- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
كيف منح صدام حسين شهادة في القانون؟
حجم النص
د. سيار الجميل
كان الصديق الدكتور سعدون القشطيني احد ابرز اساتذة القانون العراقيين والذي زاملته لخمس سنوات في جامعة آل البيت بالاردن قد حكى لي يوما من ايام 1996 بصوت خفيض وهمس لا يسمعه بشر سواي بأنه قد درّس صدام حسين القانون في كلية الحقوق ببغداد عندما كانت السلطة بيديه.
فقلت له معقبا بصوت عال : معنى ذلك انك اعظم استاذ فاشل في التاريخ.
قال : انصت فقد اديّت واجبي وكفى.
قلت : وهل كان صدام طالبا نجيبا امامك في الصف؟
قال : كان في الحقيقة يحترم اساتذته كثيرا.
قلت : وهل كان يأتي بكتبه وحقيبته واقلامه واوراق مذكراته؟
قال : لا ابدا، فإن العلم كله في رأسه.
قلت : وهل كان يجالس زملاءه الطلاب والطالبات؟
قال : يبدو انك تستغفلني؟
قلت : معاذ الله يا ابا علي.
قال : يا سيار لقد كان يدعى بالسيد النائب، اي الرجل الثاني اذ لم يكن الاول الذي يحكم العراق فهل معقول ان يفعل ذلك؟!
قلت : وماذا يعني؟
قال : كفى تماحكني يا ابا نصر وانت مدرك للحقائق.
قلت : الم تكن استاذه في القانون؟
قال : كان يأتي الى كلية الحقوق ( قبل ان تسمّى بكلية القانون) ومعه جحفل من الحراس والامن والقوات الخاصة المدججة بالسلاح والمستشارين والتابعين والراكضين والمصفقين.
قلت : وكيف هل يدخلون كلهم الصف بمعيته؟
هنا رمقني الاخ ابو علي بنظرة نافذة ولم يعد يحتمل نزقي وقال : وهل من المعقول ان يدخل اكثر من مائة شخص الصف؟
قلت : يا ابا علي هل كان طالب علم ام حامل صولجان؟
قال : الم تعرف من هو صدام حسين؟
قلت : طيب وهل هناك من لا يعرفه، كيف كنتم تدرسونه؟
قال ابو علي : كان يأتي الى الكلية ومعه جحفل مجوقل ومدجج ومنتشر في كل زاوية شاهرين مسدساتهم وآلياتهم ونحن نمشي وراء الجميع.
قلت : وكيف درستموه القانون وبكل مواده الصعبة والمتنوعة ونحن نعرفكم واحدا واحدا؟
قال : الحقيقة انه كان يعرفنا شخصيا ولكن لا نراه الا في يوم الامتحان؟
قلت له : يا ابا علي كل هذه الهوسه وهو يأتي على الامتحان فقط؟
اجاب بانكسار : نعم.
قلت : يا ابا علي انت اعظم استاذ ناجح في القانون؟ وعقبّت قائلا : وهل كان ينجح في الامتحان؟
قال : كان يلقي بالاوراق بيضاء ناصعة ولكننا نعرف انه مستوعب لكل القانون.
قلت : اذن هكذا حصل على شهادته في القانون اخبرني بربك : من كان هناك ايضا من اساتذته؟
قال : كان هناك منذر الشاوي.
قلت : يا سبحان الله هناك فرق كبير بينك يا أخ سعدون وبين منذر.. لقد كان منذر استاذا فاشلا وقد كنت استاذا ناجحا.
قال : كيف أتيت بهذه المعادلة التي لم افهمها.
اجبت : الايام ستفهمنا جميعا ان بقينا احياء نرزق!
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية
- البكاء على الحسين / الجزء الأخير