حجم النص
بقلم:حيدر السلامي أصبح الحديث عن الحشد الملبي لنداء المرجعية المدافع عن العراق وصانع انتصاراته، يأخذ مسارات طويلة ومتعددة ومتشابكة أحياناً، ولكن ملمحاً آخر قد يختفي أو يقل ظهوره في أحاديثنا لأنه الأقرب إلى المعجزات في زمن لم يعد لها فيه وجود أو أنه أشبه بالأساطير التي لم تعد هي الأخرى تذكر في عصر التكنولوجيا والتقدم العلمي والحضاري. ذلك الملمح المفقود في أحاديثنا اليومية يؤكده أبطال الحشد أنفسهم فضلاً عن الفرق الإعلامية والهيئات غير الرسمية التي ما انفكت منذ بدء المواجهة مع داعش تقدم الدعم اللوجيستي للمقاتلين وتشهد سير المعارك والأحداث وقد عبر عنه الجميع باليد التي تمتد من وراء المغيب لتغير الكثير من المعادلات وتكسر العديد من القواعد العسكرية وتعطل القوانين الطبيعية لبرهة من الزمن أيضا. المشاهدات والمسموعات عن ذلك فاقت حدود التصور وربما في البداية كانت حكايات عن تجارب ومعايشات فردية لأشخاص بأعينهم لكنها وبمرور الوقت أصبحت حقائق مثبتة ومرويات مستفيضة بل بلغ بعضها حد التواتر مع عدم إمكان التواطؤ بين الرواة. لعل الانطلاقة فيما أعلم كانت من آمرلي ثم البشير وهكذا وصولا إلى الفلوجة أهم معاقل الإرهاب وتمثلات الفارس الملثم أو خياله الذي شوهد يطارد المجرمين ويلقي في قلوبهم الرعب فلا يقوى أحد على الخلاص منه حتى يذوق الموت. تمظهرات لحقائق أخرى شهد بها أناس كثر واتفقت كلمتهم على غيبية ما يحدث وأن وراء ذلك كله آية من السماء وليس إمام الزمان عنها ببعيد وما هو على الله بعزيز. هنا نتوقف ولندع الأمر لأهله فلا نخوض بشيء نجهل تماما أوائله وأواخره ولا يمكننا البرهنة على وجوده أو عدمه لأنه خارج دائرة معارفنا مع تضافر النقول ووجدان القرائن واحتمالية الوقوع. ولنعد إلى المنطق البسيط والشواهد الظاهرة ومنها: كيف لحشد شعبي أعزل إلا من الإيمان بالقضية، قليل التدريب والمهارة القتالية، ضئيل العدد بالقياس إلى حجم المعارك وتعدد الجبهات، زد على ما تقدم المؤامرات الخطيرة المحدقة به والأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية والخيانات العسكرية المتكررة.. إلخ من الظروف والأحوال العصيبة، كيف لهذا الحشد أن يحرز النصر ويحرر الأرض ويدحر العدو الغاشم، أليس هذا من قبيل المعجزة؟! وقفت مع من وقفوا بمعية ممثل المرجعية العليا قبل أيام لاستقبال الأبطال العائدين من الفلوجة إثر تحريرها وكان عددهم بحسب آمر لواء علي الأكبر عليه السلام وعيني اللتين لا تكذباني يزيد على الألف مقاتل وما لفت انتباهي واستغرابي في آنٍ معاً وقوف المعتمد الشيخ الكربلائي على قدميه وأحدهما مصاب مدة تزيد على الساعتين وهو يصافح ويقبل المقاتلين واحدا بعد واحد بلا كلل ولا تعب ولم يشعر بأي ألم في قدمه بينما ضعفت أنا عن الوقوف معه لساعة واحدة واضطررت إلى الانسحاب بعدها فورا وبقيت إلى اليوم التالي أشكو ألما في رقبتي من جراء الوقوف الطويل والمصافحة والتقبيل لعشرات الأبطال المحررين. أظنها من معاجز الحشد أيضا.