كشف مختصون في شؤون الطباعة والمطابع الاهلية ان مئة مطبعة فقط بقية من مجموع (982) مطبعة كان يزخر بها العراق قبل عقود، حيث كانت عجلة الطباعة تدور وفرص العمل تشغل الاف الايدي العاملة، مؤكدين ان التوزيع العادل لعقود طباعة المناهج الدراسية كفيل باعادة الحياة للمطابع وديمومة عملها، مذكرين ان طريقة طبع المناهج في السابق كانت على مدار السنة ولا تحدد بمدة (45) يوما، والاسعار والمناهج كانت ثابتة ولا تتغير.
خبرة (50) عاما
يستذكر الحاج موفق محيي ابو حمرة (63 عاما) صاحب شركة السعدون للطباعة بداياته في عالم الطباعة حيث دخله وعمره (12) عاما في مهنته اورثها لابنائه بعد ان توارثها من ابيه الذي دخل عالم الطباعة عام (1948)، لوكالة نون الخبرية ان" المطابع الاهلية في الوقت الراهن تقلص عددها، لان العمل سابقا كانت بشكل واسع كونه مرتبط بعمل شريحة واسعة من المعامل الصناعية العراقية التي كانت تعمل وتنتج وتحتاج الى المطابع سواء في تصنيع العبوات الكارتونية او اللواصق المعرفة بالمنتجات او غيرها، والان توقفت وكانت تلك المعامل تشغل بحدود (50) بالمئة من المطابع العراقية، وحسب ما ورد في كتاب تاريخ المطابع العراقية للكاتب حميد المطبعي فقد كان العراق يمتلك لغاية عام (1988) عندما تأسس الاتحاد العربي للصناعات الورقية (982) مطبعة اهلية، اغلبها كان في العاصمة بغداد ومقرها في شارع المتنبي ومنطقة الميدان ثم توسعت الى مناطق السعدون والباب الشرقي، ثم وزعت دائرة التنمية الصناعية قطع اراضي للمستثمرين من اصحاب المطابع فتوزعت في مناطق جرف النداف والوزيرية، بينما لا يتجاوز عدد المطابع اليوم (100) مطبعة".
طبع داخل العراق
ويستمر "ابو حمرة" بالقول "كانت المطابع تعمل على مدار (24) ساعة في اليوم، وتنفذ عقود طبع المناهج الدراسية والمصانع ودوائر الدولة التي كانت تطبع كل احتياجاتها داخل العراق ويمنع طباعة اي مطبوع خارج العراق، على عكس ما يجري اليوم حيث ترسل المؤسسات الحكومية وفود الى دول عدة لطبع ما تحتاجه، وبهذا العمل تقوم بحرمان المطابع العراقية من فرص العمل وتقوم باخراج العملة الصعبة من البلد دون وجه حق، وهو سلب لحقوق العمال الاهليين وايقاف للمطابع، لذلك عندما اصبح عمل وزارة التربية ضمن سياق المحاصصة الحزبية في العراق وحصرت عمليات الطبع بمطابع محددة ووضعت شروط البنك الدولي الصعبة التي لم يتعود عمل المطابع عليها والمتمثلة في تنفيذ عقود سابقة ووجود سيولة نقدية، وعلى سبيل المثال اذا اردت تنفيذ عقد بمليار دينار فيجب توفير مبلغ مليار دينار سيولة نقدية ليسمح لك بتنفيذ العقود، وكذلك التأمين على المشروع، بينما نعمل بطريقة الدفع بالآجل اثناء توفير الورق والمواد الطباعية، لذلك اغلقت كثير من المطابع ابوابها واعلنت افلاسها، كون طبع المناهج سنويا يحقق موارد يمكنها ادامة العمل واستمراره مع ما يطبع من امور اخرى".
