
طفل ولد طبيعيا وبعد اشهر دخل في دوامة المرض، فمن طبيب لآخر ومن مستشفى لثاني، ولم تشخص حالته المرضية، يصرخ ليلا ويمسك برأسه وترتفع درجات حرارته الى حد فقدان الوعي، لكن لا احد يعرف ما به، ثم اصيب بحالة التشنج الحراري(الشمرة) وادخل المستشفى ووصل الى حافة الموت، وذهبوا به الى ايران ولم تفلح محاولتهم بعلاجه، وبعد اكثر من عام شخصت حالته وارسل الى تركيا لتجرى له عملية زراعة نخاع العظم وبقي لاشهر محدودة حسب الاتفاق بين وزارة الصحة والجهة الطبية هناك، وعاد للعراق لتتلقفه ايدي اطباء وممرضي مركز المجتبى لامراض الدم وترعاه منذ ستة اشهر مجانا ليعود سالما معافى.
بوادر المرض
وبعد أن اطمئن قلبها على ولدها تسرد السيدة "نور الهدى جاسم" قصة ولدها الصغير "جاد عباس قاسم" ورحلته مع المرض لوكالة نون الخبرية بالقول ان" ولدي "جاد" يبلغ من العمر حاليا اربع سنوات ونحن نسكن في قضاء المحمودية في العاصمة بغداد، كانت ولادته طبيعية وبعد خمسة أشهر بدأت اعراض المرض تبدو عليه وصار يشكو من الآم في راسه، وراجعنا به عشرة من اطباء الاطفال المعروفين بالعاصمة بغداد لاعتقادنا انها اعراض امراض اطفال، وارتفعت درجة حرارة جسمه الى (48 ــ 49) واستمرت لأشهر، ولم تشخص حالته بشكل دقيق بالرغم من اجراء جميع الفحوصات المختبرية والاشعاعية المطلوبة ويصفون له ادوية مسكنة ليستطيع النوم ليلا، وعرفنا ان مرضه في رأسه من امساكه لرأسه والبكاء المستمر، واستمرت رحلة علاجه هذه لمدة سبعة اشهر وتجاوز عمره العام الكامل دون نتيجة ايجابية، ثم اصيب بحالة التشنج الحراري (وتسمى عرفا شمرة وتحصل نتيجة حدوث اضطراب في الاشارات الكهربائية في دماغ الطفل)، كما تتسبب بفقدان الوعي، وفي اليوم التالي راجعنا طبيبة اطفال فحذرتنا من حالته واخبرتنا انه معرض للموت، وطلبت على الفور الذهاب الى مستشفى متخصص لرقوده والوقوف على حالته الخطرة".
على حافة الموت
وتكمل ام "جاد" معاناته ولدها مع المرض ومعاناتهم كعائلة تكاد تفقد ولدها بالقول" وبعد رقوده لمدة (12) يوم في المستشفى تمكن احد الاطباء الماهرين من تشخيص حالته المرضية بأن لديه التهاب في الرأس وصلت نسبته (49) بالمئة، وهو على حافة الموت ولو وصلت النسبة الى (50) بالمئة فلا يستطيع الاطباء انقاذه، وتحسنت حالته بعد اعطائه العلاج، ولكن نسبة الدم بالجسم بدأت بالتنازل وارتفعت مرة اخرى درجة حرارة جسمه، وظهرت كدمات زرقاء وحمراء في رجليه ويديه، وبقي على حالة لاشهر عدة يتلقى جسده الدم تقريبا (20) مرة، لسد النقص وتجاوز عمره عام ونصف، ثم سافرنا به الى ايران وبعد اجراء الفحوصات له ايضا تلقى جسده الدم ولم تشخص حالته المرضية بدقة، وفي نهاية المطاف وفي منتصف عام (2022) راجعنا احد الاطباء وتمكن من تشخيص حالته باصابته بسرطان الدم ونصحنا بمراجعة مؤسسة وارث الدولية لعلاج الاورام، وتلقتنا المؤسسة بإنسانية عالية يراجع فيها ويتلقى العلاج على يد الدكتورة "اسيل عبد الصاحب" لمدة عام كامل وكانت حالته تتحسن".
