أبدى ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في العتبة الحسينية المقدسة في 29 ذي القعدة 1432هـ الموافق 28-10-2011م استغرابه من إن كثيرا من الجرائم التي تحدث فإنها تُصاحب بردة فعل كبيرة في وقت الحدث، ثم سرعانما تختفي! وتساءل عن الجرائم الكبيرة التي حدثت واستهدفت أناسا أبرياء وشُكلت فيها لجان للتقصي عن الحقائق، ولكن أين وصلت نتائج هذه التحقيقات؟؟
وتابع سماحته كان آخر هذه الجرائم جريمة النخيب وبعض الجرائم الأخرى التي حدثت .. ولكن جريمة النخيب فيها تداعيات وغطاها الإعلام بصورة كبيرة وأرسلت هناك لجان وبقينا ننتظر .. وفي وقتها قلنا كثيرا ما تكون اللجان تكتب وتصل إلى بعض الحقائق وعندما تذهب إلى الجهات العليا للأسف الشديد تختفي ولا نعلم بها شيئاً وتحدث أشياء أخرى وتبدأ الأمور بعد ذلك تنحو منحى النسيان.
وأكد إن هذه مسألة غير مقبولة وهكذا مسائل أخرى يجب أن لا تُنسى حيث إن أهل الضحايا ينتظرون بفارغ الصبر القبض على الجناة ومساءلتهم وإنزال القصاص الذي تراه المحكمة بهم بشكل عادل، أما أن تبقى هذه الأمور مسوّفة أعتقد هذا ليس بصحيح، ودعا أهل الضحايا أن يستعملوا الطرق القانونية والرسمية للضغط على الجهات ومعرفة نتائج التحقيقات.
وعن مسألة الميزانية لعام 2012م أشار سماحة السيد الصافي إن العراق من البلدان الغنية والبلد الغني لابد أن يرتب أولوياته ونحن نستبشر خيراً عندما نرى البلد في حالة من الانتعاش المالي بمعنى إن الأرقام التي تُذكر في الميزانية القادمة هي أرقام كبيرة جداً وقد تتناسب مع بعض متطلبات البلد، بيد إنه ذكر إن هناك مشاكل في البنى التحتية وفي بعض المفاصل الأخرى ..
ونبّه إلى إن الميزانية في كل سنة تكون كما عبر عنها البعض ميزانية انفجارية ومعنى ذلك إنها ستلبّي كثيرا من الاحتياجات بسبب موارد العراق الكبيرة وان كان اغلبها من النفط، وقال إن هذه الميزانية وهذه الأرقام الكبيرة تعتبر مبالغ كبيرة، ولكن ما هي الضوابط التنفيذية التي توضع في إبقاء هذا المال أو إنفاقه في موارده الصحيحة؟.
واستمر في حديثه إنه عندما تكون الميزانية بهذا الحجم لابد أن تكون هناك ضوابط واقعية بحيث تجعل هذا المال يذهب إلى الجهات المقررة لصرفه، ولا يرجع هذا المال ثانية لعدم قدرة وكفاءة بعض الجهات على تنفيذ أو استثمار هذه الميزانية في مواردها الطبيعية، وحذر إنه ومع كثرة الميزانية فإنها تفتح المجال للتلاعب بالمال العام، وكلما تكون الميزانية كبيرة كلما يكون مجال التلاعب بالمال أوسع، وتساءل ما هي الضوابط التي تمنع هذا التلاعب؟ وما هي الأولويات التي تجعل من هذه الميزانية تحافظ على البلد مستقرا اقتصادياً وسياسياً وأمنيا ً؟.
في معرض رده عن تلك الأسئلة بيّن سماحته بأننا نشكو الآن من منظومة أمنية تفتقر إلى كثير من عوامل التنشيط وكثير من عوامل الاستعانة بالخبرات الحديثة، ولكن هل هذه الميزانية تغطي هذا الجانب وهل فكرّنا برصد هذا المال حتى لا تبقى نفس التبريرات في كل سنة؟ واستعرض سماحته مشكلة الاقتصاد والزراعة ومشكلة الأمن الغذائي قائلا: هل تعاملنا مع هذه المشاكل بأولوية حقيقية بحيث إن هذه الميزانية ستضع البلد من هذه الجوانب بموضع ايجابي؟ هذا المال هل سيساعد على استقرار البلد سياسياً ولا نكون بين فترة وأخرى في مهب الرياح؟ أم إن المسائل تؤخذ بكيفيات غير محسوبة وتعود المعاناة مرة ثانية من فساد إداري وتلكأ في المشاريع وغير ذلك.