العقود سابقا
ويوضح كيفية ابرام عقود طبع المناهج الدراسية سابقا بالقول ان" العمل سابقا كان في مديرية التجهيزات المدرسية ويدريها المرحوم كامل ابو رغيف وتوجد كتب معروضة ومثبت عليها الكميات المراد طبعها، وكان يعرف بالتحديد امكانية كل مطبعة وتوزع على الجميع ومن ينتهي من طبع ما بذمته يجهزها ويأتي ليأخذ عقدا آخر بكمية جديدة ويطبعها لان عمليات طبع المناهج الدراسية كانت تتم طوال ايام السنة مثل مطابع الاخلاص والانتصار وشركة السعدون، والاسعار محددة من قبل الوزارة بواسطة (Counter Pris) اي سعر العداد وهو سعر ثابت لكل ملزمة ملونة او عادية بعدد من الالوان اكثر او اقل دون منافسة او مناقصة، وكنا نكمل طبع الكتاب ونرسله الى دار الحرية لاحتساب الكلفة وهامش الربح وتسلم اجورنا، ودأبت المطابع على طبع الكتب لعام مقبل او عامين لان المناهج ثابتة والاسعار محددة والتخصيصات متوفرة وتجهز الى المخازن، لذلك لم يحصل نقص في توزيع المناهج الدراسية، حيث تصنف المطابع الى ثلاث فئات حسب المكائن والمعدات والامكانيات وتمنح على اساسها اجازة رسمية من قسم المطابع الاهلية في دار الحرية للطباعة، والتي جددت اخر اجازة لمطبعتي في العام (2002)، ليس كما يحصل اليوم فمن توفر له حاسوب وطابعة يسمي محله مطبعة دون اصدار اي اجازة رسمية، وكانت اعداد العمال كبيرة جدا تصل الى الالاف منهم الطباعين والصحافين والنقل والرزم".
قانون معطل
يتناول مجتبى الحسناوي اطراف الحديث ويقول لوكالة نون الخبرية ان" قانون المطابع معطل بالكامل والغيت الرقابة على عمل المطابع او نوع المطبوع والمخطوطات، بالغاء قسم رقابة المطبوعات في وزارة الاعلام"، مشيرا الى ان" طريقة الزام اصحاب المطابع بتقديم خطاب ضمان للبنك ادى الى قيام كثير من اصحاب المطابع الى رهن عقاراتهم او بيعها نتيجة عدم تمكنهم من الحصول على عقد لطباعة المناهج، وقد يتحمل رب العمل الخسائر لوجود ملكية متنوعة لديه، الا ان المتضرر الاكبر هم عمال الطباعة، الذين تقف خلفهم عائلات باكملها وهم من بغداد ومختلف المحافظات، ما اضطر الكثير منهم للعمل في البناء او مهن لا تليق بخبراتهم الطباعية، وينظر اصحاب المطابع الى حجم المبلغ للعقود للدخول الى المنافسة وهذا العام احيل الى المطابع الحكومية اكثر من نصف الكميات المقرر طبعها، وهو عكس ما وجه به رئيس مجلس الوزراء بان يكون التوزيع مناصفة، والحل الامثل في ديمومة عمل المطابع الاهلية وعدم اندثارها، هو بالتوزيع العادل لعقود طبع المناهج الدراسية بينها وبين المؤسسات الحكومية ، وكذلك احالة عقود طبع مختلفة لكثير من المؤسسات الحكومية مثل وزارات العدل والمالية والدفاع والصناعة والكمارك والضرائب التي تطبع ما تحتاجه خارج العراق، ورفع العروض التعجيزية عن المطابع الاهلية، واصدار امر ملزم من مجلس الوزراء بطبع كل ما تحتاجه المؤسسات الحكومية داخل العراق ومناصفة بين القطاعين العام والخاص بدل اخراج العملة الصعبة وفرض "كوميشنات" زائدة للوسطاء وحرمان عمال العراق من فرص العمل".
قاسم الحلفي ــ بغداد
أقرأ ايضاً
- نذر نفسه لمساعدة الناس: ام " الشهيد احمد" ..ولدي توسل بالحسين لنيل الشهادة ممزقا فكان له ما اراد
- يجريها فريق طبي عالمي مكون من (24) متخصص.. قلب الطفل "ايمن" من كركوك يعالج في مستشفى زين العابدين الجراحي
- لرعاية النازحين :العتبة الحسينية تفتتح مركز رعاية صحية في مستوصف الرسول الاكرم في لبنان(فيديو)