تشخيص دقيق وسريع
ورغم جميع المراحل المتعبة التي مر بها الطفل "جاد" الا ان بريق الامل لاح في الافق هكذا تصف الوالدة التي تأن من الم الخوف على فقد ولدها وتضيف " امل الشفاء لاح عند وصول الدكتور المصري الماهر "حنفي احمد حافظ" الى مؤسسة وارث الدولية لعلاج الاورام ، ومنذ الوهلة الاولى تمكن من تشخيص مرضه بفشل نخاع العظم لديه الذي يتسبب في نزول الدم في الجسم وفقدان الصفائح، وفي وقتها لم يكن مركز المجتبى لامراض الدم وزراعة نخاع العظم قد اجرى اية عملية زراعة للنخاع للاطفال، فنصحنا الدكتور "حنفي" بالاسراع باجراء العملية خارج العراق، وعلى الفور عملنا بالنصيحة وذهبنا الى وزارة الصحة للتسجيل في برنامج الاستقدام والاخلاء الطبي، وسافرنا الى مدينة اسطنبول في تركيا واجريت له تحاليل مختبرية واشعاعية عدة لمدة شهر كامل، ولكون ولدي "جاد" يحتاج الى عملية زراعة نخاع العظم من الغير خضع ابني الثاني الذي يبلغ من العمر (6) سنوات الى الفحوصات والتحاليل كونه هو المتبرع لاخيه المريض، للحصول على التطابق بينهما، وبعد ان ظهرت النتائج جميعها ايجابية، ودخلنا الى الحجر لمدة (33) يوم، وبدأت عمليات اعطائه الجرعات الكيمائية لتصفير مناعة الجسم".
زراعة ورعاية
ثم تمت زراعة نخاع العظم له في نفس اليوم الذي اخذوا من اخيه نخاع العظم، هكذا تتابع "ام جاد" قصة ابنها بالقول" في بداية الامر كانت الامور طبيعية ولكن بعد مدة ظهرت مضاعفات مخيفة مثل تفتح الجلد وتساقطه، وكذلك الطعام لا يتناوله والماء لا يشربه، وتساقط شعر رأسه واصفر وجهه، وعندما شاهد الاطباء المختصون خوفنا وقلقنا اخبرونا ان حالته جيدة وتستجيب للعلاج والنجاح حليف العملية، لان لولا هذه الاعراض لكانت فاشلة، وبقي على هذه الحالة لمدة شهر كامل، ثم حصل لديه انتفاخ في الجسد، وابلغنا الاطباء انها من اثر الادوية والجرعات الكيمياوية وعملية زراعة نخاع العظم، ثم خرجنا من الحجر وبدأت حالته تتحسن وينبت الشعر في رأسه واعطي علاجات للجلد، ومكثنا في تركيا لمدة اربعة اشهر ونصف الشهر وهي المدة التي تتكفل وزارة الصحة حسب العقد مع الجهة التركية الطبية بإرسالنا فيها للعلاج في تركيا، وتحسنت حالته فيها وعدنا الى العراق، وعلينا بعدها ان نراجع في العراق على حسابنا الخاص، ثم عدنا الى مؤسسة وارث الدولية لعلاج الاورام لعلمنا انها تعالج الاطفال مجانا، لكن احيل ولدي الى مركز المجتبى المتخصص بامراض الدم وزراعة نخاع العظم وهي الحالة التي اصيب بها، واستقبلنا بشكل مهني وانساني من قبل الاطباء الماهرين الدكتور "محمـد " والدكتور "حنفي احمد حافظ" الذي غمرته الفرحة عندما شاهد حالة "جاد" وتحسنها واثنى على سرعة استجابتنا لنصيحته واخبرنا ان عمليته ناجحة جدا، ومنذ ستة اشهر يحظى ولدي بعناية طبية فائقة ومجانية ورعاية انسانية جعلته يتماثل للشفاء بشكل شبه كامل وتمكن من السير على رجليه بعد مدة طويلة من العلاج، وبدأت مراجعاته كل اسبوع مرة ثم اصبحت كل اسبوعين مرة، والغيت عدد من الادوية وبقي يتناول نوعين من الدواء فقط، واصبحت نسبة الدم (13) بالمئة وهي نسبة جيدة جدا والصفائح جيدة ونسبة المناعة وصلت الى (10) بالمئة، ووجدت التطور بالاجهزة والمعدات ومهارة الاطباء في مركز المجتبى بنفس مستوى ما موجود في تركيا او احدث منها، وابرزها النظافة والوقاية والاهتمام بالمريض".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- هواء "كبريتي" يفاقم الأمراض التنفسية في بغداد
- باجهزة فريدة من نوعها.. العتبة الحسينية: جرع امراض الدم تحضر بغرف عقيمة مواصفاتها عالمية
- البقالون يخدمون الزائرين . (42) موكبا قديما في مدينة الكاظمية تحيي الشعائر الحسينية من عقود مضت