غطى التوتر الإقليمي، على قضايا سياسية داخل العراق، اعتبرت لفترة قريبة، قضايا مصيرية، أبرزها انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، خلفا للمقال محمد الحلبوسي، ما عده مراقبون، بمثابة استغلال وتوظيفا من قبل الكتل السياسية للحرب الدائرة في المنطقة، لكن ترجيحات مدعومة من نواب ومراقبين أشّرت إلى إمكانية حسم المنصب “بشكل مفاجئ”.
ويقول النائب عن الإطار التنسيقي محمد الزيادي، إن “ما يجري في لبنان وعموم المنطقة من تصعيد خطير، بالتأكيد أثر بشكل كبير على الكثير من الملفات السياسية الداخلية، ومنها انتخاب رئيس مجلس النواب”.
ويضيف الزيادي، أن “كل القوى السياسية ومجلس النواب والحكومة العراقية تعمل بشكل حقيقي وجاد من أجل إبعاد العراق عن دائرة الصراع ومنع أي انتهاك لسيادته أو تهديد أمنه القومي، وهذا الأمر أشغل الجميع خلال الآونة الأخيرة وحتى هذه اللحظة”.
ويؤكد أن “القوى السياسية وخاصة الإطار التنسيقي، عازمة على حسم رئاسة مجلس النواب، لكن الخلافات السياسية ما بين القوى السنية ما زالت مستمرة وقائمة دون أي حلول، والكل يعلم صعوبة عقد أي جلسة انتخاب دون التوافق السني- السني، والحوارات شبه متوقفة بسبب التطورات الأخيرة، وربما خلال الأيام المقبلة، تعاود الحوارات مجددا على أمل حسم الملف قريبا”.
ويختم النائب عن الإطار التنسيقي، قوله: “لا توجد أي نية لدينا لعرقلة انتخاب رئيس البرلمان، بهدف الإبقاء على محسن المندلاوي رئيسا بالنيابية، فهذا الأمر حتى المندلاوي نفسه لا يريده، والكل مع الإسراع بحسم الملف، لكن أساس المشكلة وكل هذا التأخير الصراع السني – السني”.
وتمتد أزمة رئيس البرلمان، لشهر تشرين الثاني 2023، عندما قررت المحكمة الاتحادية العليا إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي على خلفية قضية رفعها ضده النائب ليث الدليمي اتهمه فيها بتزوير استقالة الدليمي من مجلس النواب، لينتهي الحكم بإنهاء عضوية الاثنين.
وفشل مجلس النواب، في 18 آيار الماضي، في اختيار رئيس جديد له، بعد أن أخفق في عقد جولة ثالثة حاسمة لترجيح كفة أحد المرشحين النائب سالم العيساوي عن حزب السيادة، ومحمود المشهداني المدعوم من حزب تقدم.
وتعيش المنطقة، توترا كبيرا، حيث دخلت إسرائيل بحرب مفتوحة في لبنان، فضلا عن توجيه ضربة إيرانية لإسرائيل، وهذا إلى جانب توارد معلومات عن نية إسرائيل بتوجيه ضربة للعراق، ردا على مشاركة الفصائل المسلحة بالحرب إلى جانب حزب الله اللبناني واستهدافها مواقع إسرائيلية.
من جهته، يبين الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي، أن “تأثير الحرب في لبنان كبير على العراق وأعتقد أنها أثرت على السلطات كافة، لكن في قضية انتخاب رئيس مجلس النواب فإن السبب يكمن في أن التحضيرات لم تنته، وإن كانت الأمور ذاهبة إلى اختيار مرشح الكتلة السنية الأكبر عددا وهو محمود المشهداني المدعوم من قبل أكبر قوى الإطار التنسيقي فضلا حزب تقدم، لكن تأثيرات الحرب وعدم وعدم جدية تقدم قد أثر على حسم هذه القضية”.
