- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أيهما أقل ضرراً: ترامب أم بايدن؟
بقلم: كرم نعمة
لم يزل دونالد ترامب سيجارة ضارة، لكن تدخينها وإدمانها والإعلان التلفزيوني عنها يجلب المنافع في نهاية الأمر، لذلك مازال وسيبقى موضع إدمان الجمهور ووسائل الإعلام عليه، وهذا لايعني مطلقا أن جو بايدن أقل ضررا منه.
ولأن المناظرة التلفزيونية مساء الخميس الماضي كانت إحدى أكثر المناظرات الرئاسية دراماتيكية منذ عقود، فإنها تمثل لنا نحن من نهتم بتحليل المضمون درسا صحافيا مفيدا. ومع أن بعض المتشائمين الذين لايثقون بوسائل الإعلام، يصفون نتائج المناظرات التلفزيونية بأنها وسيلة لإنتاج الجهل في عقول الناخبين! إلا أن كلمات مثل الاعتناء باللغة ورباطة الجأش والثقة بالنفس واختيار توقيت المبادرة وإشارات الجسد، بات على المرشحين للانتخابات أن يضعوها في أولويات حملاتهم، وتلك كلها مادة لصناعة قصص صحافية لا تفقد قيمتها مع الوقت. تماما مثل صلافة ترامب وهزالة بايدن!
فمن يضع الحل: السياسيون أم وسائل الإعلام القوية المؤثرة، أم الاثنان معا!
يمكن أن نجد شيئا من الإجابة في مناظرة بايدن وترامب، فالسياسي الذي يفتقد إلى معرفة غرائز وسائل الإعلام في النظم الديمقراطية سيسقط حتما إن خاض المناظرة أو لم يخضها.
لا تلعب وسائل الإعلام الأميركية مع خيار الناخبين، بقدر ما تصنع قصتها التي تجني منها الأموال، لذلك تبدو أكثر من سعيدة ومحتفلة بما يحصل.
كذلك ينصح خبراء الإعلام بمشاهدة المناظرة التلفزيونية بين المرشحين من دون صوت كأفضل طريقة للتركيز على ملامح المتناظرين لاكتشاف دلالة تعابير الوجه كمعادل جدير بالوفاء لدلالة الكلمات.
لكن الحقيقة أنه منذ أن دخلت حملات الانتخابات الرئاسية الأميركية عهد التلفزيون عام 1960 مع المناظرة بين جون كينيدي وريتشارد نيكسون، بات الشكل بأهمية الجوهر.
كان النقاش شخصيا في مناظرة بايدن وترامب التي شدت ملايين المشاهدين حول العالم لأنها لا تكتفي بالشأن الداخلي الأميركي، فديمقراطية الوصول إلى البيت الأبيض عندما تمرض، تصل أعراض ذلك المرض إلى العالم برمته.
أقول كان النقاش شخصيا أكثر منه سياسياً. وتلك لعمري قصة مثيرة للشغف في الصحف والتلفزيونات عالية المسؤولية منها والأقل حساسية في الصناعة الإخبارية.
فعندما صعدا على خشبة مسرح المناظرة التي جرت من دون جمهور، لم يقترب بايدن وترامب من تقاليد مصافحة الخصوم. لذلك كان الميدان يتسع دقيقة بعد أخرى للكراهية المتبادلة خلال ليلة مليئة بالشتائم.
قال بايدن “إنك تمتلك أخلاق قطة الشوارع”. فحاول ترامب توبيخه بسبب سلوكه المفتقد للكياسة الرسمية قائلاً “دعنا لا نتصرف مثل الأطفال”. فرد بايدن قائلاً “أنت طفل، ومن الصعب المناقشة مع طفل وكاذب”، وهنا ليس من السهولة أن ينسى الأميركيون جملة رونالد ريغان وهو يسخر من صغر سن منافسه الديمقراطي آنذاك والتن ماندل، قائلا إنه لن يركز على كبر سنه ويستغل صغر سن منافسه وقلة خبرته!
فأي درس صحافي مثير يشكله هذا الجدل الأخرق بين زعيمين سيتسنى لأحدهما أن يشارك في صناعة مستقبل العالم؟
وسائل الإعلام الأميركية تشعر بما يمكن تسميته “الامتنان الداخلي” غير المعلن لمثل هذا الجدل الشائن حتى وإن صدر ممن وصفها بـ”إعلام غير شريف”، فمشاكسة وعنصرية ترامب ووهن بايدن سوق رائحة تستقطب الجمهور في نهاية الأمر، والحديث الذي يشبّه بإطلاق نار بين المتحاورين على الشاشات وخلف المايكروفونات الإذاعية الرافضة له، هو إعلام رائج ورابح وإن تنازل عن القيم والحساسية العالية.
غير أنه من الصعب معرفة ما إذا كانت المناظرة ستحدث تغييرا جذريا في بلد يشهد استقطابا سياسيا ساما. مع ذلك يقول جون كينج مراسل الشؤون الوطنية في شبكة “سي أن أن” الإخبارية “هناك الآن ذعر عميق وواسع وعدواني بشكل كبير، في الحزب الديمقراطي في أعقاب الأداء البائس لبايدن”.
لكن ماذا بشأن من يترقبون النهاية الوشيكة لترامب؟
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة
- الإجازات القرآنية ثقافة أم إلزام؟