حجم النص
بقلم :الدكتور يوسف السعيدي
ليست الديمقراطية لعبة سياسية، ولا هي بالخيار المعروض للرفض والقبول كما هو شأن النظريات الاخرى..
ان الديمقراطية باختصار هي خلاصة ما توصل اليه الفكر البشري وهو يبحث عن نظام للحكم يحرر ارادة الانسان من قيود السلطة التي تكبل الافكار والمواقف، وتحقق العدالة، وتقضي الى ان تكون الاكثرية هي صاحبة الشأن في كل قرار من خلال مؤسسات دستورية تقوم على الانتخاب الحر، وعلى الاستقلالية في اتخاذ القرار...
من هنا نقول:
ان الديمقراطية قد جاءت بديلاً لاستبداد الحكم ايا كان نوعه...
وانها جاءت لالغاء طريقة الفرض التي يملي بها الحاكم رأيه على المحكوم.
وانها جاءت لاحلال رأي الاكثرية مكان رأي القلة...
وانها جاءت لكي يكون لكل مواطن رأيه في الرفض والقبول...
اما (ديمقراطية) تقوم على ملء صناديق الاقتراع من قبل اجهزة الدولة على وفق ما يريد الحاكم او ما يشاء...
اما (ديمقراطية) تفرض على الناس ان يدلوا باصواتهم بهراوات الشرطة...
اما (ديمقراطية) تقوم على اعتقال كل معارض، او اقصائه، او تشويه سمعته..
اما (ديمقراطية) تقوم على شراء الذمم والاصوات....
اما (ديمقراطية) تلجا فيها الاطراف الى التكوينات المتخلفة كالطائفية والعنصرية والعشائرية بدل اللجوء الى عقيدة سياسية.
نقول بعد الاتكال على الله، ان ديمقراطية بهذه المواصفات قد تكون اي شيء الا كونها ديمقراطية، بل انها الطغيان بعينه، واستغلال الاسم (الديمقراطية) لتحقيق النقيض من اغراضه...
والحق نقول: ان كل حكومة تلجأ الى استخدام العنف او اية وسائل تتيحها السلطة لفرض ارادتها والمحافظة على بقائها في السلطة، فمثل هذه الحكومة هي ديكتاتورية، وتقوم على الطغيان، طغيان الفرد، او الحزب، او الفئة، او العصابة...
وبالمقابل نقول ان اية معارضة تريد اقصاء السلطة القائمة واستخدام العنف من دبابات وطائرات كما حصل في الانقلابات العسكرية، او استخدام السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة لقتل الناس بالجملة فهؤلاء دعاة طغيان وليسوا دعاة ديمقراطية...
والسؤال: اذا كان هؤلاء يستخدمون هذه الوسائل وهم في المعارضة فماذا عساهم فاعلين عندما يستلمون الحكم لا قدر الله.
ثم نقول: ان اي فرد او حزب او فئة سواء كان حاكما ام معارضا يعتقد:
- ان رايه مقدس وانه منزل من السماء.
- وانه وحده على حق...
- وانه وحده الصحيح...
- وانه ملاك وكل ما عداه شيطان رجيم...
فهذا الطرف حاكما او محكوما ليس ديمقراطيا.. اكثر من ذلك انه لا يستطيع ان يكون حاكما معاصراً يقود دولة في زمان له شروطه ومقاييسه...
لقد مضى زمان (ظل الله على الارض)...
ومضى عصر ذوي الدماء الزرق...
وآخر ما مضى هو وحدانية العقيدة وقداستها وذلك بانهيار الاتحاد السوفياتي... رغم كل ما يملك من ادوات، بين عشية وضحاها...
ان من يلجأ الى العنف حاكما كان او محكوما يؤكد انه على خطأ وليس على صواب...
ويبرهن بانه لا يملك من سلامة الفكر شيئا، ولا من الحكمة ما يبل به جفاف العقل... ولا من المنطق ما يقنع به احدا، ولا من الحجة ما يستطيع ان يواجه به الحجة بالحجة والرأي بالرأي....
في وطننا العربي فان ارهاب الحكومات موجود بكل اشكاله المعروفة، والمتطورة ايضا.
ولكن هناك بجانب ذلك ما يمكن ان نسميه ارهاب المعارضة... فبعض الاحزاب في المعارضة:
- تعتبر كل من يعارضها امبريالي – امريكي او صهيوني.
- وكل من يختلف معها في الرأي هو ساذج ولا يعرف من السياسة شيئا.
- وكل من يختلف معها هو عميل لمخابرات ما.
- ويصل الامر الى حد تكفير كل معارض لها.
- واخيراً تحليل قتل المعارض او خطفه...
هنا يتساوي الحاكم بالمعارض في تشويه المفهوم الحقيقي للديمقراطية..
بينما يبقى الشعب بين المطرقة والسندان .
أقرأ ايضاً
- كلام في رحاب السيدة الزهراء عليها السلام
- المرجعية الدينية: مكافحة الفساد بالعمل والممارسة وليس بالكلام المعسول
- عن ولادة حشد العتبات المقدسة... الكلام