مدينة الكاظمية المقدسة التي تقدست بجثمان امامين معصومين من ائمة الهدى هما الكاظم والجواد (عليهما السلام)، دأبت من زمن طويل على احياء شعائر استشهادهما واحياء جميع المناسبات الدينية، لكن من اسس لهذه الشعائر هي (42) موكبا حسينيا قديما كانت تحيي شعائر اهل البيت ومنها حوالي عشرة مواكب رئيسة وكبيرة اسست اما من قبل اهالي منطقة سكنية، او اصحاب المهن الحرة، وتربى على الخدمة الحسينية ومحبة الائمة الاطهار من فعاليات هذه المواكب اجيال كثيرة الى يومنا الحاضر.
تاريخ مواكب الكاظمية
يشرح كفيل موكب هيئة البقالين " كريم محمـد عبد الكريم" الذي ينحدر من "بيت عيونه" الكاظمي من منطقة "البحية القطانة" لوكالة نون الخبرية ما تخزنه ذاكرته عن المواكب في العقود السابقة واشهر مواكب الكاظمية قائلا اننا "جيل تربى في المواكب الحسينية، حيث كانت سابقا (42) موكبا حسينيا في مدينة الكاظمية واقدمها واشهرها مواكب "الانباريين، البحية، الجواهرية، الجمهور، آل ماجد، الشيوخ، السميلات"، وبعدها تفرعت منها مواكب كثيرة، وتميزت بأنها تختص بمنطقة سكنية او اصحاب مهنة، مثل البقالين، والبياعة، والبنائين، والنجارين، والحدادين، والصفارين، واصحاب المقاهي، ومنها حوالي عشرة مواكب رئيسة وكبيرة، وبحكم ان مدينة الكاظمية كانت صغيرة وليست مترامية الاطراف كما هي الآن، وعدد نفوسها قليل، فكانت مواكبها منظمة بشكل يسير ومجالسها تغطيها الروحانية والتعلق بمصائب اهل البيت، وكانت "الردات الحسينية" ثورية وحماسية وفي شعرها مغزى واهداف ومعاني كثيرة او انتقادات للسلطة الحاكمة او بيان للظلم، مستنبطة من نهج ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) وقضيته العادلة، واتذكر منها بعد سقوط الملكية وقيام الجمهورية كانت احدى الردات ضد نوري السعيد الذي القت الناس عليه القبض في الكاظمية لشاعر من الكاظمية تقول ( يحسين اسمع صوت الاحرار...فاضل اسير ونوري فرار.. ذب العباية وانهزم.. ومن الشعب ما سلم)، وفيها جنبة سياسية لان ثورة الحسين (عليه السلام) عقائدية انسانية سياسية، وكانت الكاظمية تتحول الى مأتم، فالبيوت والشوارع تتوشح بالسواد، ولان الحالة الاقتصادية للناس كانت ضعيفة ومن الصعب شراء ملابس سوداء لجميع افراد العائلة، فتقوم الامهات بصبغ الملابس لترتديها النساء والاطفال والرجال، وفي اول يوم من محرم تغطي العائلات التي لديها جهاز "التلفزيون" بقماش ولا يستخدم طيلة عشرة ايام، كما تغلق الناس اجهزة الراديو ولا تفتحها الا للاستماع الى المقتل في العاشر من المحرم، او سماع المحاضرات والقصائد الحسينية من الاذاعة الايرانية".
مقرات المواكب
لم تكن المواكب تمتلك بنايات او مساحات واسعة او سرادق كبيرة، هكذا يصف عبد الكريم الحال ويضيف ان" المواكب كانت تنصب خيمة ترفعها اوتاد الخشب داخل الصحن الحسيني الشريف، وكانت مواكب عزاء الجواهرية وخدمة الجوادين، وآل ماجد، وتستقبل المواكب التي تأتي الى الصحن الكاظمي لاقامة العزاء وتقوم بضيافتهم واطعامهم وتوفير الماء في مجموعة من "الحبوبة" وفي السابع من المحرم يشارك مجموعة من السقاءين بإرواء المعزين تيمنا بابي الفضل العباس (عليه السلام)، ويقام مجلس عزاء فيه رادود، كما تنزل مواكب الزنجيل من الثانية ظهرا الى قبل صلاة المغرب، وموكب البقالين اسسه رعيل اول من اجدادنا منهم "حجي حميد مرهون"، و"جعفر شنه"، ووالدي "محمـد عبد الكريم"، والاخوة "عبد علي وعبد الحسين وهادي عاشور"، وتسلم المسؤولية منهم ابنائهم لكن الكثير منهم اعمارهم تعدت السبعين عاما فتحولت الى احفادهم، وكان مكان الموكب ملاصق لباب المراد، في السوق المجاور لباب المراد".
الخدمة حاليا
وعن الخدمة التي يقدمها الموكب وخدامه حاليا يقول ان" لدى موكب "البقالين" حسينية هي من اوائل الحسينيات في كربلاء المقدسة لاهالي الكاظمية اشتروها في عام (1949) بمبلغ (950) دينار حينها في منطقة العباسية الغربية في شارع النجارين، وقام النظام البعثي بتهديمها مع مجموعة من الحسينيات والمدارس الدينية، وبعد زواله قمنا باعادة بنائها، وفي احد الايام وقفت سيدة وقورة امام الحسينية وقالت هذا بيتنا، واصبنا بصدمة خشية ان يكون هناك عائق في شرائها، ثم عرفنا منها ان امها باعت البيت لاهالي الكاظمية بمبلغ (950) دينار، وعادت في اليوم الثاني وكانت تعيش في مملكة السويد وتملكنا الخوف لكنها تبرعت بمبلغ (8000) الف دولار اميركي لبناء الحسينية، ما يعادل حينها عشرة ملايين دينار عراقي، واصبحوا يحيون فيها الشعائر ويقدمون الخدمة في شهري محرم وصفر، اما في الكاظمية فتخصص (15) خادم حسيني بتقديم وجبة واحدة من المشويات يوميا ووجبات كثيرة في يوم الاستشهاد الذي ترحل فيه كل المواكب القادمة من بغداد والمحافظات لسد حاجة الزائرين".
قاسم الحلفي ــ الكاظمية المقدسة
أقرأ ايضاً
- قدم شهداء وتنقل في المحافظات.. البنائين في الكاظمية المقدسة لهم موكب خدمة وعزاء اسس عام (1941)
- في طرف الانباريين.. موكب عزاء وخدمة بمدينة الكاظمية تشم فيه رائحة الحزن منذ (79) عاما(صور)
- ساروا الى كربلاء في زمن البطش... "مضيف الجوادين" موكب يقدم (35) الف وجبة في استشهاد الامام الكاظم