بل تصاعدت حدتها في صناعة الأزمات، لكنها استطاعت أن تخدع البعض بإجراءاتها الداخلية، بأنها بصدد البدء بمرحلة تهدئة جديدة، واستفتاح عهد جديد مع العراق. بينما العراق هو هدف التخريب السعودي الأول.
ويرى القسم من السياسيين العراقيين، أن تحسين العلاقة مع السعودية، يحقق للعراق بعض الهدوء، حيث يحيّد النشاط السعودي المعادي، كما أنه يستقطب الاستثمارات السعودية للمساهمة في مشاريع خدمية مهمة يحتاجها البلد.
إن هذا الكلام يشير الى أن أصحابه يستغرقون في أحلام وأمنيات بعيدة عن الواقع، فطوال السنوات الماضية جرب العراق عشرات المبادرات وتبادل الزيارات الرفيعة مع السعودية، وكانت النتائج المزيد من التخريب والمؤامرات التي تستهدف الشعب العراقي.
كما أن هذا الكلام يعبر عن سطحية في فهم العلاقات الدولية ومصالح الدول، خصوصاً في المجال الإقليمي، وكأن مخططات السعودية وأهدافها العميقة، تتوقف على تبادل السفراء والزيارات والاستثمارات.
لقد سجّل تاريخ العلاقات بين الدول، أن أكثر الأزمات والمؤامرات خطورة هي التي تحدث تحت أجواء تحسين العلاقة. وأوضح مثال على ذلك انهيار الاتحاد السوفيتي وهو القوة العظمى بمخابراتها وقدراتها، في ظل تحسن العلاقات مع الغرب، مما أجبر غرباتشوف على الاعتراف بأن الغرب قد خدعه.
تحسين العلاقة مع السعودية، يعني فتح بوابات كبيرة أمام قوة التخريب الأولى في المنطقة للدخول الى العراق، وستتوغل هذه القوة الى أجواء العملية السياسية والى تركيبة المجتمع العراقي، وستكون أشكال التخريب أكثر خطورة من داعش، لأنها ستكون بطريقة التفتيت الداخلي.