حجم النص
يسعى عراقيون إلى الاستفادة من التقنيات الرقمية الحديثة، لتوثيق أحد اهم الانتفاضات الشعبية العراقية في العقود الثلاثة الأخيرة، وهي الانتفاضة الشعبانية عام 1991، التي شهدت سيطرة الثوار على أغلب مناطق العراق. لكن النظام السياسي آنذاك قمعها بالحديد والنار، بالتواطؤ مع أطراف إقليمية، والتجاهل من القوى العالمية. ومثلما اتاح التغيير في العراق، منذ العام 2003، كشْف الكثير من التفاصيل والحقائق المخفية حول الانتفاضة الشعبانية، التي لم يكن من السهولة تداولها قبل العام 2003، فأن مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات وانتشار خدمات الانترنت في العراق، ساهم في توثيق تفاصيل أخرى كانت غير معروفة، بدافع ذاتيّ، تطوّعي، بدون تأثير خارجيّ. وتنبع أهمية هذه التفاصيل كونها تُروى أو تُنشر من صانعي الأحداث، والمشتركين فيها، أو ممّن كانوا شهود عيان على تلك المرحلة. بل أن الناشط في تدوين أحداث الانتفاضة عبد السادة حسن المقيم في هولندا، منذ قدومه من معسكر رفحاء إلى هذه البلاد، العام 1995، يرى أن" الثورة الرقمية اتاحت كتابة تاريخ الانتفاضة من جديد". ومعسكر رفحاء، يرتبط بأحداث الانتفاضة الشعبانية، اذ فرّ الكثير من الثوار والاهالي ‘لى صحراء رفحاء في المملكة العربية السعودية، للنجاة من القتل، تحت حماية القوات الامريكية وقتذاك. وزاد في القو "بل إن الكثير ممّن اشتركوا في الانتفاضة يدوّنون مذكراتهم عنها رقمياً، وينشرون صورا كانت سرا من الاسرار في يوم من الايام؛ بسبب الخوف من بطش نظام صدام آنذاك. ويفتّش عبد السادة بين أوراقه عن أربع صور، وردته من رفاق كنوا معه في مخيم "رفحاء"، سيحولها إلى منشور رقمية على صفحته في "فيسبوك". وعلى حسابه في "فيسبوك"، كتب الاعلامي كريم بدر الحمداني، المقيم في هولند" سنعلم اطفالنا كيف يحتفون بذكراكم بعد موتنا، كيف يبحثون عن مقابركم الجماعية التي اندرست بفعل اهمال اخوتكم وقلة وفائهم". وكان المئات من المشاركين في الانتفاضة الشعبانية، ومعهم الكثير من الابرياء تم قتلهم في اعدامات طقوسية، ودفنهم في مقابر جماعية، كشف النقاب عنها بعد العام 2003. وتابع الحمداني،القول" مهما حاول عديمي الضمائر طمس ذكراكم ستبقون صفحة مضيئة". وفي السنين الأخيرة، نجحت المؤسسات الحكومية والبرلمانية العراقية من سن الكثير من القوانين التي تضمن الحقوق، لشهداء الانتفاضة والمشاركين فيها، وابرزها قانون "مؤسسة الشهداء". ويقول رئيس المؤسسة صفاء الدين الصافي، لـ(IMN)، إن" هناك إحصائيات موثقة من منظمات دولية والحكومة السعودية لأسماء معتقلي رفحاء". وأحد شهود عيان الانتفاضة هو محمد البصري،الذي يقول" انا شاهد على تلك الأيام حين كان عمري 16 سنة، فأنا ابن البصرة، وتحديدا من مدينة (الحيانية)، التي انطلقت منها الشرارة الأولى للثورة المباركة". ويردف البصري" هي ثورة شعب بسواعد الشباب، حيث دارت حرب ضروس مع قوات حرس (صدام) الجمهوري، بكل امكانياتها واسلحتها". ويستذكر البصري، الاحداث، فيقول" شارع (القائد)، يشهد على ألسنة النار التي كانت تتصاعد من الدبابات والمدرعات المحترقة". ويشير إلى كيف أن" المخاوف الأمنية وعدم توفر التقنيات الرقمية الحديثة حال دون توثيق تفاصيل تلك الاحداث". ووقعت الانتفاضة الشعبانية، مباشرة بعد حرب الخليج الثانية، حين حاصر الثوار معسكرات الجيش وهاجموا المراكز الامنية، في سعيهم إلى إسقاط النظام. وانتشرت الانتفاضة في أربع عشر محافظة، من أصل ثمانية عشر هي تعداد المحافظات التي يتكون منها العراق، لكن النظام تدخل عسكريا لقمعها، واعدم ميدانيا المئات من العراقيين فيما فر كثيرون غلى دول الجوار، ووطّنت الامم المتحدة قسم منهم في صحراء رفحاء ودول أوربية. وتخاطب أم زهراء الحمدانية، المشاركين في الانتفاضة" أصحاب الانتفاضة هم نقطة البداية الصادقة، وان علينا تخليدها". فيما يصف سيد ميثم الصافي، ابطال الانتفاضة بانهم" مقياس الرجال الحقيقي". معتبراً أن" أبطال الانتفاضة كتبوا اسماءهم في صفحات التأريخ السياسي العراقي". ويدعو كريم بدر، من جانب آخر إلى" تكريم العشائر التي ابادها النظام السابق اثناء الانتفاضة". وكانت لجنة الشهداء والسجناء السياسيين في مجلس النواب شملت العام 2014، المحتجزين في مخيم رفحاء بقانون السجناء السياسيين المتضمن حقوق وامتيازات، بنسب مختلفة. ويضرب الحمداني الذي كان أحد المشاركين في الانتفاضة، المثل في عشيرة "آل جويبر" البطلة، التي توعّدها ازلام النظام بالإبادة، وفعلوا". فيما يقول عباس الركابي، أحد المشاركين في الانتفاضة على صفحته في "فيسبوك".. "نحن رجال انتفاضة الشجعان، قلنا إلى حسين كامل، نحن ابناء الحسين ولن تدخل". وحسين كامل، هو أحد قادة النظام السابق الذين قادوا القطعات العسكرية، لقمع الانتفاضة في مدن وسط وجنوبي العراق، وقَصَفَ بأوامر منه الاماكن المقدسة في كربلاء والنجف. فيما يعد عزيز الموسوي، أن" الانتفاضة كانت وقفة بوجه الواقع الفاسد الذي كان يمثله الطاغية وحزبه". إلى ذلك يدعو أبو علي العتيحاوي المشارك في الانتفاضة الجهات المسؤولة إلى" الاهتمام بتوثيق احداث الانتفاضة". داعيا إلى" تكريم شهدائها ومساعدة المشاركين فيها ماديا ومعنويا".
أقرأ ايضاً
- تسجيل الهواتف النقالة في العراق.. فوائد اقتصادية ومخاطر أمنية !
- الأول من نوعه في العراق.. محطة كهرباء تعمل بطاقة الرياح
- 1291 مشروعًا عالقًا في العراق.. إنجازات على الورق وأطلال على الأرض!