- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الحكومة والامريكان وإدارة ملف الأموال العراقية
بقلم: زيد المحمداوي
منذ البدء في مهامها والحكومة الحالية قطعت وعد لشعبها ولجماهيرها بانها ستعيد سعر الصرف للدولار الى السعر القديم ورغم ان الوعد كان انتخابيا لان القرار فيه تبعات اقتصادية كبير جدا كون ان التخفيض في سعر الصرف سيحرم الحكومة من مبالغ كبيرة قد يصل الى 17 تريليون دينار، ولكن بالمقابل كان المفروض ان يكون ذو فائدة للمواطن لان السلع المستوردة (وكل السلع مستوردة وحتى التي يكتب صنع في العراق) سوف تنخفض قيمتها.
واقعا ان السلع ارتفعت عندما رفعت الحكومة السابقة سعر الصرف ولم تنخفض السلع عندما تم تخفض سعر الصرف من قبل الحكومة الحالية، ان السعر تم تخفيضه هو في المعاملات الرسمية وفي بيع البنك المركزي للبنوك الأخرى لكن في الشارع والسوق السوداء أي ان السعر الموازي لم ينخفض بل اعلى من السعر الرسمي السابق الذي هو 1450 لان وصل في بعض الأحيان الى 1800 رغم ان سعره الرسمي هو 1320 دينار عراقي.
ان الملف المالي والنقدي هو بالحقيقة تحت الوصاية الامريكية لأنها هي من تتحكم بمن يرشح لبى ادارة البنك المركزي الذي شرع في زمن بريمر الحاكم المدني للعراق بعد عام 2003 والى الان لم يتم تشريع قانون يخص البنك المركزي حتى لا يثيرون غضب الامريكان.
ونعلم ان الذي يعنى بسعر الصرف والسيولة النقدية هو البنك المركزي وان البنك الدولي وصندوق النقد الدولي هم في اجتماعات دورية وكثيرة بالبنك لفرض رايهم في معظم الأمور.
لم تكتفي الولايات المتحدة الامريكية بذلك، بل ومنذ النظام الفائت، جعلت مبالغ مبيعات النفط تذهب الى الفدرالي الأمريكي ومن ثم يقسم الى صندوق اعمار العراق وصندوق الديون الى الكويت وكان نتيجة وضع العراق تحت الوصاية الغربية.
استطاع العراق ان يخرج من الوصاية الغربية ومن تسديد ديون الكويت التي كانت تستقطع من مبيعات النفط، وبالتالي ان العراق اصبح غير ملزم بوضع أمواله في الفدرالي الأمريكي، لكن وبعد ان شعر الأمريكي بذلك، قلل من الأموال (بالدولار) الواصلة للعراق وبالتالي ارتفع قيمة الصرف في السوق الموازي وجعل الحكومة الحالية تفاوضهم في جولتين الأولى في إسطنبول والأخرى في واشنطن وكانت النتيجة إضافة وصاية أخرى وحلقة جديدة تزيد من تحكم الغرب بأموال العراق وهو جي بي موركان بانك، الذي تذهب اليه الأموال من الفدرالي الأمريكي ومن ثم الى البنك المركزي العراقي.
بالحقيقة ان الحكومة لم تستطيع الحكومة الحالية من إدارة ملف النقد والصرف بصورة صحيحة وكذلك لم تستطيع ان توازن الكفة بين الشرق والغرب وان تنوع أموالها من العملة الصعبة بان تجعله باليوان والروبل بدل ان يكون بالدولار فقط ويكون عرضة للابتزاز والمصادرة والتجميد.
الغريب ان الأيام الأخيرة كان ارتفع سعر الصرف الموازي من 1600 الى 1700 دينار عراقي من دون معرفة الأسباب الحقيقية سوى ان هنالك تسريبات ان الولايات المتحدة الامريكية رفضت ان تعطي العراق الدولار حسب فواتير مرسلة منه الى الفدرالي.
نتفاجأ ان في يوم السبت المصادف 11/11/2023 ان الحكومة العراقية تجري مفاوضات مع والوفد الامريكي المسؤول عن عمليات التحويلات الخارجية لتغطية الاستيرادات والذي عقد في ابو ظبي ، وكما نعلم ان العراقي يفشل ويخسر في كل مفاوضات يجريها ولأسباب لا يسع المقام لذكرها، ان النتيجة من المفاوضات هي:
أولا: التعامل بالدولار
ان تم الاتفاق على تعزيز رصيد مسبق لخمسة مصارف عراقية في حساباتهم بالدولار لدى المصارف الاردنية والحوالات عن طريق( jp morgan ) وهذا يعني:
1- ان التعقيد في التحويلات المالية ازداد تعقيدا بإضافة بنوك جديدة للتعامل معها بدل ان يتم التعامل مع جي بي موركان بشكل مباشر.
2- ان العراق خسر اكثر السيطرة على أمواله.
