- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الاقتصاد.. الاصرار على الفشل، جريمة يجب ايقافها
حجم النص
بقلم:عادل عبد المهدي كأن تجربة عدة عقود لا تكفي للبرهان على فشل العقل الاقتصادي الحاكم للدولة وللاقتصاد الوطني.. وكأن الفشل المتكرر والتراجع المريع للبنى التحتية والقطاعات الحقيقية لا تكفي للتخلي عن الفلسفة الاقتصادية السائدة والمطبقة. وطوال هذه العقود كانت الموارد النفطية قادرة على تغطية هذا الفشل. فالبلاد تغطي حاجاتها الاساسية بالاستيراد، الذي تغطي تكاليفه الموارد النفطية. ويمكن اختزال الخلفية الاقتصادية للبلاد بامرين، او هدفين لا ثالث لهما تقريباً وهما ١- العملة الاجنبية، و٢- خزينة الدولة، وبالتالي الموازنة. وان رهن كل شيء بهذين الهدفين سيفرض اسوء انواع السلوك الاقتصادي، حتى لترشيد هذين الامرين ايضاً. وستعمل الوظيفة المرتبطة براتبها ومواقعها والروتينية والمصالح الخاصة والفساد، على تعميق هذه التوجهات القاصرة والخاطئة وتكريسها. وهنا ستقفز اولوية واهمية النفط كمصدر شبه وحيد للحصول على العملة الاجنبية (الدولار) وتنظيم الموازنة.. وان سهولة الحصول على العملة الاجنبية عن طريق النفط كانت عاملاً اساسياً لتدمير القطاعات الحقيقية، التي يجب ان تكون هي الهدف الاول للسياسة الاقتصادية. لهذا نجد ان التوجه نحو الشأن النفطي والاقتراض والدين الخارجي مقدم على تحريك عوامل الانتاج الوطني عبر المحفزات والتسهيلات. وصار ينظر لعافية الاقتصاد من خلال امر شبه احادي، وهو خزينة الدولة واحتياطاتها، او عجزها، وما توفره من نفقات تشغيلية واستثمارية عبر الموارد النفطية ليس الا. باختزال الاقتصاد بهذين الاهتمامين، فاننا خنقنا ونخنق الاقتصاد الوطني العراقي، وحولناه ونحوله الى اقتصاد تابع ملحق للسوق الاجنبية، وقاتل ومدمر للنشاط والسوق الاقتصاديين الوطنيين. وهذا اعلى اشكال التبعية والتخلف.. التبعية لانه يعتمد على الخارج اساساً وبدرجة مخيفة، ومتخلفة لان هذا شكل معاصر لما اتفق بتسميته "بنمط الانتاج الاسيوي" الذي عرفته تاريخياً شعوب كثيرة، والذي يعتمد على الانماط المغلقة والجامدة (الضعيفة التطور) القائمة على ارهاق "الاشخاص الاقتصاديين" بالجبايات لتمويل خزائن الملوك والسلاطين. الاصلاح الجدي هو بالعودة بشكل قاطع وواضح ودون معوقات الى القاعدة السليمة للاقتصاد، والقائلة ان الاصل هو ان القطع الاجنبي وموارد الخزينة (الموازنة) هما فرعان تابعان من الاقتصاد الوطني، وليس العكس. وان النظرة الاقتصادية العلمية والطبيعية هي قلب الاولويات. فالاهتمام بتنمية الثروة الوطنية هو الاولوية.. وان يحظى ما لدى المواطنين والمؤسسات الاقتصادية العامة والخاصة من موجودات واصول وسيولة لتحفيز النشاطات بالاولوية، وان توضع الموارد النفطية او الديون لخدمة هذه النشاطات وليس لمجرد تسيير دفة الدولة الادارية والامنية، الخ. وان فاعلية العملة يجب ان تعتمد اساساً على قوة الاصول والموجودات وتوسع حجم المعاملات الوطنية اكثر من اعتمادها على الموارد الاجنبية. وفي اي نقاش اقتصادي، وعند اتخاذ القرارات من قبل مجلس النواب او مجلس الوزراء او الوزارات وبقية المؤسسات يجب ان لا يبقى المنطق شبه الاوحد هو زيادة موارد الدولة، بل ان ينتصر المنطق الساعي لزيادة الدخل القومي او الناتج الوطني والعمالة والنشاطات الاقتصادية الوطنية، وتنويع الاقتصاد وانطلاق القطاعات الخدمية والارتكازية والحقيقية وعوامل التنمية المستدامة، ورفع الحواجز والمعوقات، وتقديم التسهيلات والمعونات والحمايات، لانطلاق الفعاليات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، الفردية والتعاونية والمشتركة وفي اطار الشركات، العامة والخاصة، الوطنية والاجنبية، القادرة على سد الحاجيات المختلفة للبلاد والمواطنين. وهذه ستساهم بالضرورة -وفي المحصلة- بزيادة العملة الاجنبية وموارد الخزينة ايضاً. (للبحث صلة)