بقلم: عبد الكاظم حسن الجابري
شكل الحشد الشعبي العراقي انعطافة كبيرة في الفكر العسكري والعقيدة القتالية في التاريخ المعاصر, فهو التشكيل الذي ولِد بدقائق وتشكل بلحظات, وتنظم بأحسن تنظيم خلال مدة زمنية قليلة جدا, لا تستطيع اقوى جيوش العالم أن تفعلها خلال هكذا وقت.
كانت فتوى الدفاع الكفائي التي اطلقها من زقاق النجف سماحة السيد علي السيستاني دام ظله بمثابة الصعقة التي تنعش المريض او الصوت الذي يخرج الاسود من عرينها, لتنبعث الامة بأبهى صور الغيرة والدفاع عن الكرامة وحفظ الاعراض والوطن.
تشكيل الحشد الشعبي معجزة كبيرة جدا, وحالة من الندرة لا يمكن للتاريخ ان يتجاوزها أو يتجاهلها, فما حصل في شعبان حدث يجب ان يُدرس بعناية لتستخلص منه الدروس في احياء الامم وعيش حالة الانبعاث من بعد التقهقر.
تميز الحشد بان عقيدته القتالية عالية جدا, ومهارته –رغم عدم تدرب عناصره- ممتازة, وتنظيمه على درجة من الرقي, حيث بنى فصائل والوية ذات صنوف عسكرية مختلفة, فكانت قوة المشاة القتالية والدروع والمدفعية وفرقة القناصين ومكافحة المتفجرات وطبابة الحشد واستخبارات الحشد وامن الحشد كلها صنوف ذات مستوٍ عالٍ من الالتزام والانضباط والتكتيك.
ايضا ميز الحشد روح الايثار والألفة بين أفراده, واسنادهم احدهم للآخر, وتقدمهم لمواجهة الاعداء بسخاء منقطع النظير من بذل الارواح والدماء, فاستشهد منهم من استشهد وجرح من جرح واصابت الإعاقة من أصابت لكنهم لم يبدلوا تبديلا.
رسم الحشد صورة مشرقة للمجتمع المؤمن, المتفاني في سبيل وطنه ودينه وعقيدته, والمطيع لمرجعيته الحقة, التي سارت على نهج الائمة صلوات الله عليهم, لذا يجب الحفاظ على هذه الصورة والدفاع عن الحشد بكل الميادين الثقافية والاعلامية, فالنصر الذي حققه الحشد اغاض اهل الباطل, فاخذوا ينشرون الاباطيل ويكيلون الاتهامات جزافا, دون رادع من حياء متنكرين لفضل هذا التشكيل الذي قلب الهزيمة انتصارا والانكسار تحريرا والخيبة املا.
أقرأ ايضاً
- القضية الحسينية... مطمح المرجعية وملاذ الأمة
- حادثة الغدير تحديد لمسار الأمة
- الحشدُ وأَلْسِنةُ المدعين والمتجرئين