3- ان العمليات التجارية ازدادت في عمولتها بسبب إضافة حلقة جديدة وعمولة أخرى.
4- ان البنوك العراقية غير مؤهلة ان تتعامل مع البنوك العالمية الكبيرة وهذا يعني فشل الإدارة المالية.
5- فشل الحكومة في إدارة النقد والصرف.
6- ان الغرض من هذه الخطوة هي زيادة الإيرادات للأردن من خلال عمولات جديدة لها وهذا يضاف الى النفط الذي يتم إعطائه للأردن دون السعر العالمي باقل من 16 دولار.
7- ان العملية ربما تسهل من تحويل الأموال لان الامر اصبح غير منحصر ببنك واحد وهو التجاري العراقي، لكن بالمقابل ان الحكومة ستجيز عدة مصارف (خمسة) ان تفتح لها حسابات في بنوك اردنية وتلك البنوك مرتبطة بجي بي موركان وبالتالي ان البنوك المجازة ستوزع حصص بين الأحزاب المتحاصصة وللسلطة وبالتالي سيزيد من الأموال التي تذهب الى جيوب الأحزاب بطريق اخر.
8- البنك المركزي يبيع يوميا اكثر من 180 مليون دولار لعدد من المصارف ، ولو ان حصة البنك الواحد هو 10 مليون دولار وان الفرق بين الشراء (1320 والبيع هو 1620 دولار فيكون الفرق هو 300 دينار لكل دولار واحد وبالتالي ان البنك يربح من تلك العملية في اليوم الواحد هو 3 مليارات دينار ، ولنا ان تساءل كيف اذا تم إضافة ربح اخر هو من تحويل الأموال الى الخارج.
ثانيا: التعامل بالين
الاتفاق الاخر هو فيما يخص التعامل مع الصين وعملتها اليوان، ان الامريكان فرضوا بنك وسيط يسبق الدفع للصين وهو بنك التنمية السنغافوري، وكما قلت سابقا إضافة وصي وحلقة إضافية وخسارة أموال لدول تفرضهم أمريكا علينا لانها من حلفائها.
حيث تم فتح حسابات ل6 مصارف عراقية في هذا المصرف، وستتم خلال الفترة المقبلة إضافة 7 مصارف أخرى لتمويل التجارة والاستيرادات العراقية من الصين، حيث تقدر تلك الاستيرادات بنحو 12 مليار دولار سنويا، للعلم ان البنك المركزي لا يتحدث عن انشاء رصيد من اليوان باموال كبيرة ولا حتى صغيرة، لان الفكرة الأخرى من البنك السنغافوري هو ان لا يكون لمصارف العراق أموال باليوان الصيني.
ثالثا: التعامل باليورو
من المحتمل ان في الأيام القريبة سيتم الاتفاق أيضا بشان اليورو، حيث ان هناك مفاوضات جدية وصلت إلى مراحلها الأخيرة لتعزيز أرصدة بعض المصارف العراقية باليورو لدى مصرف يوباف (UBAF) لتمويل التجارة مع الاتحاد الأوروبي.
رابعا: التعامل بالدرهم الاماراتي
وكما جرت اجتماعات أخرى جمعت أحد المصارف الإماراتية والبنك المركزي العراقي والجانب الأمريكي، لتنفيذ آلية تعزيز الأرصدة بالدرهم الإماراتي للمصارف العراقية (UAE Dirham pilot)"، مبينا، أن "الأمور تسير على ما يرام بهذا الجانب، حيث تم حسم جميع التفاصيل الفنية المتعلقة بالموضوع، ومن المتوقع أن تبدأ آلية تعزيز الأرصدة بالدرهم الإماراتي خلال الأيام القليلة القادمة.
خلاصة الامر لا نحتاج ان نوصي الحكومة باي حل لأنها حتما لا تأخذ بالحلول المقترحة وكلما يتم تنبيهها الى امر، فانها ستعمل على اجراء فعل هو اسوء من الأول فالعراق كان ومنذ 2003 والى 2022 تكون أمواله من الفدرالي الى البنك المركزي، اما في زمن هذه الحكومة فأموالنا تذهب من الفدرالي الى موركان الى البنوك الأردنية الى العراق.
ان الاجتماعات الأخيرة وزعت الوصاية على الأموال العراقية وكانها مشاريع مقاولات لاحباب أمريكا ولمصارف محلية هي لاحزاب السلطة.
ان الحكومة الحالية صعبت الامر كثيرا على الحكومات القادمة في حال ارادت ان تقوم بإصلاحات مالية واقتصادية.
أقرأ ايضاً
- اهمية ربط خطوط سكك الحديد العراقية مع دول المنطقة
- حماية الاموال العراقية قبل الانهيار
- نصيحتي الى الحكومة العراقية ومجلس النواب بشأن أنبوب النفط الى العقبة ثم مصر