بقلم: عبد المنعم الأعسم
لا اصدق ما يقال بان هناك حلحلة في الازمة. هناك-في الاصح- بيع كلام.. يلتقون ثم يصدرون بلاغا برع البعض في صناعته على مقاس الحاجة.. وربما يكون هذا البعض قد كتبه قبل اللقاء.
سوق الازمة يزدحم بالبضائع المغشوشة. اينما تذهب تجدها هناك حتى لتحار في تسبيب هذه الهمة الاستثنائية. انها ليست تهمة، وليس من باب التشاؤم، فانها، من جانب آخر، فرصة لكي نميز بين الغث والسمين. بين الصدق والكذب. بين التصريح الذي يفيض بالانصاف، مثل رغيف التنور، والتصريح الذي يفضح نفسه من اول كلمة، وهي من جانب آخر، ملاحظة تنفع في الحصانة حيال مسرحيات لا اخلاقية تضلل الجمهور وتعطل فاعليته.
في هذا السوق تألق محترفون في الكذب والتلفيق والتشهير، وصعد بارعون في صناعة القصص والروايات الفانتازية، ولمعت مهارات عرفت حاجة التجارة الى "اصناف" معينة من المنتوجات، فيما تتسابق اقنية من ماركة (وافق شن طبقة) على تبني تلك البالونات، تضيف لها ما امكن من الوان براقة، وما تيسر من مقدمات مصنعة، وما يصلح من نهايات مثيرة.
نعم، لقد أضعنا في سوق الازمة الكثير من الوقت والدماء والماء، عدا عما ضاع من سمعة الملعب واللاعبين، غير ان الامر المحزن اننا اضعنا شهية التمييز بين الناقل والشاهد والبائع عن الزبون عن الضحية عن الجلاد، بمقابل شائعات لا نميز خلالها الحقيقة عن الخيال، ونكتفي، فرط كثرتها ومداخنها ان نقول دائما ما كانت تقوله جداتنا: "ليس هناك دخان من غير نار" او ما كان يقوله حكماؤنا "دع الامور تمضي ولكل حادث حديث".
في هذا السوق صار الكثير من الكذابين يملكون منافذ مؤثرة تسعى الى خداع الجمهور، وتسويق المنتوج المغشوش من غير رقيب ولا حسيب. يحيطوننا من كل جانب، ويحاصروننا من كل صوب، ولا يتورعون عن عرض انفسهم كضحايا للفساد والفرص.. فيما هم فاسدون حتى النخاع، واصحاب فرص فاضت عن حاجتهم وصاروا يتبرعون بها للمتسولين على ابوابهم.
استدراك
"البراطيل تنصر الأباطيل".
الزمخشري
أقرأ ايضاً
- المرجعية الدينية: مكافحة الفساد بالعمل والممارسة وليس بالكلام المعسول
- الرسمي والمُوازي والسوقُ والاقتصاد
- المتابعون على الانترنيت سوق تجاري