- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الطفل العراقي...بين مطرقة الأجهزة الرقمية وسندان الحرب الناعمة
بقلم: سرمد سالم
تعليم الطفل وتثقيفه من الأولويات الضرورية لبناء مجتمع سليم قادر على مجابهة الواقع المعاش ومواجهة الهجمة الشرسة المتمثلة بالمد الثقافي الكبير بأنواعه المتعدد وإشكاله المختلفة والذي دخل مجتمعاتنا بواسطة العديد من الوسائل الإعلامية والطرائق الترويجية منها ما يمكن رصده ومكافحته ومنها ما يحتاج إلى تحصين فكري ثقافي عال لردعه.
فقد عملت بعض الشركات العالمية والمؤسسات الداعمة لها في مختلف بقاع العالم على الدخول إلى المجتمعات العربية عبر الوسائل المحببة والقريبة من الطفل وسعت من خلالها لاستغلال كل الامور(المتاحة منها والغير المتاحة) لشن هجمة ثقافية تثقيفية تشوه التعاليم الإسلامية الاصيلة من خلال استثمار العناصر الموجودة في افلام الرسوم المتحركة أو افلام الأكشن أو الالعاب كالإبهار الصوري والحركات الأكروباتية والأشكال الجميلة والقصص الخيالية وكل ما يجذب نظر هذه الشريحة للترويج عن ثقافة معينة او لزج شخصية وهمية في المجتمع مثل (Spider-Man و Bat Man و غيرها) لتكون محط اهتمام العالم مما حدا بالكبير قبل الصغير لمتابعة هذه البرامج وهذه الشخصيات بشغف كبير بل ونجده أصبح يبحث عن زيها(الملابس الخاصة بها) في الأسواق ليعمل على تقليد هذه الشخصيات ويتقمص دورها في اغلب حركاته وتصرفاته.
ووسط هذه المغريات مع ظهور الأجهزة الرقمية بأنواعها وأشكالها المتعددة والبرامج والوسائل الحديثة للتواصل الاجتماعي والتي أصبحت متاحة في جميع المنازل دون رقابة أو رقيب مما أتاح للجميع السفر إلى ابعد نقطة من العالم بكبسة زر للإطلاع والاستطلاع.
وبين هذا وذاك أجد إن المجتمع (الطفل العراقي بالأخص) أمسى يسير نحو شيء مبهم لكوننا قد غفلنا عنه وعن هذه الطرائق والوسائل المباحة والتي كنا نعتقد إنها خلقت لخدمة الناس لكن أصبحنا -بعد فوات الأوان لكون المجتمع قد ادمن استخدامها- نشاهد هذه الوسائل بالإضافة إلى معظم الفضائيات العربية والعالمية قد اتبعت إستراتيجية معينة تزينت بالزهور الجذابة لتطعم السم الفتاك من خلال برامج متنوعة تعمل على تشويش الصورة لدى الطفل -باعتباره كينونة المجتمع- بغية إشاعة ثقافتها بين أوساط المجتمعات وخصوصاً العراقي لما يحمله من ثقافة دينية عربية عريقة وتأريخ مزدهر حافل بالإنجازات والنتاجات وبدأت تشن الهجمات الإعلامية واحدة تلو الأخرى لتدمير هذا المجتمع.
ومع انتشار مصطلح الحرب الناعمة في العالم أضحت الأمور أكثر تعقيداً بالنسبة لمجتمعنا بكافة شرائحه فقد عمل الغرب على -زج الكبير والصغير على حد السواء - بحرب من حيث لا يعلمون وهذه الحرب هي أسلوب جديد يعتبر الأكثر تدميرا وفتكاً من الحرب العسكرية والأمنية فقد تمكن الغرب من خلال الدهاء المعرف عنه من إقحام الطفل بحرب يسعى من خلالها للتأسيس لأفكار جديدة ومعتقدات غريبة.
وهنا لابد من الالتفات إلى هذه الظاهرة -ادمان استخدم الاجهزة الرقمية- التي اكتسحت العالم في الوقت الحاضر وبدأت باستعمار الكبير والصغير فأصبح الجميع مدمنون على الهاتف النقال وشاشات التلفاز الرقمية والتي تعد فيروسات فتاكة لا يعالجها الحكماء بالإضافة إلى الاضرار البدنية والصحية والنفسية الناجمة عن استخدمها.
يجب أن نسعى لوضع حل ناجع للتخلص من هذه الظاهرة التي غزت مجتمعنا وبدأت تنخر جسده شيئاً فشيئاً ويكمن هذا الحل في إيجاد البدائل أولا ومن ثم محاربة هذه الآفة الدخيلة لا أن نحارب الطفل بمنعه مما يحب لنُنشئ جيل واعي مثقف متسلح بالحب والإيمان.
وهنا يأتي دور المؤسسات العاملة في مجال الإعلام والتلفزيون للتكاتف مع المختصين بشأن الطفل العراقي والعربي من أجل إنتاج مجموعة من البرامج التثقيفية والورش التعليمية التنموية ومسلسلات كارتونية وإصدار عدد من المنشورات والكتب الثقافية والتعليمية والتنموية فيها قصص وعبر مستلة من ثقافتنا ومعتقداتنا الأصيلة لنصنع له قاعدة ثقافية علمية رصينة يستند عليها في صد الهجمات بكافة أنواعها.
أقرأ ايضاً
- الحرب النوعية
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول
- العملة الرقمية في ميزان الإعتبار المالي