في جوف الليل استقل سبعة من ابناء منطقة التنومة في محافظة البصرة دراجاتهم الهوائية ليقصدوا مدينة كربلاء المقدسة، بينهم عمال بناء وطلبة، وبعضهم اقترض الدراجة، يؤكدون انهم يسيرون بطاقة عجيبة تولدت من حب الامام الحسين (عليه السلام)، وعلى بعد مسافة قريبة منهم يمر موكب دراجات هوائية آخر يستقله رجال تعدت سنين عمرهم العقد السادس، لكنهم قدموا من ايران ليقصدوا ابي عبد الله الحسين (عليهم السلام)، ورغم انهم يستقلون الدراجات الهوائية ويختصرون وقت الوصول الى كربلاء الشهادة، الا انهم يؤكدون ان الجهد الذي يبذلونه يعد كبيرا لانه يحتاج الى عضلات قوية.
تخلوا عن الصيانة
وقف "حسنين سمير" من منطقة التنومة بقضاء شط العرب في محافظة البصرة مع رفاقه الستة مستعدين للانطلاق في طريقهم الى كربلاء المقدسة ويسرد لوكالة نون الخبرية رحلتهم بالقول " كنا نذهب الى محافظة النجف الاشرف بالسيارات ومنها نذهب سيرا على الاقدام الى كربلاء المقدسة، وقبل ثماني سنوات قررنا انا ورفاقي ان نذهب بالدراجات الهوائية من البصرة الى كربلاء المقدسة، وقمنا بشراء الدراجات الهوائية وكان سعر الواحدة (75) الف دينار، ومنذ سنوات يكون انطلاقنا مكون من (5 ــ 7) زوار، ونصل الى كربلاء المقدسة بخمسة ايام فقط، واحدى السنوات سرنا لساعات طويلة يوميا، ووصلنا الى كربلاء المقدسة خلال ثلاثة ايام، ونسير من (8 ــ 9) ساعات يوميا، ولاننا نحتاج الى الحفاظ على دراجاتنا الهوائية فلدينا (معازيب) بمناطق الهوير وسوق الشيوخ والسماوة والديوانية والحلة، وتجمعنا بهم علاقات صداقة ونبيت عندهم كل موسم زيارة، وكنا في السنين الاولى نجلب معنا عدد ومستلزمات صيانة واطار وتيوب احتياط ، ولكن في السنوات الاخيرة لم نعد نجلبها لان اصحاب المواكب اصبحوا يوفرون لنا كل تلك الامور دون سابق معرفة بيننا، وعلى سبيل المثال تعطلت دواسة احدى الدراجات فوقفنا عند موكب في جوف الليل وقام باعادة ربطها باللحيم".
تشجع الاخرون
الفكرة ولدت ارتياحا لدى الكثيرين فخرجوا معن، هكذا يصف سمير من يعرفهم، ويضيف ان "عدد من القاصدين بالدراجات موجودين منذ الانطلاقة الاولى اما الاخرين فيتبدلوا كل عام لان الكثير من شباب منطقتنا اعجبتهم الفكرة واصبحوا يذهبون معنا، وفي محافظة كربلاء المقدسة نبيت في احد بيوت اقاربنا مع دراجاتنا، ونعود الى البصرة بالسيارات التي تحمل دراجاتنا وتقلنا الى ديارنا، ونحن مجموعة من الطلبة او منتسبين في الحشد الشعبي وانا مدرب في قاعة رياضية، واستطيع القول ان السفر بالدراجة اكثر تعبا لانه يضغط على العضلات، ونشارك خلال مسيرنا في الشعائر الحسينية، ويكمل الحديث لوكالة نون الخبرية زميله "علي نجم" بالقول ان " الكثير من قاصدي كربلاء المقدسة بالدراجات الهوائية لا يملكون دراجة هوائية، وفي منطقتنا ثلاث اشخاص من كبار السن يعطوهم دراجاتهم الهوائية سنويا ليذهبوا بها ويعودوا الى البصرة لمساعدتهم ونيل الاجر والثواب، وانا احدهم لان مهنتي عامل بناء وعندي عائلة، والسير الى كربلاء المقدسة لمدة اسبوعين يؤثر على دخل عائلتي، فلجأت الى الدراجة الهوائية بعد ان اعمل انا واصدقائي ونجمع مبلغا من المال نعطيه لعائلاتنا قبل الرحيل، بينما يرى زميلهم "حيدر مطشر" في حديثه لوكالة نون الخبرية انه" ليس رياضيا وعنده زيادة بالوزن وكان يتعب كثيرا خلال السفر بالدراجة الهوائية، لكنه الان استفاد كثيرا منها وقد سبقه اخوه الى الدراجة الهوائية فاستقطب وهو استقطب صديقه ويشعر بطاقة كبيرة ونقصان الوزن".
من طهران
مر من امامنا خمس اشخاص كبار السن يقودون دراجات هوائية في منطقة القرنة قاصدين كربلاء المقدسة ومن سحنتهم عرفنا انهم من ايران فيقول "مصطفى فاطمي " لوكالة نون الخبرية انهم" خمس اصدقاء متقاعدين كانوا يعملون في احد المصارف الايرانية، يأتون الى زيارة ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) بالدراجات النارية منذ عشرون عاما من العاصمة الايرانية طهران، وينطلقون من طهران الى محافظة البصرة وذي قار والمثنى والقادسية ثم يعرجوا على محافظة النجف الاشرف، وبعدها يدخلون كربلاء المقدسة لاداء الزيارة الاربعينية، ثم يذهبون الى بغداد حيث يزوروا مرقد الامامين الكاظمين (عليها السلام) وبعدها ينطلقون الى مدينة سامراء المقدسة لزيارة الامامين العسكريين (عليهما السلام)، ويقضون في سفرهم من طهران الى كربلاء (14) يوما حيث يسيرون (9) ايام في طريق طهران الى منفذ الشلامجة، بينما يقضون مسيرة (4) ايام في الطريق من منفذ الشلامجة الى مدينة كربلاء المقدسة، ويقطعون يوميا خلال سيرهم مسافة (200) كيلومترا داخل الحدود الاراضي الايرانية، بينما يقطعون مسافة مئة كيلومتر داخل الاراضي العراقية بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ويسيرون بمعدل ثماني ساعات يوميا، ويبيتون في دور اصدقاء عراقيين ويتناولون الطعام في المواكب الحسينية الخدمية، وتكون عودتهم عبر منفذ مهران المحاذي لمحافظة واسط، ثم يعودوا الى مشهد وطهران ويقطعون بحدود (3500) كيلومترا، ويحملون كل عدد الصيانة لدراجاتهم الهوائية".
قاسم الحلفي ــ البصرة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة
- المجلس الشيعي الاعلى في لبنان: السيد السيستاني الداعم الاقوى والاكبر للشعب اللبناني في هذه المرحلة المصيرية(فيديو)
- شملت الاطفال والنساء : وفد العتبة الحسينية في سوريا يوزع وجبة ثانية من الملابس الشتوية على العائلات اللبنانية