بعد أن أسدل الستار على انتخابات برلمان إقليم كردستان، وعدم حصول أي طرف سياسي على نسبة النصف زائد 1، التي تمكنه من تشكيل الحكومة لوحده، بدأت بوادر أزمة سياسية وقانونية كبيرة تحيط بالإقليم، تتمثل بآلية انتخاب رئيس الإقليم، التي ما زالت محل جدل وخلاف، وهل يتم حسمها بالأغلبية النسبية أم المطلقة، في ظل عدم وجود دستور خاص بالإقليم، من شأنه أن ينظم ذلك، إذ يطالب الحزب الديمقراطي الكردستاني، بتمرير المناصب وفق الأغلبية النسبية، حيث يذهب منصبا الرئيس ورئيس الحكومة لحزبه، ورئيس البرلمان للاتحاد الوطني، الأمر الذي يرفضه الأخير، ويهدد باللجوء للمحكمة الاتحادية.
ويقول الخبير في الشأن القانوني، بكر حمه صديق، إن “ما ينطبق على رئاسة الجمهورية، ينطبق على رئاسة إقليم كردستان، فرئيس الإقليم يحتاج إلى أغلبية الثلثين، وهذا الأمر سيعقد المسألة ويؤخر تشكيل الحكومة”.
وبحسب النتائج الأولية، جاء الحزب الديمقراطي الكردستاني أولا، بحصوله على 39 مقعدا، وبعده الاتحاد الوطني بحصوله على 23 مقعدا، والجيل الجديد بـ15 مقعدا، ثم الاتحاد الإسلامي الكردستاني بـ7 مقاعد، وتيار الموقف بـ4 مقاعد، وجماعة العدل الإسلامي بـ3 مقاعد، وجبهة الشعب بمقعدين، فيما حصل كل من حركة التغيير، وتحالف إقليم كردستان على مقعد واحد لكل منهما، بينما حصلت المكونات من المسيحيين والتركمان على 5 مقاعد.
وهذه النتائج، لم تمكن أي حزب من الحصول على الأغلبية داخل برلمان كردستان والبالغة 51 مقعدا، والتي يتمكن من خلالها من تشكيل الحكومة وتسمية الرئاسات داخل الإقليم.
ويضيف صديق، أن “الخطوة الأولى لبرلمان كردستان، هي تسمية رئيسه، الذي يحتاج لأغلبية النصف زائد واحد، وبعدها فتح باب الترشيح لتسمية رئيس الإقليم خلال 30 يوما، وهنا يحتاج للأغلبية المطلقة، وهي موافقة ثلثي أعضاء البرلمان، ويبلغ عددهم 67 نائبا من المجموع الكلي”.
ويشترط انتخاب رئيس الجمهورية، نصاب ثلثي عدد النواب، وهو ما فشل التحالف الثلاثي (الذي كان يضم التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب تقدم) في عام 2021 بتحقيقه.
وعلى خلاف ذلك، يرى الخبير القانوني ريبين أحمد، أن “إقليم كردستان لا يوجد فيه دستور، والمادة 17 من قانون رئاسة الإقليم حددت انتخابه بأغلبية الأعضاء، دون أن تحدد كونها مطلقة أو نسبية”.
ويوضح أحمد، أنه “في الدورة السابقة، تم انتخاب رئيس إقليم كردستان بأغلبية نسبية، وبما أن الإقليم لا يوجد فيه دستور، فإنه حاليا يعتمد على قانون رئاسة الإقليم، وبانتظار البرلمان المقبل لتشريع الدستور الخاص به لحل كل هذه الإشكاليات القانونية”.
ويسيطر الحزب الديمقراطي الكردستاني حاليا، على رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، وهذه المناصب يعدها سيادية ومن حقه، فيما هدد الاتحاد الوطني بأن يغير الأدوار بعد هذه الانتخابات بحصوله على أحد المنصبين.
