- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أين حكومتنا من شرائط الحكومة العادلة؟!
ونحن نعيش خضم الصراعات بين الكتل السياسية، ولكي لا تتحول تلك الصراعات إلى مخالب تنهش جسد الأمة المثخن أصلا بجراحات الأنظمة المستبدة المتعاقبة على حكم البلاد طيلة السنوات الغابرة، ونحن على أعتاب الترشيق الوزاري لإسداء الخدمة وتوفير الأمن لشعبنا الصابر، لابد من توخي الدقة والحذر في انتخاب المسؤول في الدولة العراقية، لتكون الكتل جزءا من الحل وليست جزءا من المشكلة، وأن تكون ذا مصداقية في انتخاب الأصلح والأفضل للمساعدة في حلحلة الملفات العالقة وفتح صفحة جديدة على مستقبل النظام الديمقراطي ليكون الملهم والمنقذ ليس على المستوى المحلي فحسب بل على المستوى الإقليمي والعالمي.
وفي هذا الصدد استنتج أصحاب الشأن والفن شروطا لتعيين الوزراء والقادة العسكريين والقضاة وغيرهم، ولعل أبرزها ما يلي:
الأول: النزاهة والكفاءة والولاء للوطن... ومن عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح، حيث إن هذه الأمور تعد صمام أمان للعملية السياسية من أي خرق داخلي أو خارجي.
الثاني: أن لا يكون مرتكبا لجناية أو جنحة مخالفة للشرف، لعل من أبرز مقومات النظام الديمقراطي هو خلو القائمين عليه من الإجرام والإفساد، وكما قيل إن فاقد الشيء لا يعطيه، كيف ننتظر حماية الأموال والأعراض والحرمات من شخص هو منغمس من رأسه إلى أخمص قدميه بالفساد والرذيلة؟!
الثالث: أن لا يكون مسرفا ولا جاهلا ولا فاسقا، إما لعدم وجود المقتضي بسبب فقدان الأهلية الناشئة من الخيانة ونحوها، أو بسبب وجود المانع، لما يترتب عليه من الفساد في الأرض والفوضى، وعليه فلو انطبق على السلطة التنفيذية جميعها أو رئيسها أو أي وزير من وزرائها هذا العنوان لم تجب طاعتها، بل وجب عزله من قبل مجلس النواب لسقوط أهليته، ونفس هذا الكلام ينطبق على ولاية السفيه، وهو ناقص العقل، فيدل بالأولوية على عدم أهليته في السلطة أيضا.
الرابع: انتخاب القوي الأمين كما جاء في القرآن الكريم، ليحفظ أرزاق الناس ومقدراتهم ومعتقداتهم ونواميسهم من الإفراط أو التفريط أو الافتراس من قبل ضعاف النفوس وما أكثرهم في زماننا هذا!.
ومن مجموع ذلك يظهر إن الدولة العادلة تهتم بالجوهر، فإذا تم اختيار الوزير ضمن المعايير الصحيحة، فإنه سيقوم بأمر هذه الوزارة خير قيام، سواء كان انتخابه في جهازه التنفيذي بواسطة الأمة مباشرة أو بالوسائط.
هذا ولا يخفى عليك إن نفوذ السلطة التنفيذية العادلة المتوفرة فيها الشروط يتقوم بطاعة الناس لها، وإلا صار وجود السلطة لغوا لا فائدة فيه ولا أثر له، ومن ذلك يظهر إن طاعة الأمة للحكام الصالحين والإخلاص لهم وتنفيذ مقرراتهم يشكل عاملا أساسيا في ثبات الحكومة واستقرارها وموفقيتها في إدارة البلاد على أحسن وجه، وعليه فإنه بعد أن تتوفر شرائط الحكومة الصالحة لا يجوز مخالفتها، أو الخروج على قراراتها، لأنه مناف لأدلة اللزوم في العهود، ومستلزم للفوضى واختلال النظام.
ومن الملاحظ إن التلكؤ الحاصل في العملية السياسية الديمقراطية في العراق سببه يرجع إلى فقدان أغلب تلك المقومات الأربع أو جميعها، فدوافع معظم قادة الكتل السياسية إما هي طائفية أو قومية أو شخصية نفعية وقلما نجد مسؤول يحمل الهم الوطني، وإن تشدق الجميع بالمواطنة وحب الخدمة لا يعدو كونه إلا لقلقة لسان ليس إلا، فالكل يتحدث عن النزاهة ولا نزاهة في البين، والكل يتحدث عن الكفاءة ولا نجد لها حسيسا ولا نجوى والكل يتكلم عن الولاء للوطن والواقع يشير إلى تعدد الولاءات إلا الولاء للعراق!.
والأدهى من ذلك نجد بعض الذين انخرطوا في العملية السياسية رجل في الإرهاب ورجل في السياسة بل اتخذ الغطاء السياسي ليضرب العراق وشعبه في الصميم ومن الداخل لأجندات باتت معروفة للقاصي والداني، فنجد هذا البعض يدافع عن الإرهابيين في السجون ولا يدافع عن ضحايا الإرهاب من الأبرياء وكإنما الإرهابيون هم الإنسان دون سواهم في لائحة حقوق الإنسان في قاموسه السياسي! أما السياسيون السفهاء عن قصد فحدث ولا حرج في ديمقراطية العراق المتراخية ولا من رقيب يحاسبهم ويحد من التبذير والتبديد غير الطبيعي في خزينة الدولة العراقية، كإنما المنصب الذي حصل عليه غنيمة للإثراء الفاحش له ولعائلته وحزبه وكتلته التي ينتمي إليها، وهو يعلم قبل غيره إن الملايين من الشعب العراقي بحاجة ماسة إلى خدمات وهي من أبسط ما يمكن تقديمه إلى المواطن في ظل نظام شعبي ديمقراطي يأمل الناس منه خيرا بعد سني الجفاء التي عاشوها في زمن الاستبداد والعهر السياسي.
ولكن المواطن المسكين تفاجأ بتحول ديكتاتورية واحدة إلى ديكتاتوريات وسارق واحد إلى سراق ومتهتك واحد إلى عصابات، وفي ظل هكذا أجواء فالمجرمون لا يحاكمون والمفسدون لا يتم استئصالهم، إذا لم يتم تهريبهم من داخل السجون إلى الخارج ليمتعوا هناك من خيرات اقتطعوها من بلعوم شعب بأسره، بل إنه وقع ضحية التماهي والفساد والترهل التي تعاني منه ماكنة المسؤولين في الدولة العراقية التي بحاجة فعلية إلى إعادة نظر في برامجها وأولياتها ومساعيها الجادة في القضاء على الفساد والمفسدين تمهيدا لانطلاقة الخير في الحكومة الديمقراطية العادلة التي هي مبتغى لكل الأحرار في العالم ولاسيما ذوي الشأن الذين يتأثرون بها سلبا وإيجاب
أقرأ ايضاً
- أين اختفوا ؟
- نصيحتي الى الحكومة العراقية ومجلس النواب بشأن أنبوب النفط الى العقبة ثم مصر
- لماذا تصمت الحكومة أمام عقود أندية دوري "لاليغا" ؟