لا يمكن النظر إلى سيرة العقيلة زينب بنت الامام علي بن ابي طالب(عليهما السلام ) ودورها الريادي في مهمة إثارة محركات وعي المجتمعات الإنسانية بضرورة استلهام دروس عاشوراء في مواجهة الظلم ، بمعزل عن استيعاب موضوعية النهضة الحسينية المباركة التي وشحت تاريخ الإنسانية بأبهى صور الإباء والكبرياء والبطولة والتضحية والشرف وعزة الإيمان ، وكل المعاني الإنسانية السامية التي عبرت عنها عمليا المآثر الخالدة لسيرة الإمام الحسين ( عليه السلام ) في جميع مراحل ثورته المتفردة من اجل إصلاح الأمة وتخليص النفوس من أدرانها . ولا أخطئ القول أن الإعلام الزينبي الذي اقض مضاجع الظالمين واسهم بإسقاط عروشهم كان في واقعه الموضوعي ثورة منظمة شديدة البأس أعلنتها عقيلة الطالبيين على مكامن الظلم والظلام ، مذ أن شهدت جسد أبو الثوار مسجى من دون رأس على رمضاء كربلاء. وقد قدر لهذه اللحظة التاريخية التي عاشتها العقيلة زينب وهي تتمرد بكبريائها على الزمان ان تكون امتدادا حقيقيا في مهمة ابو الثوار في استحالة الخنوع للظلم متصدية لمسؤوليتها في ابعاد الاذى عن سبايا آل بيت النبوة وغير متناسية لمهمتها التي أعدها لها امير الإنسانية الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام ) في ترسيخ المبادئ والقيم السامية التي استشهد من اجلها سبط رسول الله( صلى الله عليه واله وسلم ) ان تشكل انعطافا كبيرا في الضمير الانساني الذي ما يزال يئن تحت وطء اختناق نكسته المخجلة ، فكانت هذه اللحظة البداية العملية لمهمة الاعلام الزينبي في توعية المجتمع الإنساني بمبادئ الثورة الحسينية التي فتحت آفاقا واسعة أنارت الدرب للثائرين وليس نهاية لعصر الثورة الحسينية كما خطط لها الطغاة .ويمكن القول ان لصبر العقيلة زينب وكبريائها وايمانها المطلق بسمو غاية ثورة امام عصرها ، بوصفها ظاهرة إنسانية حضارية كونية متفردة ، الأثر الكبير في حسن ادارتها لمهمتها ، وهو الأمر الذي يفرض علينا النظر إليها والتعامل مع حيثياتها بهذه الصورة البهية المشرقة التي تعد امتدادا لألق ثورة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين ( عليه السلام ).
في امان الله اغاتي .