وتأجلت الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان أربع مرات منذ قرابة عامين بسبب الخلافات السياسية إذ كان من المزمع إجراؤها في العام 2022.
من جانبه، يبين عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم، أن “رئاسة الإقليم تختلف عن رئاسة الجمهورية كليا، ورئيس إقليم كردستان يحتاج لموافقة الأغلبية البسيطة، وهي النصف زائد واحد داخل البرلمان”.
ويؤكد كريم أن “الحزب الديمقراطي يستطيع تشكيل الحكومة وحده مع بعض الأحزاب الصغيرة الأخرى، ويصل إلى 51 مقعدا، ودون الاتحاد الوطني”، مبينا أن “الاتحاد بات يطرح قضية الأغلبية المطلقة لموضوع رئاسة الإقليم، لغرض ابتزاز الحزب الديمقراطي، بهدف الحصول على منصب الرئاسة أو مناصب أخرى سيادية”.
ويلفت إلى أن “الاتحاد الوطني قد يلجأ لخيار المحكمة الاتحادية لحسم هذه الخطوة، ولكنه يعرف بأنه هو الخاسر، كون قرار المحكمة سيتأخر وبالتالي ستستمر حكومة مسرور بارزاني بإدارة الإقليم وسيكون هو المتضرر الأكبر”، مضيفا أنه “بالتالي، ليس أمام الاتحاد الوطني سوى القبول بالواقع، والمشاركة بالحكومة مع أخذ مناصب رئاسة البرلمان ونواب رئيس الإقليم، ونائب رئيس الحكومة، وعدد من الوزارات، والسماح بتشكيل الحكومة بسلاسة، احتراما لرغبة المواطن والرغبة الدولية وعدم اللجوء للتعطيل”.
والحزبان الكرديان الحاكمان، يتقاسمان النفوذ في مدن الإقليم، فالديمقراطي يسيطر على محافظتي أربيل ودهوك، فيما يسيطر الاتحاد الوطني على محافظتي السليمانية وحلبجة، كما أن الحزبين يتقاسمان النفوذ في أغلب المناصب الأمنية والاقتصادية، حيث يمتلك الحزب الديمقراطي جهاز آسايش وقوات بيشمركة خاصة به، ومثله الاتحاد الوطني.
يشار إلى أن الاتحاد الوطني، المدعوم من الإطار التنسيقي، حصل على مناصب مهمة في كركوك ونينوى، بينها منصب محافظ كركوك، فيما يتمتع الحزب الديمقراطي، بالكثير من النفوذ في المناطق المتنارع عليها خارج الإقليم.
وردا على ذلك، يذهب عضو الاتحاد الوطني الكردستاني برهان الشيخ رؤوف، إلى أن “المحكمة الاتحادية هي الفيصل، ومن حق أي حزب يجد نفسه مظلوما، أن يلجأ إليها”.
ويستطرد رؤوف، أن “المحكمة الاتحادية، سبق وأن حلت الكثير من القضايا الخلافية، في العراق وإقليم كردستان، واللجوء لها ليس جريمة أو عيبا، وسبق للديمقراطي أن لجأ إليها أيضا”، مؤكدا أن “موضوع تسمية الرئاسات ما زال مبكرا الحديث عنه، وبانتظار حسم النتائج النهائية، ولكن الاتحاد الوطني لن يرضى هذه المرة بأقل من استحقاقه، كون الديمقراطي لم يحصل على الأغلبية، وهو من سيكون بحاجة إلينا”.
يذكر أن الحزب الديمقراطي، يعتبر القوة الأكبر داخل الإقليم الكردي، وهو الذي يتصدر المشهد الانتخابي باستمرار، وحصل في آخر انتخابات لبرلمان الإقليم، أجريت في أيلول عام 2018، على 45 مقعدا، فيما لم يحصل الاتحاد الوطني على نصف عدد مقاعد البارتي، واكتفى بـ21 مقعدا.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة
- سعر النفط بموازنة 2025.. طبيعي أم يؤدي لأزمة؟