ويشير التميمي، إلى أنه “وبناء على ذلك، فإن الأيام المقبلة ربما تحسم هذه الإشكالية، إذا وافق رئيس حزب تقدم الذي اقترب من المحور الإيراني أكثر خاصة بعد حسم أزمة انتخاب حكومة ديالى وكركوك”، مضيفا أن “بعض أطراف الإطار لا تخفي رغبتها في إبقاء هذا المنصب لصالح محسن المندلاوي، باعتبار أنه له رمزية كبير وربما سيدعم شعبية المندلاوي، في الانتخابات القوية، كما أن بقاء هذا المنصب بيد المندلاوي، هو لصالح رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي، ولذلك أقول أن هناك تخادم وتعطيل لهذا المنصب لصالح الأطراف الأكثر عددا في البرلمان وهو حزب تقدم وقوى الإطار التنسيقي”.
ويتابع “فيما يبدو أن بقاء هذا المنصب شاغرا سيؤثر على صورة العراق، لذلك ربما يكون هناك حسم لهذه القضية بشكل مفاجئ، خاصة بعد أن دخل الحلبوسي، في تحالف جديد مع الإطار، ما جعله يحصل على أغلبية برلمانية مريحة، ولذا أقول فإن المشهداني، ربما يكون الأوفر حظا أو ربما يكون هناك اتفاق لفتح النظام الداخلي وتعديل المادة 12 منه، وكل ذلك هو فيه صالح الحلبوسي”.
ويعدّ منصب رئيس مجلس النواب من حصة السنة وفقا للعرف السياسي الدارج في العراق منذ تشكيل النظام السياسي بعد العام 2003، في حين يذهب منصبا رئيس الوزراء للشيعة، ورئيس الجمهورية للكرد.
ويحتاج التصويت على رئيس مجلس النواب، لنصاب النصف زائد واحد، من عدد مقاعد البرلمان، وهو ما لا تمتلكه القوى السنية، حيث يكون العدد 166 نائبا، كما لا يملك حزب تقدم صاحب أغلبية المقاعد السنية، سوى نحو 35 مقعدا.
إلى ذلك، يبين المحلل السياسي نزار حيدر، أن “القوى السياسية المنضوية في ائتلاف إدارة الدولة، الذي شكل حكومة السوداني، ظلت تماطل على مدى أكثر من عام في موضوع انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، ولقد كان واضحا أن يدا خفية تعبث بكل المحاولات والجهود لانتخاب رئيس جديد، وكانت نتائجها صفرية، وعلى الرغم من كل التوافقات الحزبية والكتلوية التي تم الإعلان عنها خلال الفترة الماضية، وعلى الرغم من التدخلات الخارجية الأمريكية والإيرانية والتركية والخليجية، إلا أن ما جرى لم يتجاوز الضحك على الذقون وإلهاء الرأي العام العراقي في إطار نظريات الابتزاز وتآمر بعضهم على البعض الآخر وسياسة ترحيل الأزمة”.
ويؤكد حيدر، أنه “جاءت التهديدات الحالية التي دخل فيها العراق طرفا لتشغل القوى السياسية عن الكثير من الملفات العالقة، والتي وجدوا فيها الفرصة الذهبية لإشغال العراقيين بما يتعرض له العراق ولتجميد هذه الملفات، منها العلاقة بين أربيل وبغداد، وتهريب النفط والعملة، وانتخاب رئيس مجلس النواب، وفضيحة النزاهة والقضاء، وخلية التجسس، والكهرباء والتعديل الوزاري”.
ويستطرد أن “كل القوى السياسية مستفيدة من الوضع الحالي هذه لانها غطت على فضائحهم ومنحتهم الفرصة الجديدة لتضليل الرأي العام، وبالتالي للاستمرار في منهجية الفساد والفشل وترحيل الازمات، ولولا هذه الأزمة الإقليمية لكانت الآن هناك أزمة ثقة من الشعب بهم”، مبينا أن “انتخاب رئيس جديد للبرلمان لم يعد له طعم، إذ لم يبق من عمر مجلس النواب الحالي سوى أقل من عام، ولذلك لم تعد القوى السياسية، السنية على وجه التحديد، متحمسة للموضوع”.
وتدعم كل من قوى “تقدم”، و”الصدارة”، محمود المشهداني، فيما تقف كل من “العزم”، و”الحسم”، و”السيادة” خلف دعم سالم العيساوي، مع انقسام واضح داخل قوى الإطار التنسيقي.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- سعر النفط بموازنة 2025.. طبيعي أم يؤدي لأزمة؟
- بعد الانتخابات.. أزمة قانونية وسياسية تنتظر الإقليم والبوصلة تتجه لـ"الاتحادية"