شهدت محافظات إقليم كردستان مؤخرا عدة محاولات اغتيال لشخصيات سياسية سواء من الحزب الديمقراطي الكردستاني أو الاتحاد الوطني الكردستاني وحتى الأحزاب الكردية الأخرى، يأتي ذلك وسط موجة الخلافات التي وصلت ذروتها ما بين الأطراف الكردستانية والتي استمرت منذ لحظة إجراء الانتخابات النيابية الأخيرة ولليوم الحالي، وهذا ما انعكس على جميع الأوضاع في الإقليم سواء الأمنية أو السياسية أو الاقتصادية.
وحول هذا الأمر يقول الناشط الكردي محمود الكردي، إنه “لا يوجد اغتيال سياسي لغاية الآن بمعنى الاغتيال ولكن يوجد عنف سياسي في إقليم كردستان وخاصة بعد الانشقاق وطرد لاهور شيخ جنكي من الاتحاد الوطني حيث شهدنا حدوث اغتيالات على مستوى الرأي السياسي والذي راح ضحيته أربعة أشخاص في قضاء رانية بمحافظة السليمانية”.
ويضيف “المشكلة هو أن النظام السياسي في إقليم كردستان يعاني من أزمة شرعية وثقة حيث المواطن لا يثق بحكومة الإقليم كما أن الأجهزة الأمنية والمخابراتية في كردستان لا تخضع لسيطرة الحكومة بل هي تابعة للأحزاب هناك، ولهذا من الطبيعي جدا أن يحصل انفلات أمني في كردستان”.
ويتابع “شهدت مناطق الإقليم مؤخرا عمليات اغتيالات عدة ولكنها لم تحدث بشكل ممنهج باستثناء رئيس الجيل الجديد شاسوار عبد الواحد الذي تعرض لإصابة شديدة في حينها، إضافة إلى حرق مقار الاتحاد الإسلامي الكردستاني في دهوك والبالغ عددها 22 مقرا، وهذه أيضا تدخل ضمن مفهوم العنف السياسي في الإقليم”.
ويؤكد الكردي “من يتحمل مسؤولية ذلك هما عائلة مام جلال (رئيس الجمهورية الأسبق جلال طالباني) والعائلة البارزانية (مسعود بارزاني رئيس الإقليم السابق) التي تتحمل الجزء الأكبر كونها تسيطر على الأجهزة الأمنية في كردستان”.
ويوم أمس الاثنين، نجا مسؤول الحزب الديمقراطي الكردستاني في إدارة كرميان التابعة لإقليم كردستان، أكرم صالح، من محاولة اغتيال بعبوة لاصقة كانت مثبتة أسفل سيارته.
وكان الأمين العام لحراك الجيل الجديد شاسوار عبد الواحد قد نجا من محاولة اغتيال في 26 تشرين الأول 2013، حيث هاجمه مسلحون مجهولون وأطلقوا النار عليه داخل سيارته قرب منزله في القرية الألمانية بمحافظة السليمانية، ما أدى إلى إصابته في الساق، كما تعرض عدة مرات للاعتقال بسبب مواقفه المعارضة للحزبين الحاكمين في إقليم كردستان.
من جانبه، يرى القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني برهان شيخ رؤوف، أن “مسألة الاغتيالات حصلت في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تعرض ترامب لمحاولة اغتيال، وهذا الأمر في المجتمعات الديمقراطية يحدث بشكل طبيعي”.
ويستدرك “لكن في العراق وفي هذا الظرف الانتقالي والانفتاح على الديمقراطية وعدم تعود معظم الأحزاب على هذا النظام وتقبل الرأي للآخر وأي خلاف بسيط في الفكر والتوجهات نرى اللجوء لمثل هكذا أفعال”.
ويلفت شيخ رؤوف إلى أن “هناك حاجة إلى ترسيخ هذا المفهوم وتعميق التعايش السلمي وتقبل الرأي الآخر بين المكونات والمجتمع وتلافي هذه الظاهرة الخطيرة، كما على حكومة الإقليم فرض سيادة القانون وأن يكون السلاح بيدها وعدم التدخل في السلطات القضائية وغيرها ومنع أي طرف من ممارسة الإرهاب والقتل والاعتداء على الخصوم السياسيين”.
