"عاصمة النفايات"، هكذا يصف مواطنون وصحفيون مدينة الحلة، مركز محافظة بابل التي تضم أشهر المدن التاريخية عالميا، على الرغم من أنها كانت في طليعة المدن الحضارية المتحضرة في زمنها، بحيث أنها أغرت وجذبت الملك الأغريقي الإسكندر الأكبر ليتخذها عاصمة لملكه تاركا أثينا العاصمة اليونانية بما فيها من تقدم حضاري في ذلك العصر، وفيما يؤكد مختصون أن تراجع الخدمات في المدينة سببه منح شركات غير رصينة المشاريع الخدمية، يصف مسوؤلون محليون أن الحلة تشهد "ثورة خدمية".
ويقول الصحفي عيسى العطواني، إن "ما يحدث في محافظة بابل منذ عقدين من الزمن عار على كل الحكومات المتعاقبة والأحزاب التي شاركت في العملية السياسية في بابل والعراق عموما، وأجزم أن كل رؤوساء الوزراء لم يولوا بابل أي اهتمام".
ويضيف العطواني، أن "مدينة الحلة على وجه الخصوص منكوبة، وفي تراجع مستمر بالخدمات، فهل من المعقول أن مدينة عريقة مثلها مخدومة بالمجاري بنسبة 4 بالمئة فقط، فليس هناك أرصفة للشوارع بسبب تعاقب مجموعة من الفاشلين واللصوص على حكمها، وهذه هي النتيجة".
يشار إلى أن من أهم المشاريع الخدمية في الحلة، هو مشروع مجاري الحلة الكبير، المعطل منذ سنوات، حيث سبق لمجلس محافظة بابل الإعلان في العام 2014، عن إحالته إلى شركتين محليتين للتنفيذ بكلفة 400 مليار دينار، لكن لم يتم تنفيذه، لكن الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني أقرت الاستمرار بالتعاقد بين محافظة بابل وشركة (GCITS Babel Limited)، (ائتلاف الشركات) المشار إليها في قرار مجلس الوزراء (242 لسنة 2020)، بشأن عقد مشروع مجاري الحلة الكبير/ المرحلة الأولى.
بدوره يوضح عضو مجلس محافظة بابل رياض عداي، أن "مشكلة المحافظة وسبب التراجع الخدمي فيها هو منح المشاريع إلى شركات غير رصينة مثل شركة (نيم) التركية التي تعمل حاليا على تأهيل شارع 60، هذا الشارع الحيوي المهم الرابط يين بابل والمحافظات".
ويتابع "تتحمل حكومة بابل السابقة مسؤولية التعاقد مع الشركة التي تفاجئنا بأنها لا تملك أبسط مقومات العمل وهي الآليات، مما تسبب ببطء العمل خاصة وأن قيمة المشروع 42 مليار دينار، كما أن هناك انحرافا بجدول تقدم العمل بنسبة 10 بالمئة، وهذا مؤشر خطير على اعتبار أنه منذ 10 أشهر والعمل يتراوح في مكانه".
ويؤكد عداي "التراجع الخدمي في محافظة بابل يعود إلى الحكومة التنفيذية السابقة في المحافظة فمن خلال التدقيق لموازنة الأعوام السابقة تبين أن هناك أكثر من 30 مليار عادت إلى موازنة الدولة بسبب التأخير".
وتتكون مدينة الحلة القديمة من عشر محلات، سبع منها في الجانب الكبير الغربي عبر ما يسمى شعبيا شط الحلة، وهو فرع من فروع نهر الفرات، والمحلات هي الجامعين، والطاق، وجبران المهدية، والجباويين، والتعيس، والكراد، أما محلات الجانب الصغير (الشرقي) الثلاث فهي الوردية، والكلج، وكريطعة.
من جانبه، يشير مدير بلدية الحلة، أحمد الحربي، إلى أن "مدينة الحلة تشهد ثورة إعمار كبيرة وخاصة بعد إحالة مشروع مجاري الحلة الكبير المرحلة الأولى، وإحالة مشروع أيمن شارع 60، إلى التنفيذ، وفي حال إكمالهما سيكون تغييرا كبيرا في الواقع الخدمي، بالإضافة إلى إكمال أعمال البنى التحتية كافة من الكهرباء والماء والاتصالات وتعبيد الطرق".
ويردف "مدينة الحلة تشهد نقصا كبيرا في البنى التحتية، خاصة في السنوات الماضية وبعض المناطق مخدومة بالمجاري لكن تعاني الإهمال بالبنى التحتية، وقد أكملت بلدية الحلة أعمال البنى بقيمة 97 مليار دينار".
ويؤكد الحربي "ثورة الإعمار في المدينة تتضمن إعادة تأهيل المنطقة القديمة في السوق الكبير، وفتح شوارعها المغلقة منذ فترة طويلة بعد رفع التجاوزات، وإعداد كشوفات لإظهار شكلا معماريا جيدا للمنطقة، بالإضافة إلى الإكساء الحجري لشط الحلة، وكل آليات بلدية الحلة داخلة بالعمل لرفع الأتربة والأنقاض نتيجة هذه المشاريع بواقع وجبتيّ عمل صباحية ومسائية".
ويلفت إلى أن "هناك مشكلة في مجال التنظيفات بنسبة 40 بالمئة في بلدية الحلة، وبعد سلسلة من الاجتماعات بمعالجة الفجوة بخيار توفير آليات وتوفير موارد بشرية لكن موضوع التعاقد مع موارد بشرية وشراء آليات يحتاج وقت وتم استحصال موافقة محافظ بابل للتعاقد مع الشركات وفي طور إكماله".
ويختم بالقول "من المشاريع الأخرى المستحدثة هو مشروع الماء الخام كون مدينة الحلة تفتقر إليه، ما أدى إلى قلة المنتزهات والجزرات الوسطية، وحاليا نقوم باشرنا بحملة إعمار للجزرات الوسطية وتأهيلها بعد إنجاز مشروع الماء الخام".
يذكر أن فريقا بحثيا، أكد العام الماضي، تعرض شط الحلة إلى مستويات عالية من التلوث وأصبح مكباً للنفايات نتيجة رمي الكثير من فضلات الأسواق والخضر ومياه المحال والحيوانات الميتة، وكذلك المنظفات والمخلفات الطبية وفضلات المطاعم والعلب البلاستيكية والصفائح الكارتونية ومخلفات المنازل وغيرها، محذرا من استمرار التلوث البيئي للشط لأنه سيؤدي لامحالة إلى تفشي الأمراض الوبائية الخطيرة مثل السالمونيلا والتيفوئيد واي كولاي وغيرها من أمراض الجهاز الهضمي والكلى والجلدية والسرطانية.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- "فسطاط" تحدده المصادر التاريخية.. اين تقع خيمة حرب الامام الحسين في معركة الطف؟
- مزرعة للألواح الشمسية من 7500 دونم في بابل.. هل تنقذها من أزمة الكهرباء؟
- بابل تخلو من المساحات الخضراء والمتنزهات تغلق أبوابها أمام العوائل