وأوضح سماحته عندما نتعامل مع ميزانية ضخمة لابد أن نشاهد أثرها واضحا على الناس وعلى البلد، وطالب إنه لابد أن تُرتب الأولويات بشكل أو بآخر للموازنة بين ضخامة الميزانية وتلبية احتياجات المواطن الضرورية.
وفي سياق آخر وجه ممثل المرجعية الدينية العليا عتابه إلى الدولة من جهة والكفاءات من جهة أخرى بقوله: بين فترة وأخرى نلتقي ببعض الإخوة العراقيين الذي يسكنون في الخارج وهم في شوق إلى خدمة البلد لكن توجد مشكلة .. الدولة عليها أن لا تفرط بأبنائها وعليها أن تستعين بالخبرات في سبيل النهوض بالبلد ولا شك إن هناك الكثير من أبناء البلد خارج العراق تركوا العراق لسبب أو لآخر، وبالنتيجة تجمع عندنا تراكم كمّي كبير وهذا معه أيضا تراكم نوعي، فالمشكلة لا الكفاءات بدأت تعود لخدمة البلد ولا الدولة وفرّت الظروف المناسبة لاستقدام هؤلاء.
وتابع سماحته إن الكفاءات عندما تكون في البلد ستوفر لنا كثير من الوقت والتعب، ولكن بعض الكفاءات لا يستطيع أن يأتي للبلد لأنه تعوّد على حياة رفاهية هناك وهو غير مستعد أن يأتي!! والدولة عندما تتعامل مع الكفاءات لا توفّر الجو المناسب لاستقدام هذه الكفاءات، وعندما تأتي هذه الكفاءة ويحاول لمدة أيام أن يلتقي بالمسؤول الفلاني، سيواجه بالحجاب والأبواب موصدة أمامه، وفي بعض الحالات المسؤول يخاف من الكفاءة ويخشى من أن هذه الكفاءة قد تحتل موقعه في المستقبل ويحاول أن يوجد أعذار واهية في سبيل أن يزهّد هذه الكفاءة في البلد وبالنتيجة يرجع صاحب الكفاءة ويقول أبقى هناك أفضل! حيث إن هناك جهات في الداخل مسؤولة عن خلق جو لنفرة الكفاءات العراقية من العودة إلى العراق وبعض الأسباب أسباب حزبية يتعامل الشخص مع الكفاءة تعامل حزبي، في الحال عندنا كفاءات في جميع المجالات وخصوصا ً مجال الطب وما أحوجنا إلى مجال الطب.
وطالب المسؤول بأن ينهض بالبلد من خلال التعامل معه بمقتضى الكفاءة والمهنية فالمسألة الحزبية أمر آخر، فالكفاءة يجب أن تتحمل العراق، والعراق بصحرائه وسهوله وجباله وظروفه المتغيرة هو عراق الجميع وهذا البلد لابد أن يكون حرصنا عليه أكثر .. وتوجه بكلامه إلى الكفاءة إنه ليس من الصحيح عندما يوصد بوجهك باب ترجع بعد ذلك؟! .. لابد أن تتحمل فهذا البلد يحتاج إلى بُناة وانتم لكم القدرة على أن تبنون، نعم تحتاج إلى تعب ولكن ماذا نصنع؟ وهذا التراث الضخم نحتاج إلى أن نبنيه سوية.
ودعا الكفاءات إلى أن يأتوا بشكل جماعي ويجعلوا مسؤولي الدولة أمام الأمر الواقع وان لا يأتوا فرادى من هنا واحد ومن هناك واحد، حيث إنه قد يصطدم مع موظف استعلامات ويكون له ردة فعل سلبية، وعلى المسؤول أن يلتقي بالكفاءات ويجلس معهم ويتعاون معهم ويسمع منهم ويرى قدراتهم في سبيل النهوض بالبلد.
وطالب الإخوة المسؤولين وخصوصا الأعضاء في مجلس النواب أن يلتفتوا إلى هذه المسألة، وان يرووا ما هي المعوقات، وان يستقدموا الكفاءات لكي تعمر البلد، وهذه مسؤوليتنا جميعا.
وفي الختام قال سماحته إن الجزء الأكبر من مشكلة الكفاءات تتحمله الدولة باعتبار إنها هي المعنية، إذ أن الأموال بيد الدولة والتشريع عند مجلس النواب، وعلينا جميعا أن نراقب لماذا جاءت الكفاءة وانهزمت، نريد أن ننهض بهذا البلد ونسأل الله أن يوفقنا لخدمته.
وكالة نون خاص
أقرأ ايضاً
- مصر تمنع دخول الفلسطينيين القادمين من العراق و4 دول اخرى
- وزير الموارد: الإطلاقات المائية إلى نهر الفرات أفضل من المتوقع
- أوكرانيا ترسل 500 طن من الطحين مساعدات غذائية لسوريا