ومؤخرا حدثت مجموعة من الاغتيالات في كردستان أبرزها حصلت في السليمانية 25 تشرين الثاني 2021، حيث تم اغتيال العقيد في قوات البيشمركة مراد كاني، المقرب من الرئيس المشترك المستبعد من الاتحاد الوطني الكوردستاني لاهور شيخ جنكي، وقبل ذلك بيومين اقتحم مسلحون مجهولون منزل كاروان علي شامار، أحد المقربين من لاهور شيخ جنكي، واعتدوا عليه بالضرب ومن ثم اقتادوه إلى جهة مجهولة على خلفية تحريضه متظاهرين على حرق مقر الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية.
إلى ذلك، يلفت المحلل السياسي الكردي شاهو قرداغي، إلى أنه “من الواضح أن هناك أطراف داخلية في إقليم كردستان تعمل على إثبات وجودها أو تأثيرها عن طريق الذهاب إلى العنف والعمليات الإرهابية أو إرسال رسائل معينة عن طريق اتخاذ طريق الفوضى، وهذا الأمر قد يؤثر سلبا على الاستقرار الأمني الذي يشهده الإقليم والذي بدوره سيكون له تأثير على الوضع الاقتصادي أيضا”.
ويشير إلى أن “الأجهزة الأمنية قادرة على تفكيك هذه الخلايا وملاحقة المتورطين بهذه العمليات وتقديمهم للعدالة خاصة مع وجود خبرة جيدة لدى هذه الأجهزة في التصدي لهذه الجماعات وقطع الطريق أمام الأطراف التي تعمل على زعزعة أمن الإقليم سواء لمصالح شخصية أو لتنفيذ أجندة خارجية”.
ويختم قرداغي بالقول “من المؤكد أن تدهور العلاقات بين الحزبين الرئيسين في كردستان يؤثر سلبا وبصورة مباشرة على استقرار الإقليم، وفترات ازدهار الإقليم كانت خلال فترات الوئام والعلاقات الإيجابية بين الطرفين، ولكن في كل الأحوال لا يمكن تبرير هذه العمليات التي تضرب الإقليم والمواطنين دون تمييز ومن المفروض وجود جهود مشتركة لمواجهة هذه المحاولات لزعزعة استقرار الإقليم”.
وشهدت محافظة أربيل في 7 تشرين الأول 2022، عملية اغتيال طالت العقيد في جهاز مكافحة الإرهاب التابع للاتحاد الوطني الكوردستاني هاوكار الجاف، بعد تفجير سيارته بعبوتين لاصقتين أثناء قيادة السيارة برفقة أُسرته.
واتهم مجلس أمن إقليم كردستان في حينها، رئيس جهاز مكافحة الإرهاب التابع للاتحاد الوطني الكوردستاني وهاب حلبجيي، بالضلوع في عملية الاغتيال إضافة إلى عدد من عناصر الجهاز.
وفي أربيل أيضا، اغتيل اللواء في وزارة البيشمركة، محسن محمد رشيد، في 28 حزيران الماضي، وهو زوج رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في مجلس النواب الاتحادي فيان صبري.
وفي السليمانية، تعرض القيادي البارز في الاتحاد الوطني الكردستاني ملا بختيار، في 28 تشرين الأول 2021، لمحاولة اغتيال بوضع السم في فنجان القهوة، وبعدها بساعات تعرض مدير آسايش السليمانية السابق وستا حسن نوري، إلى محاولة اغتيال بالسم أيضا، كما نجا القيادي السابق في الاتحاد الوطني عطا سراوي من محاولة اغتيال بواسطة تفجير سيارته في نيسان أبريل الماضي، في السليمانية.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- بعد الانتخابات.. أزمة قانونية وسياسية تنتظر الإقليم والبوصلة تتجه لـ"الاتحادية"
- بغداد تتهم وأربيل ترد.. هل تعود أزمة الرواتب بإقليم كردستان للواجهة؟
- ماذا وراء تأجيل التعديل الوزاري؟