- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حين تُستودع مصائر الكبار لدى أمزجة الصغار !
بقلم: حسن كاظم الفتال
تنويه للكبار برجاء المطلوبية!
أيها الكبار الفائقون عمرا وعقلا وعملا وتمرسا واكتسابا وخضرمة إن الصغارَ إذا جذبهم سراب التجبر واستهوتهم إبراقات خدعة التعاظم وتوهموا بأنهم الحكماء، حيثما لقيتموهم وريثما استطعتم أوقفوهم فإنكم مسؤولون. لا تيسروا لهم سلوك سبيل الاستبداد ليتخذوه ممرا آمنا ولا يستوحشون بالسير به فيصبحوا طغاة المستقبل فيستعصي حينها عليكم تقويم أمْتَهم.
لمحة نظام
القوة هبة من الله جل وعلا تتسلل للإنسان بين فيض النعم ليصبح متمتعاً بقوة وقدرة مطلقة يسخرها لإنجاز كل خير وصلاح؛ حين يكون كذلك ينعت بأنه قوي؛ وليس القوي صاحب الجسم الممتلئ وقوي الساعد والبارزة عضلاته المفتولة والظاهر حجم وقوة ساعده هذه قوة يمكن أن تزول يوما ما؛ إنما قوة الروح وسعة العقل وتوقد الذهنية واقتداح الذاكرة بزند معارف لا تشبهها الذاكرات الأخرى، ولعل من هو هزيل الجسم إنما تتوهج بكل قوة في روحه ونفسه وعقله ملامح الحكمة، فيكون قويا ناصع الوعي بتوهج إدراكه وسعته وتأجج ملامح الحكمة وجهرها في عمق كينونته يحتلب الثقافة ليرتشف الظامئون من شهد صافٍ عذب نقي يصلح أن يكون شفاءً للألباب المعتلة فيؤهله ذلك التوهج بجاهزية لتسلق ذرى العلم والثقافة والتفقه وامتلاك معارف.
يظن الصغار حديثو الإرتقاء لمنصة التولية أن القوة هي ما وصفت سلفا أو هي قوة المنصب الموهوب لهم توهما من زمن يهب مما يملك أولا يملك.
زمن توشح بالهفوات والنكبات والمتاهات فاقترب من اللا معقول إذ هو صار يولي الصغار أمر الكبار ويسلم المصائر لروقان الأمزجة.
زمن أشرع أبواب المنافسة على احتلال المراتب والهيمنة عليها بحق أو غير حق واللهاث خلف المغريات وأوهم الصغار بأنهم احق من سواهم وهو ليس بمحقٍ بذلك.
إنما نقول:
أيها الظان أنك بلغت أشُدَك وبغفلة الغافلين أوتيت الحكم صبيا لتستأثر بمصير الآخرين دون أن تفي بالعهد ولا تدرك أن العهد كان مسؤولا أغشى بصرك زهو الامتلاك وليس الصواب على مقربة منك
فأعلم
شاء القدر أن يعد لك متكأً هو كرسي دوّار تدور به لتنجز من اتكائك عليه ما تشتهي لنفسك.
فهو محاط بدقٍ ولواثة فاحذر لزاجتَه فإنها زائلة يوما لامحالة.
إياك أن تولي الكرسي ثقة ولائك المطلقة وتتخذ منه وليا حميما؛ فهو مطاع أثيم غير مطيع؛ احذر الاطمئنان والتسليم بالأمر التام لمغرياته فقد ساق الكثيرين زمرا إلى دهاليز الضياع.
بعد أن أغراهم بلزوجته وأوهمه بأنه ولي حميم في حين ظهر بأنه شرس في عداوته شهر بأوجههم عقوقه وأعلن التبرؤ منهم وتخلى عن كل وعوده ومغرياته وألقى بهم إلى وديان اللا هيبة واللا وقار ولا حصانة وحدا بهم حدو الشامت إلى متاهات النسيان فصاروا كأنهم شيء لم يكن مذكورا وكأن كل ما عملوا صار هباءً منثورا.
تذكر أيها الظان أو الواهم حين توليت أمر الكبار رغم صغرك مناهضا لكل أحقية فهؤلاء الكبار أرباب مبادئ وقيم وأخلاق وشيم دارت بهم رحى الزمن وطحنتهم التجارب فاكتسبوا منها مبادئ وقيما ومثلا عليا فصاروا روادا بكل التفاصيل فلا يحق لك أن تمارس كل مباح أو ما تجده يمنحك المتعة أو ما يحلو لك من التمنيات التي هي راس مال المفلسين.
تذكر بأنك لست إلا كفارة يدفعها هذا الزمن الأغبر عن معاصٍ ارتكبها الزمن الغابر؛ أو إنك دية أُجبر على تسديدها المتورطون الحائرون الذين هزمتهم الحيرة وأنهكهم تراكم المعضلات والنوائب فعجزوا من العثور على الوريث الشرعي؛ فأعدوا لك متكأً تستريح عليه أطلق عليه مؤخرا لقب (كرسي الحلاق) فهو كرسي مسلوبٌ من أهله الشرعيين وظن الواهبون أنك الأجدر في لملمة ما شتت الذين عن إخلاصهم ساهون وبالسبات العميق غارقون.
أجلسوك وكأنهم إنتدبوا الخطيئة لتلتف حول الكرسي الذي احتضنته بلهفة المذهول اللا متوقع وراق لك دبقه فظننت إنه أبدي اللزوجة.
وهم ظنوا عسى أن تحسن ترقيع ما يتمنون ترقيعه؛ فاتخذت من القلم سوطاً أهوجَ صلدا تجلد به علم كل عالم وصلاح كل صالح واصليت جلد الازدهار والانتعاش وكلما ينضج جلد التفاؤل تبدله بجلد اليأس ليتهرأ .
أوشكت أو ربما تعمدت أن تغتال كل همة تتقد في روح الساعي بكل إخلاص للإرتقاء بجوهر المضمون ببيان الأبعاد والمفاهيم والدعوة للتفوق والإزدهار، سعيت مبتكرا ما لم يبتكر الأسبقون والأقدمون طوع لك روقان مزاجك وانحسار الخبرة جنودا قساة ترجم بهم النمو والإفاقة لينسلخ الوعي من مكنوناته ويهوي على جرف هارٍ
لا حسن ولا تدبر إنما إجهاض وتذمر.
ختاما لنتذكر جميعا إن عدالة الإنسان إن اختلت في التعاطي وغمط الحقوق وبخسها وحق للبعض أن يشكك بها فإن عدالة السماء ستصيب الجميع لأنها قانون محتم لا مهرب منه ثابت التنفيذ والتطبيق، فما علينا إلا أن نجيد التفريق بين الخدعة والزيف وبين الحقيقة والصدق.
لنا أن ندرك مهما طال بقاؤنا في المواقع لابد أننا يوما لذاهبون، والتأريخ يدون ما نجيء من كل شاردة وواردة والتأريخ مدوناته لا ترحم.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!