ارتفاع وانخفاض سعر صرف الدولار في السوق المحلية، ترك آثاراً كبيرة على المستهلك، وبات فرصة للتجار كي يتلاعبوا بالأسعار، حسب رأي متخصصين بالاقتصاد، إذ أكدوا أيضا أن استقرار سعر الصرف وإن كان مرتفعاً، يعد أفضل من حدوث التذبذب، لأنه يعني ضعف اقتصاد الدولة وعدم استقراره.
ويقول الخبير الاقتصادي رشيد السعدي، إن "التذبذب في سعر الصرف يعتبر من العوامل الاقتصادية الخطيرة، وهذا يعني بأن البلاد غير مستقرة اقتصاديا".
ويضيف السعدي، أن "العملة الوطنية تمر بوضع صعب وضعف، بسبب التذبذب في سعر الصرف الدولار، وهذا بالتأكيد له نتائج سلبية على السوق المحلية، خاصة وأنه يؤثر بشكل كبير على عدم ضبط الأسعار في السوق بسبب المتغير اليومي في سعر الصرف، وهذا يدفع التجار إلى التلاعب بالأسعار".
ويشدد الخبير الاقتصادي، على أن "السلطة النقدية مطالبة بإجراءات سريعة من أجل ضبط سعر الصرف ووضع حد لهذا التذبذب، لما له من نتائج سلبية حتى على التقييمات الدولية بقوة اقتصاد العراق وقوة عملته الوطنية، فالاقتصاد القوي يكون ثابتا وغير متغير بشكل يومي".
وشهدت أسعار صرف الدولار في السوق المحلية، تذبذبا كبيرا خلال الأيام الماضية، حيث انخفض فجأة لـ148 ألف دينار لكل 100 دولار، وعاود الارتفاع سريعا لـ150 ألف دينار، ومن ثم استمر بالتذبذب حتى اليوم، حيث بلغ 153 ألف دينار لكل 100 دولار، بعد أن كان سعره قبل ما يقرب من أسبوعين نحو 157 ألف دينار.
وبين مدة وأخرى، تشهد السوق العراقية أزمة تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، بدأت بتغيير سعر صرف الدولار، ومن ثم الأزمة الروسية الأوكرانية، وارتفاع الدولار مرة أخرى خلال العام الحالي إلى مستويات قياسية.
يشار إلى أن دول جوار العراق، تشهد تحديد أسعار المواد الغذائية، سواء المستوردة أو المحلية، من قبل الدولة، فيما يخضع القطاع الخاص إلى عقوبات صارمة وغرامات كبيرة جدا في حال أقدمت أي سلسلة متاجر على رفع الأسعار، حيث تخضع جميعها لضوابط أجهزة رسمية متخصصة، ولا يمكن حدوث تلاعب بالأسعار، إلا في حالات الانهيار الاقتصادي أو حدوث اختلاف كبير بسعر صرف العملات مقابل الدولار.
إلى ذلك، يبين مستشار رئيس غرفة تجارة بغداد علي النصيفي، أن "التذبذب في سعر صرف الدولار، يعتبر أمرا طبيعيا في ظل الطلب والعرض المتغير بالسوق المحلية على الدولار، خصوصاً مع استمرار الحوالات السود إلى خارج العراق".
ويؤكد النصيفي، أن "التذبذب في سعر الصرف له تأثير سلبي على الاقتصاد، فهو يرفع من قيمة التضخم السلعي، خاصة وأن أغلب متطلبات السوق، وبنسبة تزيد على 90 بالمئة من السلع الأساسية لسلة المستهلك هي مستوردة بالعملة الصعبة".
ويلفت إلى أن "الإجراءات الحكومية وإجراءات البنك المركزي الأخير المختلفة، سيكون لها أثر ملموس على خفض سعر الدولار، وكذلك استقراره، ما يعطي قوة للاقتصاد، فلا يوجد اقتصاد قوي غير مستقر".
يذكر أن البنك المركزي العراقي، وجه في 20 من الشهر الحالي، المصارف بتمويل صغار التجار من تركيا بعملة اليورو، كما أعلن رئيس رابطة المصارف الخاصة وديع الحنظل، يوم الأحد الماضي، عن أن الأيام المقبلة ستشهد تقدما في تنفيذ الاتفاق بين بغداد وأنقرة بشأن تمويل التجارة الخارجية بالدينار العراقي والتسديد للمورد بالليرة التركية.
يشار إلى أن البنك المركزي، أعلن منتصف الشهر الحالي، عن اتفاقه مع وفد أمريكي على تلبية احتياجات البنك من شحنات النقد لعملة الدولار للعام المقبل، وذكر البنك أن وفدا منه أنهى اجتماعاته مع وفد الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ووزارة الخزانة الأمريكية في دبي، ما أثمر عن جملة من الاتفاقات تتعلق بدعم سياسات البنك المركزي في توجهه لدعم المصارف العراقية في تأسيس علاقات مع المصارف المراسلة والانتقال التدريجي لعمليات تعزيز الرصيد المسبق لحسابات هذه المصارف.
من جانبه، يبين الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش، أن "عدم الاستقرار بأسعار صرف الدولار وتذبذبها المستمر شبه اليومي، له تداعيات كبيرة على الوضع الاقتصادي وقوت المواطن".
ويشير حنتوش، إلى أن "الدولار يجب أن يكون مستقرا حتى لو كان هذا الاستقرار على ارتفاع، لكن التذبذب بالأسعار يمنح بعض التجار هامشا كبيرا في التلاعب بالأسعار في السوق المحلية، وهنا سيكون المتضرر الوحيد من كل ذلك هو المواطن"، مبينا أن "قوة أي اقتصاد تكون من خلال الاستقرار، وما يحصل في العراق من تذبذب بسعر صرف الدولار، يؤكد بأن وضع العراق الاقتصادي غير مستقر، وهذا مؤشر على أن الإجراءات الحكومية بهذه الأزمة لم تأت بأي نتائج حقيقية حتى اللحظة".
ومنذ مطلع العام الحالي، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل 100 دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه إلى نظام "سويفت" المالي الدولي.
وتستمر عملية تهريب العملة، على الرغم من الضوابط التي فرضها البنك المركزي على المصارف، وتتم عبر حقائب تنقل براً إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية، ويطلق عليها متخصصون بـ"الحوالات السود".
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- في حي البلديات ببغداد: تجاوزات ومعاناة من الكهرباء والمجاري ومعامل تلحق الضرر بصحة الناس (صور)
- المقاومة في لبنان تصدر ملخصاً ميدانياً: رفد الجبهات بالسلاح مستمر.. 95 قتيلاً للاحتلال وتدمير 42 دبابة
- فيديو:امناء عتبات العراق يعلنون مقترحا لقبول طلبة غزة بجامعات العتبات المقدسة والمساهمة ببناء ما تم تدميره