- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الماء العكر لم تدم صلاحية التصيد فيه
بقلم: حسن كاظم الفتال
(يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) الأحزاب:70-71.
قبل كل شيء أشهد الله على أن ما أقوله ما هو إلا بيان للحقيقة وليس لي اية غاية أو هدف أو مآرب أو مصلحة معينة وهنالك أمور أتدرج بها:
الأمر الأول: ليس فينا من هو معصوم من الأخطاء أو محصن من الزلل وابن آدم مهما بلغ من المراتب أو المراحل فهو ربما يقترب يوما من شفا حفرة أو شفا جرف هار إلا ما رحم.
والتاريخ تزدحم سجلاته بوقائع وأحداث تعضد هذا القول. وقد جاء في قول الله تعالى: (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) ـ النساء /28 وكذلك قوله تعالى: (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)) ـ المعارج.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون
وربما يشير ظاهر منطوق تلك الآيات إلى أن الإنسان مجبول على تملك صفات أحيانا لا تتوافق مع اختياراته أو تأملاته.
ويحصل أن تتحكم الفطرة السليمة بروحية الفرد فتجعله يميز بين الصواب والخطأ. ومما لاشك ولا ريب فيه أن الإنسان معرض للبلاء والإبتلاء مما يجعله يكون عرضة لما لا يحب أن يكون فيه.
إنما هذا المعنى أو المفهوم إن صح التعبير به فهو لا يسوغ لنا أن نحث أو نروج أو نتعمد الخطأ.
الأمر الثاني: مما يؤسف له ومما هو معروف ومعلوم على أوسع نطاق أن الكثيرين منا شغله الشاغل الترصد وربما يتعدى ذلك للتشوق البالغ للتصيد بالماء العكر بل فينا من يعكر الماء الصافي ليسهل عليه التصيد والمثل الشعبي يقول: (يخبط الماي حتي يصيد سمچ) وهذه خصلة يمتاز بها الكثيرون من الناس وما يخفى ذلك على أحد.
ومما يؤسف له أن الكثير من المتصيدين والمترصدين يترصدون للأخطاء لا من أجل التقويم أو التصحيح إنما من أجل التشهير والشماتة بالخَطّاء.
الأمر الثالث: أنا لا اريد أن أكون مدافعا عن أحد ويشهد الله على ما أقول.
بعيدا عن السياسة وما لها وما عليها فالحديث فيها وعنها لا يجدي نفعا فلست بمتحدث عنها أو عمن تحدث عنها ولكن.
إن ما أثير في الآونة الأخيرة لما حدث داخل الصحن الحسيني الشريف وما يخص الأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة. بداية نقول: إن الأعداد التي اكتظ بها الصحن الحسيني الشريف مثلما يصعب عدها وإحصاؤها على المحصين من المؤكد إنه يصعب السيطرة عليها لغرض التنظيم وأحيانا تسبب إرباكا كبيرا للعاملين وخدام الإمام الحسين عليه السلام وخدام زواره.
خصوصا يحدث ذلك في أيام شهر محرم الحرام وبالأخص اليوم الأول عند مراسيم تبديل الراية، فقد ازدحم الصحن الحسيني الشريف كما يعلم ويشاهد الجميع ليس بأعداد بل بأمواج بشرية وحشود لا يمكن لمكان آخر بالمساحة نفسها أن يسعها وهذا ما يؤكد على صعوبة السيطرة ويتحتم على المسؤولين أخذ الحيطة والحذر من وقوع أي حدث مؤسف يسبب أذى أو أكثر من ذلك ويتحتم على كل إنسان يتمتع باي نسبة من الحرص أن يسعى لتجاوز وقوع أي حادث مؤسف كيف إذن بالمسؤول الذي يشعر بأن كل هؤلاء تحت قباء مسؤوليته وما يمسهم من ضرر يمسه.
فيزداد حرصا على تهيئة الأجواء المناسبة لهم وتوفير وسائل الراحة، وكل من يعمل داخل الصحن الحسيني الشريف هو مبلغ تبليغا ينطوي على تأكيد شديد من سماحة المتولي الشرعي وجناب الأمين العام وكل أعضاء مجلس الإدارة أن المنتسب خادم للزائر وما عليه إلا ان يوفر له أفضل الأجواء المناسبة لراحته.
ولكن بعض العاملين يحدث أن يصاب بالتعب أو الأرق فتخف عنده شدة التصبر أو تعتريه غفلة فيتصرف بسهوٍ أو بلا إرادية.
وقد حدث تدافع شديد وكاد أن يربك الجميع وعند تدخل بعض المنتسبين ومناداته على المحتشدين لتهدئتهم والطلب بالثبات في أماكنهم وعدم التدافع ظنَّ بعض المحتشدين ممن هم حوله بأنه يرفع صوته لزجرهم فبدا عليهم الامتعاض وحين شاهد الأمين العام الموقف وهو كان شديد المراقبة أشار إلى ذلك المنتسب للكف والإبتعاد عن الزوار لكن كانت إشارته حادة وبزجر إلى المنتسبين من أجل أن لا يتكدر أي من زوار الإمام الحسين عليه السلام.
وحدث ذلك قبل أن يلقي السيد رئيس الوقف الشيعي كلمته ولا يوجد أي ربط أو أي توافق بالوقت مع إلقاء الكلمة
ولكن بعض المتصيدين بالماء العكر سعى لأن يدمج الإشارة ليجعلها تعطي مفهوما آخر وهي ليست كذلك .
وإن الطريقة وحركة الجسم والإيماءة والإنحناء اثناء الحركة تدل على أن هنالك شخصا مُخاطبا ولا علاقة للحركة بالجمهور فضلا عن اختلاف الوقت.
وأقول وأُشهِدُ الله ورسله وملائكته إني لم أقل ما يجافي الصدق والإخلاص وليس لي أي مآرب أو مصلحة شخصية إلا قولة الحق.
إن الأخ الأمين العام للعتبة الحسينية المقدس من عقدين من الزمن سعى لأن يبذل جهدا مضنيا وبخدمة حسينية شهد لها القاصي والداني وقد ساهم في إنجاز مشاريع خدمية إنسانية عملاقة تعجز عن إنشائها جهات كثيرة وأدى دورا فاعلا في مجالات عديدة.
فهل يصح لإشارة أو إيماءة بوقت حرج (مفبركة) مقصودة أن تُغَيِّبَ كل ذلك الجهد الجبار ؟
ونذكر: كثيرا ما نجد أن المسؤول سواء على مؤسسة او منظمة او أي إدارة ربما تسول له نفسه أن يتعالى ويتحاشى التماس مع الناس البسطاء أو الوقوف وسطهم.
إما هنا وفي هذا المكان المقدس والمشهد المعظم فإن عظمة الإمام الحسين عليه السلام والصدق والإخلاص بخدمته جعلت أن يقف المسؤولون في مقدمتهم المتولي الشرعي للعتبة الحسينة المقدسة والأستاذ الأمين العام للعتبة كما يقف أي فرد بسيط لخدمة زوار الإمام الحسين عليه السلام وأن يشارك بنفسه بالتنظيم أو بخلق أجواء جيدة مناسبة لراحة الزائر الكريم وكسب الأجر والثواب.